ليس الحزنُ إلّا على موتٍ أو فَقْدٍ عظيم، فَلِمَ تحزنُ وأنتَ لم تَرَ أحدَهما؟

أراكَ غارقًا في وجعٍ يُطفئُ الشمسَ ويُغرقُ الكونَ في ليلٍ أبديٍّ لا فجرَ له.

أيّ داءٍ هذا الذي ينهشُ روحَك كلَّ دقيقةٍ دون أن يسيلَ دمٌ أو يُسمَعَ أنين؟

إنه داءُ الصمتِ حينَ يختنقُ الإنسانُ بما يريدُ قوله، فيتحوّل الكلامُ غيرَ المنطوقِ إلى سمٍّ يتسرّبُ في العروق.

يا بائسًا من ثِقَل ما يُخفي، تكلّم…

افضحِ الألمَ، واصرخْ بما يوجعُك، حتى لو لم يُصغِ إليك أحد.

فالكتمانُ قبرٌ يُدفَنُ فيه المرءُ حيًّا، والحزنُ سكينٌ بطيئةٌ تذبحُ القلبَ بلا دمٍ ولا جريمة.

تكلّمْ لا رجاءً في النجاة، بل طمعًا في هدنةٍ قصيرةٍ مع العذاب.

فالصمتُ الطويلُ لا يُنقذُ أحدًا، بل يُحوِّلُ الإنسانَ إلى شبحٍ يبتسمُ وفي داخلهِ مأتمٌ لا ينتهي.