في أول سبت من شهر نوفمبر ٢٠٢٢ ذهبت بصحبة جاري - مهندس بشركة برمجيات - إلى شركة الغاز و في الطريق قالها و كأنه يحدث نفسه "الأسعار ولعت" فأردفت قائلا "دا عشان البنك المركزي حرر سعر الصرف" فنخزني في كتفي و قال لي "اهو انت كدا لا تفهم في اقتصاد و لا بتنجان و حافظ كلام تلفزيون" و بدأ يتحدث عن كيف ان الدولة شريرة قامت بكذا و كذا لتزيد فوق عناء المواطن عناءا و بدأ يدعم حديثه بأمورا ليس لدي علم بها و لكن كنت اشعر بأنها خاطئة فأتخذت الصمت سترا لجهلي و ظللت طوال الطريق استمع له و في بالي إصرارا علي الرد ولكن عندما اقتربنا من العمارة التي نسكن فيها و اقترب الحديث من نهايته أقتربت انا الآخر من صفه و بدأت أواسيه و أدعوا الله أن يعينه علي مصائب الدنيا التي تزداد يوما بعد يوم و في أثناء حديثي شعرت انه هدئ و كأنه كان متألما وها قد طاب جرحه و عندما وصلنا بدأت في البحث عن كل معلومة قالها لي و تأكدت بالدليل القاطع ان كل تلك المعلومات هي تفسير منحاز و خاطئ لم يحدث في البلد و بعد ان اصبح لدى الدليل و الحجة يجب ان أرد و لكن عندما فكرت للحظة ادركت انه لم يكن يريد من يفسر له ما يحدث بل يريد من يسمعه، إنه كان متألما و ليس متحيرا لم يكن يسأل بل كان يشكوا لا يريد إجابتي بل صمتي، و يبدوا ان هذا لم يكن حاله هو فقط بل حال اغلب الشعب فهم لايريدون البيانات الفصيحة الواضحة التي من خلالها سيعدلون خطتهم الاستثمارية و يشتروا اسهم و يبيعوا أخرى فاغلبهم قطعا لن يفعل ذلك, هم يريدون ان تسمع الحكومة لشكواهم.

احيانا المريض لا يحتاج سوى من يستمع إلي ألمه لا من يسمعه سببه، فتأكد دائما أن تسمع شكوى الناس قبل ان تعطي لهم حلولا فذة فالإستماع نصف الدواء.