حقنا الطبيعي أن نقيم الحواجز بيننا وبين مَن آذانا، علينا أنفسَنا أولا، وليس فرضا علينا أن نمنحه فرصة ثانية، نحاول أن نمنحه فرصة ثانية نعم، خُلقًا وعِشرةً لا فرضا، لأن من يؤذي مرة فالثانية عليه أسهل، ولأنه ليس كل إنسان يحتملها بعد خيبة كبيرة.

- حقنا الطبيعي بعد تكرار الخيبات أن نقيم حواجز وبوابات بيننا وبين عموم الناس، تجعل الوصول إلينا غير متاح لكل أحد.

لكن تُبقي أبوابًا مفتوحة للصادقين والمخلصين والمحبين يصلون منها إلينا، أبوابا نُدخل منها الماء والزاد حتى لا نهلك جوعا، أبوابا نهرب منها إذا اختنقت صدورنا أو احترقت قلوبنا.

الأسوار المصمتة تماما ستهلكنا لا محالة.

- حرِّصْ ولا تُخَوِّنْ. هكذا قال أجدادنا، أمسك العصا من المنتصف، خفِّضْ توقعاتك من الناس تأمن الخيبات، ولا تتقدم 3 خطوات إذا كان الطرف الآخر يتقدم خطوة.

- كل ما سبق من الحواجز والأسوار والبوابات مفهوم.

غير المفهوم أن يبني إنسان حواجز بينه وبين الناس لأنه يرى نفسه أرفع قدرا منهم، أن يبني حواجز بينه وبين من يجدُّ في الوصول إليه، أن يعلي أسوارا بينه وبين من يقذفون إليه الهدايا من خارجها.

- غير المفهوم أن يبني حواجز بينه وبين الناس لأصغر خلاف، ولأتفه سوء فهم، ولازدواج معاييره في محاسبة نفسه ومحاسبة الآخرين.

غير المفهوم أن يبني أسوارا لعجزه عن الحب والصداقة والتواصل، لبخله بأن يقدم أي شيء قبل أن يأخذ كل شيء، من يغلق على نفسه كل الأبواب فلن يهبط عليه الأصدقاء من السماء، لن يهبط عليه إلا حجارة السجيل وروث العصافير!

هؤلاء الذين يموتون اختناقا داخل أسوارهم، بدخان قلوبهم، ولا يجدون من يدلي إليهم حبلًا، لأن الناس طالما أدلوا إليهم الحبال وقطعوها، الناس منهم قد يئسوا.

- كلنا خضنا تجارب مؤلمة وصُدمنا فيمن عقدنا عليهم آمالنا وتأذينا ممن كانوا أقرب الناس إلينا، من حقنا أن نحذر ونحتاط لأنفسنا، ولا نثق بكلام لا تتواتر قبله وبعده الأفعال، وأن نجعل الحكم بعد التجارب لا قبلها.

وليس من حقنا أن نُخوِّن ولا أن نعمم، لأن التعميم - دون أن نشعر - يشملنا