أصبح فرانز كافكا مهما في الوجدان الأوروبي لإنهم وجدوا به أصدق تعبير عن قهر الإنسان, الشعور اللذي تملك من الأوروبيين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية و إزدياد السلطات نضجا و بالتالي إزدياد إحكامها السيطرة على شعوبها تحت مسميات عدى - قاتلةً بذلك الرومانسية و القيم الروحية الإنسانية - عبر فرانز كافكا عن هذا الشعور دون أن يميل إلى أي ايديولوجية, فقط إلى الإنسان, و اللذي كان مركز الإهتمام الأوروبي في هذا الوقت. مّثل فرانز كافكا أيضا بأصوله اليهودية و نطقه الألمانية نقيضين, بين فئة مقهورة و شخصية متعلمة. يذكرني هذا التعلق الأوربي بالتعلق الياباني بلوحة The Great Wave, التي سكنت في الوجدان الياباني لتعبيرها عن فترة الخوف من التسونامي الثقافي الأتي من دول أوروبا الساعية وراء التجارة مع اليابان, دون أن يقصد, رسم مخاوف شعبه في تلك الفترة, كما فعل كافكا تماما. ممثلا إياها في عدة قوارب تبحر تحت ظلال الأمواج المتعالية و التي لولا سكون اللحظة في اللوحة لغشيتهم.

و نجد هذا الإحتفاء بأعمال فنية قدمت شعورا يمسنا عن دون قصد في لوحة مثل ( الفتاة ذات القرط اللؤلؤي ) التي عبر بها يوهانس فيرمر عن فترة إزدهار الدول الساحلية الأوروبية برسمه لفتاة يبدو من شكلها أنها ثرية بما يكفي للتطلع محاولة تقليد اللوردات و لكن ليست بهذا الثراء فيبدوا هذا جليا في قرطها اللؤلؤي المزيف، فترة في أوروبا شهدت نمو طبقة البروجوازين، رجالا عصامين صنعوا ثرواتهم بأيديهم، وعبر يوهان عن صعودهم ببنت من بناتهم.

و اذيل قولي بعبارة لشاعر الطوفان محمد عبدالباري "وإن أصدق بيتا أنت قائله *** بيتا يقال إذا انشدته صدق" بيتا او لوحة فنية يُطبع عليها روح اللحظة التي استشعرها رب العمل و إذا رأه الناس، رأوا أصدق تعبيرا عن لحظتهم، لحظة العصر، لحظة أسرتهم و اسرها هو بفرشاته لحظة رؤها رؤي العين وقالوا..... صدق.