لماذا يعتبر الظلم بمعناه المطلق غير أخلاقي ؟
لا أريد ضرب الأمثلة كي يبقى النقاش في لب الفكرة. افترض من عندك أي مثال لا ينكر مجموع البشر في أي عصر أنه عمل ظالم.
ما دمت تتحدث عن الظلم بمعناه المطلق فأستحدث بالمفاهيم المجردة لمعنى الظلم.
الظلم لا يكون متاحا لأن يوجد إلا عندما يكون لدينا اثنين من الأمور الموجودة بمعنى ما نقطتين. ان لم يكن هناك شيء آخر موجود يعني هناك موجود واحد فإن الظلم لا يمكن أن يوجد كمفهوم أو كواقع.
وبما أن الكون موجود وفيه العديد من الكيانات المنفصلة عن بعضها ومن بينها البشر فإن الظلم يعني ان يستبيح كيان 1 جهة يملكها الكيان 2 بمعنى ان الكيان 1 يدخل في حيز يملك الكيان 2 صلاحيته.
وانا لا اعني بالحيز هنا المفهوم المكاني والجغرافي بل اعني الحيز كل شيء عقلاني من الذرة للمجرة لذلك تنطبق على القاعدة اعلاه كل شيء من دخول دولة اجنبية لاراضي اخرى إلى استخدام فرد من عائلتك لفرشاة اسنانك التي لا تخصه.
لكن لماذا هذه الاستباحة غير أخلاقية؟ وهنا ناتي لجواب سؤالك لماذا الظلم غير اخلاقي؟ لكن المقدمة اعلاه ضرورية لشرح فكرتي.
الظلم غير أخلاقي لأنه يفسد التوازن الضروري للأمور والأشياء كي تؤدي مهمتها. وفي هذا المستوى الظلم والفساد يشتركان في التعريف إلا ان الظلم متعلق كثيرا بالكيانات العاقلة، لكن لما نتكلم بشكل مجرد فإن الظلم في مستواه الادنى فساد. لكن عندما نصعد لنتحدث عن الكائنات البشرية يتعقد هذا الفساد فيصبح ظلما.
لكن لماذا يعد (افساد التوازن الضروري للامور والاشياء) والذي يساوي الظلم امرا لا اخلاقيا؟
الجواب لأن الاخلاق منظومة مكونة من عدة عناصر مهمة من بينها العدل فالعدل من الاخلاق الالهية المعروفة والانسان مطالب بها أيضا ومأمور بها. فالظلم ينقض عنصرا من المنظومة الاخلاقية يسمى العدل ولذلك هو لا أخلاقي. اما لو تعمقنا وقلنا مثلا لماذا العدل مكون من مكونات الاخلاق ككل؟ فذلك موضوع آخر.
قلنا مثلا لماذا العدل مكون من مكونات الاخلاق ككل؟
وإذا قلت مثلا لماذا العدل مكون من مكونات الأخلاق ؟
دُلني على مقالات أو كتب -إن أمكنك:)- أستطيع الإستزادة منها، فإني لا أريد أن أتعبك بكتابة تعليق.
وشكرا كثيرا على تعليقاتك المليئة -دائما- بالفائدة.
هذا ليس جوابا انت قلت ان الظلم غير اخلاقي لأنه يفسد التوازن اذا ماهو التوازن و اذا كنا نفسد التوازن فالنسبة لمن يكون هذا الافساد نحن لا نتحدث عن مقدار فيزيائي مثل الجاذبية بحيث عندما يتم الإخلال بالجاذبية الجميع يتئثرون ولكن نتحدث عن فعل والفعل بالضرورة يكون في صالح اشخاص و ضد اشخاص في ان واحد اذا كان هذا الظلم في صالح شخص معين وضد شخص معين الا يعتبر هذا توازن الجواب هو نعم او لا بحسب تعريفك لماهية التوازن الذي لايمكن حصره لا فلسفيا ولا منطقيا إلا في الموضوع الفيزيائي
الأمر الأخر هو لماذا قد اهتم عندما يفسد التوازن اذا كان هذا الظلم لصالحي ؟
النتيجة هي انك اذا لم تستند لمجموعة من القيم واقول حصرا القيم الدينية لأن القيم الإنسانية غير مقيدة وتتغير باستمرار من ثقافة الى اخرى ومن زمن الى اخر خذ فقط الاستعباد قبل 300 سنة كان امرا عاديا ومسلما به ومنطقيا بالنسبة لأمريكا...اما القيم الدينية فهي قيم ثابتة مكافئة اما الثواب او بالعقاب بالنسبة للمؤمنين بها
انتهى.
انا اجوبتي العقلية عادة لا تستند إلى الدين وحتى حينما أذكره أذكره كنظام فكري وليس كعقيدة يؤمن بها البشر بمعنى اني اتناوله (ابستمولوجيا) وليس (انثروبولوجيا). لاحظ ان تعليقك يبدأ بالفيزياء وينتهي بالدين وهذا ليس علما انما (خليط) غير واضح بالطبع. فالفيزياء لديها تحفظات كثيرة على الدين ليس هنا محل شرحها. اضافة الى ان الفيزياء من وجهة نظر الابستمولوجيا تعاني ان اساساتها غير منطقية تماما وتقترض كثيرا من الرياضيات القائمة على مبدأ غودل لعدم الاكتمال والذي يجب "الايمان" به ان كنا نريد التحدث عن العلم.
ما لم اذكره في التعليق هو ان الفساد والظلم في مستوى الجمادات له معنى واحد. بمعنى انه عندما نتحدث عن الظلم فلا بد من وجود كائنات لها وعي دون وعي هناك فساد فقط ولا وجود لمفهوم الظلم. ذهبت للبشر لكني انا احكي بشكل عام مطلق. يشمل كل شيء كما فصلت في التعليق.
عندما تدخل الدين في نقاشك عن الظلم فهذا ليس ضربة قاضية والمعية في الجواب بل هو مجرد تعصب لدينك لانو وقتها سيكون السؤال عن اي دين نتحدث؟ البهائي ام البوذي ام الرائيلية؟
انا لم اتحدث عن ديني بل اعطيت مثال مقصوده ان القيم الدينية اقوى من القيم الإنسانية لان القيم الإنسانية تتغير بتغير الزمن او الثقافة او الافكار.
اما النقاش الفلسفي الذي نحن فيه فهو نقاش لايمكن ان ينتهي لان كل شخص لديه تعاريفه الخاصة به ولايمكن إلزام اي شخص بشيئ غير محدد فيزيائيا او فكرة تقبل عدة حلول او نظريات .
بالنسبة للوعي نرى ان الإنسان واعي لكنه ظالم لكن مالذي يجعلنا نقول انه ظالم اذا لم يكن لنا قيم نستند اليها في تعريف الظلم
على سبيل المثال اعتقد ان الله وصف الكفار بالظالمين وهذا وصف غير تقليدي .
أنا أوافق السيد يونس بن عمارة في الرأي إلا أنني أريد إضافة فكرة الفطرة لأنني أعتقد أنها تكمل الصورة و أصيغ كلامه بطريقة مختلفة ...انطلق من تعريف العدل وبالتالي تعريف الظلم و تعريف الأخلاق وبالتالي تعريف اللاأخلاق.
العدالة هي فضيلة الفضائل و أعلى قيمة معنوية يعرفها الانسان . وهي التي تميز بين الانسان والحيوان . و اذا أردت تعريف العدالة هندسيا فهي الميزان . وهناك ايات في القرآن الكريم تتكلم عن الميزان بهذا الشكل . فالميزان هو رمز للتوازن . والتوازن الذي فُطِر عليه الكون يقودنا إلى العدل الذي فُطِر عليه الانسان. إذا الانسان السليم الذي خلق في أحسن تقويم مفطور على العدل . يعلمه بالفطرة . وأي خلل يصيب هذا التوازن يشعره بما يسمى الظلم .
والأخلاق أيضا من الخلق ... فالخُلُق السليم فطرة ربانية للإنسان كروح ... ستقول فكيف يخترقها؟ أقول بأن غرائزه الحيوانية الناتجة عن جسده تؤثر على سلوكه فيناقض الفطرة وهو يعلم ذلك غالبا .. فالعقل شاهد على الانسان العاقل . والعقل هو الميزان .
فألهمها فجورها وتقواها
فإما أن تتبع عقلك وفطرتك فتعدل وتكون أخلاقي بالفطرة
أو تتبع شهواتك وغريزتك فتظلم وتكون غير أخلاقي .
و من يظهر التهذيب والأخلاق بما يخالف طبيعته فهو منافق محتال . لأن الأخلاقي أخلاقي بالفطرة.
وشكرا
التعليقات