هل شعرتم فجأةً أن كل الأشياء التي تعلمتموها وآمنتم بها وصدقتموها لم تكن صحيحة؟ أشياءً في البيت، في الحي، في المدرسة، في الشارع. 

هل فكرتم في أن أغلب الأفكار والقناعات التي تدافعون عنها هي ليست لكم؟

هل تعلمون يا أصدقائي أن من الناس من هو مستعدٌ للموت دفاعًا عن أفكارٍ ليست له؟ 

فلماذا قد نجد أناسًا يتمسكون بأفكارهم بكل هذه الشراسة؟ رغم أنها قد تكون خاطئة؟ 

ولماذا أغلب الناس لا يجرؤون على مواجهة أنفسهم وإعاد النظر في كل الأشياء التي تعلموها من قبل؟

إن ولادتنا الأولى لا نختارها نحن، وكل ما نصبح عليه، إنما هو مرتبطٌ بالبيت والبيئة التي كبرنا فيها، والأشياء التي سمعناها، أو تلقّيناها من المكان الذي ولدنا فيه، وإن أغلب قناعاتنا هي أشياء نحفظها وتم ترسيخها في عقولنا وتخزّنت في لاوعينا، ثم وجدنا أنفسنا نتصرف بما يخدم هذه القناعات.

ولكن ماذا نفعل عندما نمتلك من الوعي ما يسمح لنا بالاختيار؟

الكثير من الناس عند هذه المحطة يخافون من التفكير كما لو أنه جُرمٌ، وهناك من يشعرون بالكسل ويُفضّلون اليقين الأعمى على إعادة النظر والفهم، ولكن هناك أيضًا الشجعان، الذين ما أن يبدؤوا بالصحو حتى يُعيدون النظر في كل شيء لكي يولدوا مرةً أخرى، ولكن من رحم وعيهم. 

يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت عن رحلته من الهدم إلى البناء:

"تبين لي قبل فترة أنني تلقيتُ منذ نعومة أظافري طائفةً من الآراء الخاطئة ظننتها صحيحة، ثم اكتشفتُ أن ما بنيته بعد ذلك على مبادئ تلك الآراء، حالها من الاضطراب لا يمكن أن يكون إلا أمرًا أشكُ فيه كثيرًا وأرتابُ منه، لهذا قررتُ أن أحرر نفسي جديًا، مرةً في حياتي، من جميع الآراء التي آمنت بها قبلًا، وأن أبني أسس جديدة على أرضٍ أكثر صلابة ".

وماذا عنكم أيّها القُرّاء الأحبّة:

هل تُدركون مثلي ضرورة أن نولد مرة أخرى من وعينا ونُعيد النظر في كل ما تعلمناه وأن نبلغ الأشياء بأظافرنا نحن لا بما أخبرنا إياه الآخرين؟ 

أم أن الخروج عن القاعدة أمرٌ شاق ولا يستحق كل هذا الجهد والعناء؟