اليوم الأول كتطبيق عملي في احد مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية.
كنتُ أتوقع ما كنتُ سأراه، ولكنني لم أكن مستعدة أبدًا لما شعرتُ به
رأيتُ في أعين بعضهم عتابًا مريرًا للعالم الذي نعيش فيه.
فدار في بالي أسئلة لا أتوقع أنها ستنتهي، ومن هذه الأسئلة:
كيف وصلوا لما هم عليه؟
هل كانت بشاعة العالم الذي عاشوا فيه هي السبب، أم لأنهم كانوا يتوقعون عالمًا آخر أجمل، فلم يحتملوا قسوته؟
هل الحياة فرضت عليهم ذلك؟
وهل كان عليهم أن يكونوا "أوعى" مما كانوا عليه؟
ولكن أقوى العقول قد تنهار تحت ضغط يفوق طاقتها…
كما يُصاب الجسد بالمرض رغم قوته، كذلك النفس.
🔹 هل يُعقل أن شخصًا كان عاقلًا يصبح فجأة يرى الناس يتآمرون عليه؟
ما الذي أوصلهم إلى هذا الشعور؟
ما الذي أوصلهم لحالة أنهم ممكن أن يشكوا بتآمر أهاليهم أو أصدقائهم حسب ادعائهم؟
أم أنهم لم يحتملوا الواقع، فصنعوا واقعًا آخر يؤلم أقل من الحقيقة؟
وهناك من يملأه الحذر الشديد…
فهل امتلاؤهم بالحذر الشديد لعدة أسباب – كما تم الحديث معهم – له عذر؟
لربما يتخذونه كوسيلة دفاعية لما قد مروا به، ولكن للأسف بطريقة مفرطة، فيكون معيقًا لحياتهم.
ولكن حقيقةً، الحذر المفرط الذي عاشوه لأسباب كثيرة صار مرضًا يقيدهم بدل أن يحميهم.
لا ألوم امتلاءهم بالحذر، بل أراه وسيلة دفاعية، لكن المؤلم أن دفاعهم صار سجنهم.
(طموحات كُسرت، أموال سُلبت، عائلات دُمرت، وهناك من أهله قد تخلوا عنه…)
كيف يكون شعور إنسان بعد كل هذا؟
اليوم أدركت…
المرض النفسي لا يأتي وحده، بل يأتي ومعه ضحاياه.
لا يأتي إلا بعد أن يهزم العالم قلوبًا.
رأيتُ خريجين جامعات، حكماء، عقلاء…
لكن لا عقل يحتمل كسرًا بلا جبر.
لربما هم ليسوا "مرضى نفسيين" فقط…
لربما هم أناس لم يجدوا مكانًا آمنًا في هذا العالم.
تحدثتُ بغض النظر عن الحالات التي قد تكون عندهم أسباب أخرى عقلية.
التعليقات