مكتبة المعارف

قبل أيامٍ زرت مكتبة الاسكندرية، وكنت من القلة القليلة التي تزور المكتبة للقراءة في الكتب أو البحث عن المعلومات، ولكني لم يكن ببالي كتاب محدد، إنما أحب في تلك الزيارات النادرة أن استكشف الرفوف حتى يلفت انتباهي أحد الأغلفة، فأسحب الكتاب من الرف واتصفحه وأتأكد من وجود فهرس - لأن بعض الكتب لا تحتوى عليه - وبعدها أختار مكتباً من مكاتب الزوار وأقوم بقراءة الكتاب؛

القفز بين الكتب

أحيانا أقرأه من البداية: المقدمة والتمهيد ثم الفضل الاول وهكذا، حتى أمل منه أو أنهي موضوعاً متكاملاً فيه، ثم أعود لبدئ الرحلة من جديد، ولما يلفت انتباهي كتاب كبير لا أقوم بقرائته بشكل تسلسلي كما أقرأ الكتب القصيرة، بل أتصفح الفهرس وأقوم باختيار الموضوع الأكثر إثارة لإهتمامي، ثم أفتح رقم الصفحة وأقرأ الموضوع وقد أطلع على بعض المواضيع الأخرى أيضاً، ثم أغلق الكتاب وأعيده إلى رف الكتب المخصص للكتب التي سحبت من رفوفها، وألتقط بعض الصور مع بعض الآثار والتحف في المكتبة، وبعدها أعود إلى منزلي مغادراً المكتبة لفترة طويلة حتى موعد الزيارة التالية. 

القراءة الاستكشافية كنمط بديل

هذا النمط من القراءة أحب تسميته بالقراءة الاستكشافية، وهو عبارة عن نمط لا يلتزم فيه القارئ بالنسق الخطي للقراءة المنظمة، والذي يعتمد على إنهاء الكتاب من الجلدة للجلدة وتدوين الملاحظات أو عمل الملخصات، ورغم أهمية القراءة المنهجية، إلا أن صاحب نمط القراءة الاستكشافية يعتمد على مدى اهتمامه بالموضوع الذي يقرأ فيه، ويحاول إيجاد مصادر أو كتب تساعده على رفع مستوى وعيه بهذا الأمر دون الحاجة إلى إنهاء كل كتاب يقتنيه. 

كمثال: أنا مهتم بالكتابة القصصية لذلك أحيانا أختم ببعض المواضيع الجانبية فيه مثل: بناء الشخصيات ووصف العالم، وبالتالي أقرأ بعض المقالات وبعض الفقرات والفصول من الكتب والمصادر التي تتناول موضوعات مماثلة على حسب التوجه العام لي في تلك الفترة، دون الإضطرار إلى إنهاء كتاب كامل في نفس يتناول مجموعة معولمات أخرى في نفس المجال، رغم أهميه كل المعلومات الواردة فيه لكني فقط بحاجة إلى فصل أو حتى موضوع واحد منه لا أكثر ، لأن تركيز المستكشف يكون على الفائدة وليس على الكمية بالتالي فهو يجمع المعلومات حول الفكرة الرئيسية التي يعمل عليها فقط، وهذا لا يعني أني سأتخلص من الكتاب بعدها، لكني لست أحتاج أن أقرأه كله بل أقرأ منه بحسب حاجتي إليه. 

لما لا نقرأ عدة كتب في ذات الوقت

وبالمناسبة يمكن يتنفيذ هذا النمط أيضا مع الروايات والكتب الفنية، بقرائتها حسب درجة الإهتمام بها، بالطبع لا يمكن قراءة فصول رواية بشكل عشوائي، لكن لم لا نقرأ عدة روايات معاً في ذات الفترة، وفي كل جلسة أختر أن تكمل رواية مختلفة.

فوائد القراءة الاستكشافية

وبهذه الطريقة يمكن لصاحب هذا النمط أن يحقق مجموعة من الفوائد التي تتلخص في النقاط التالية:

• القدرة على تحفيز الذات وتجنب الملل بشكل كبير، حيث أنك في كل جلسة قراءة تتعرض لموضوع جديد يثير فكرك وعقلك. 

• ‏تعزيز الاستفادة من المواد العلمية لأنك تقرأ حسب الحاجة وليس لمجرد إنهاء الكتاب، وبالتالي يكون الفيصل هو القيمة وليس العدد. 

• ‏تحقيق مبدأ الإثراء العلمي والفكري، حيث أن زخم الأفكار الحاصل لصاحب هذا النمط يزيد من إبداعه، بسبب تعرضه لأكثر من مصدر للمعلومة. 

لذلك تعتبر القراءة الاستكشافية بالنسبة لي واحدة من أنماط القراءة المفضلة، حين لا أتمكن من الإلتزام بالقراءة المنهجية. 

نقاط سلبية في القراءة الاستكشافية 

لكن كأي شيء آخر توجد سلبيات عديدة في هذا النمط وهي كالتالي:

• صعوبة الالتزام به لفترة طويلة كونه يعتمد على كثرة المصادر والقدرة على البحث فيها مع تحديد أولويات المواضيع. 

• ‏بالطبع هذا النمط لن يساعد في عملية التعلم المنهجي إلا أذا كنت في مرحلة البحث لاختيار المجال الذي تريد تعلمه. 

• ‏رغم أنه نمط تحفيزي على القراءة ويعطي مساحة حرية كبيرة، إلا أنه لا يشعرك بالانجاز كثيراً، حيث أنك تركز على المواضيع وليس الكتب، بالتالي إنهاء كتاب واحد قد يستغرق سنوات. 

عبور المجهول بالقراءة

إلا أنني رغم ذلك أجد هذا النمط مناسباً لكل من يحاول الاعتياد على القراءة، لأن القراءة المنهجية تولد كماً من الضغط النفسي يجعل القارئ في أغلب الاحيان لا يتمكن من مواصلة القراءة يومياً في نفس الكتاب أو حتى نفس المجال.

التدوين مهم في القراءة الاستكشافية

وملحوظة أخيرة التدوين أحد أهم ركائز ودعائم القراءة الاستكشافية، لأنك تبحث عن المعلومات المتفرقة في الكتب والمصادر عن نفس الموضوع، فبدون التدوين لن تستفيد أي شيء. 

والآن أود أن اسألكم ما هو نمط القراءة الخاص بكم وكيف تلتزمون بالقراءة بشكل يومي؟