كنت في زمنٍ مضى أراقب الواقع من بعيد، بلا مسؤوليات ولا التزامات، أطالب بالتغيير وكأن تحقيقه لا يحتاج سوى إلى صوت مرتفع. كنت أرى المسؤولين حينها كسالى، عاجزين عن اتخاذ قرارات حقيقية، غارقين في راحة مناصبهم.
لكن ما إن سنحت لي الفرصة لأكون في موقع المسؤولية حتى اكتشفت أن أكثر ما كنت أظنه مبالغة هو حقيقة واقعة: كثير منهم لا يجيد عمله، وبعضهم يختبئ خلف سلطته ليقمع أي محاولة إصلاح تهدد استقراره.
مرت الأعوام، وتحوّل الحلم الذي كان يضيء خطواتي إلى روتين يثقلني كل يوم. حتى جاء مستجد، متحمس كما كنت، يرفع شعارات التغيير بثقة الشباب، فوجدت نفسي أنصحه بما نُصحت به عند أول يوم لي في منصبي: "الواقع أعقد مما تظن".
لكنني اليوم أتساءل: هل نحن نُبرر عجزنا باسم التعقيد، أم أن التعقيد مجرد شماعة نعلّق عليها فشلنا؟
التعليقات