في إحدى حلقات مسلسل "بلاك ميرور" في الجزء الجديد، تُطرَح فكرة أن هناك مريضًا تعرَّض لحادثة أضرَّت بدماغه إلى درجة أنه لم يعد هناك أيُّ أمل في علاجه. وفجأةً، تظهر لأهل المريض شركةٌ اكتشفت علاجًا جديدًا، حيث ستقوم بتركيب نُسخةٍ من أنسجتها في دماغه ليعود سليمًا كما كان. تنجح العملية بالفعل، وتتحسَّن المريضة وتصبح بحالة جيدة، لكن هناك مشكلةً كامنةً، وهي أن هذه الأنسجة لا تعمل إلا إذا كانت داخل نطاق التغطية الخاص بالشركة، وإلا تتعطَّل.  

ومع الوقت، تتوسع التغطية لتشمل أماكن أكثر، لكن في مقابل هذه الخدمة، يجب على المريض أن يُحدِّث اشتراكه ويختار باقةً أعلى، تمامًا كما يحدث مع باقات الهاتف المحمول. وبعد فترة، تبدأ الشركة ببث إعلانات عبر هؤلاء المرضى، حيث يتحدث المريض فجأةً عن منتج ما دون سابق إنذار. وبالطبع، يشكو الناس، فتأتي الإجابة المعتادة: "اشترك في باقة أعلى لإيقاف الإعلانات!" ثم تظهر باقاتٌ جديدةٌ للحفاظ على صحة الدماغ، بحجة أن التشغيل المستهلك للطاقة يُرهق الخوادم التي تُغذي الشبكة، وهكذا.  

كل هذا استنزافٌ ماديٌ لأهل المريض واستغلالٌ صارخٌ لخدمةٍ تُقدَّم لهم بثمنٍ باهظ، حيث يصبحون رهائنَ لحياتهم نفسها. فتخيل لو كان هناك مَن يتحكم في أجهزة أجسامنا وأدمغتنا، ويسيطر عليها تمامًا! تخيل حجم الاستغلال الذي قد يتعرض له الإنسان! فقد يقطعون عنه خدمة المشي حتى يدفع الاشتراك، أو يحجبون عنه قدرة الكلام حتى يسدد الفاتورة!  

إننا نعيش في نعمٍ كثيرة، وفكرةٌ مثل هذه كفيلةٌ بأن تجعلك تشكر الله طوال حياتك دون أن توفيَ هذه النعم حقَّها. فها نحن نرى كيف يُقتَل الناس وتُدمَّر البلاد من أجل صراعٍ على أرضٍ أو سيطرةٍ دولةٍ على أخرى، فكيف الحال لو كان هناك مَن يتحكم في أعضاء الناس وأجسادهم؟! لا شك أنه لن يتردد في استغلالهم عند أول خلاف!  

ولهذا كانت صلاة الضحى، التي يمكن تسميتها "صلاة الشكر" على النعم التي منحنا الله إياها، كما قال النبي ﷺ: «يُصبِح على كلِّ سُلامى من أحدكم صدقة...... ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى».

سلامى : عضو

والعجيب أنك تجد أناسًا مع كل هذه النعم لا ينظرون إلا إلى ما فاتهم، وينسون قول الشاعر:  

> وَلَعَلَّ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ آيَاتِهِ  

> عَجَبٌ عَجَابٌ لَوْ تَرَى عَيْنَاكَ  

فالحمد لله على نعمة السمع والبصر والإدراك والحياة، و... (كل النعم التي لا تُعد ولا تُحصى).