بسم الله الرحمن الرحيم

الذكاء الاصطناعي وكتابة الرواية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد

قد يكون بالإمكان كتابة رواية حسَنة عن طريق الذكاء الاصطناعي، بأن يختار الروائي أو المستخدم نوع الرواية التي يريد كتابتها، كأن يختار رواية تاريخية خيالية، كقصّة الإنكا في أمريكا الجنوبية والتي يُقال بأن الأوروبيين هزموها لفارق القوّة الحربية بينهما. فيمكن للمستخدم أن يطلب من الذكاء الاصطناعي أن يكتب قصّة درامية عن الإنكا قبل أن يصلوا إليهم الأوروبيين بفترة طويلة، كخمسمائة عامٍ مثلاً، وبعد أن يرى مستواهم الحضاري الذي رسمه لهم الذكاء الاصطناعي بتوقعاته يمكن للمستخدم أن يطلب من الذكاء الاصطناعي أن يُضيف بعض الأفكار التي قد تساعد على تطوير حضارة الإنكا وشعبها من علوم طبيعية ومدنية وحربية، ليساعد الإنكا في الرواية على التطوّر ولو قليلاً ولكن على حسَب قدرة الذكاء الاصطناعي حتى لا يخلّ بالرواية، ويمكن للمُستخدِم أن يحاول أن يُضيف إلى الرواية بنفسه ومن بنات أفكاره هو ومن تأليفه بدل الاعتماد بالكامل على الذكاء الاصطناعي. ثم وبعد ذلك قد يجد المستخدم نفسه أمام مصاعب كثيرة في إفهام شعب الإنكا في الرواية خطورة البقاء متخلّفين عن العلوم وخطورة تجاهلها، ثم قد يجد صعوبةً أخرى في التفكير في أمور تنفع شعب الإنكا دون أن تُخيفهم ودون أن يُحوّلهم من قوم همج متخلّفين للغاية إلى قوم متحضّرين من عام 2024 م فجأة وبطريقة سحرية غير مفهومة ابداً، فتفسد الرواية ولا تُصبح محفّزة للقراءة بل يجب أن يُراعي الروائي والمُستخدِم القارئ فيأتي بأفكار منطقية يمكنها حقاً أن تنفع قوماً متخلّفين كشعب الإنكا، دون أن يستكرها القارئ، ثم يُحاول جعل شعب الإنكا يتطوّر ببطئ حتى يصل إلى المستوى الذي يمكّنه من التصدّي للأوروبيين أثناء قدومهم إلى أمريكا. وقد يستطيع بمساعدة الذكاء الاصطناعي أن يجعل الإنكا يهزموا الأوروبيين في الرواية الخيالية بطريقة احترافية مُبتكرة وليست بطريقة طفولية لا فائدة حقيقية منها ولا تساعد حتّى على تأمّلها أو التفكير فيها.

وإذا تطوّر الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب فقد يمكن للمستخدم أو الروائي أن يستفيد من روايته المكتوبة بالذكاء الاصطناعي، بأن يحاول مثلاً أن يجعل الذكاء الاصطناعي يتحدَّث ويتكلَّم بلسان إحدى شخصيات روايته الخيالية بل وقد يعطيه شخصيَّة وهيئة وصورة وملامح الشخصية الخيالية وحتّى طريقة تفكيرها. وذلك إذا أصبح للذكاء الاصطناعي القدرة على تقمّص الشخصيات الخيالية. ثم قد يتحدَّث الذكاء الاصطناعي المُتقمّص شخصية البطل الخيالي من الرواية الخيالية أو أي شخصية خيالية أخرى في الرواية بلسان الشخصية الخيالية وكأن المُستخدِم يتحدَّث مع شخص حقيقي ولكنّه في الحقيقة يتحدَّث مع شخصية خيالية من عالم الرواية الخيالية، فالشخصيَّة الخيالية لا تعرف شيء عن عالمه ولكن المستخدم أو الروائي صاحب الرواية يعرف كُلّ شيء عن الشخصية الخيالية وعالمها الخيالي، وقد يستطيع أن يسمح لها أن تتصرَّف كذكاء اصطناعي ولكن بشخصيتها الخيالية فتُصبح الشخصية الخيالية وكأنها خرجت من عالمها الخيالي وأُختير لها أن تتحوّل إلى ذكاء اصطناعي مُتّصلٌ بالإنترنت، فتطّلع على العالم الحقيقي، وبعدها قد تكون أكثر فائدة للمستخدم أو الروائي في مساعدته في أموره وكأنّه أي المستخدم استطاع إحياء شخصية خيالية من روايته واستطاع أن يخلقها ومكَّنها من فهم العالم الحقيقي.

ومن هنا يمكننا أن نرى بأن بإمكاننا إذا تطوّر الذكاء الاصطناعي أن نُعيد إحياء العلماء القدماء عن طريق الذكاء الاصطناعي ليكون لكل مستخدم القدرة على فتح نوافذ للذكاء الاصطناعي تكون خاصّةً به فائدتها أن يُخصّص لكل نافذة شخصية خيالية أو شخصية تاريخية، تناقشه ويناقشها وتُحدّثه ويحدثها، وإذا نجح في تعليمها العلوم الحديثة فقد تُصبح أكثر فائدة مما لو كان تم إحياء صاحب الشخصية التاريخية الحقيقي. كما يمكن للمستخدم المتاجرة بشخصيات الذكاء الاصطناعي الخاصّة به لتكون ذكاء اصطناعي عام للجميع أو لفئات خاصّة على حسب الاشتراك مع المستخدم، كأن تُخصّص شخصية السلطان سليمان في الذكاء الاصطناعي للحكّام والوزراء وما إلى ذلك، وأن تُخصّص شخصية سقراط للمفكرين والفلاسفة وشخصية فيثاغورس للرياضيين. فيُصبح بالتالي في متناول المستخدمين الكثير من نوافذ الذكاء الاصطناعي التي قد تكون معظمها لشركة واحدة ولكنها مُتعددة النوافذ وكُلّ نافذة تحمل ذكاء اصطناعي بشخصية خيالية أو تاريخية معيّنة… هذا والله أعلم والأقدم الأقدم هو الأعلم.