كم جميلٌ أن تُنجبَ طفلا، كم مُخيفٌ أن تُنجبَ طفلا!

أن تكونَ العالمَ بأسرِه لمخلوقٍ ضعيفٍ يشقُّ من خلالك بيضة الوجود، أن تتعبَ فيه وله ومن أجلِه راضيًا ومُحبًّا، ثم تعي رغم تعبِك وعاطفتِك نحوه أنه ليس ملكك، وأنه أمانة الله عندَك؛ لا يحقُّ لك أن تدهسَ إرادتَه طالما لم تكن حرامًا، ولا أن تُشرعنَ استقواءكَ عليه بأنك كنتَ مجازَه للحياة.

أن تُنجبَ طفلًا يعني أن تُخضعَ نفسَك للمُراقبة المُشدَّدةِ بعينين صغيرتَين مولعتين بالتسجيل وكيانٍ في طورِ التشكُّلِ يتعرفُ إلى نفسِه بتقليدِك؛ فتُصبحَ إذا تحركت عضلةٌ في وجهِك لأخيكَ أو خرجت من فمِك كلمةٌ غير محسوبة تقلقُ وتحاسبُ نفسك.

أن تُنجبَ طفلًا يعني أن تقولَ ضمنًا كإنسانٍ بالغٍ مُكلَّف: "أنا كفءٌ لتربيةِ طفل"، وكلُّ قائلٍ مُختبَر.

أن يُرضيكَ عن نفسِك تفضيلُه إياك على العالمِ أجمع، وأن تنجوَ -مع ذلك- من غوايةِ استنساخِ نفسِك فيه.

أن تُنجبَ طفلًا يعني أن تكونَ مُستعدًّا لتصبحَ مُعلِّمًا وخادمًا وطاهيًا ومُنظِّفًا وصديقًا وسلطةً عليا، بدونِ إجازات، بدون تذمُّر، ودون أن تنتظرَ منه مكافأة.

أن تُنجبَ طفلًا يعني أنكَ تقول: ربّيتُ نفسي وما زلتُ أفعل، وأنا جاهزٌ لتربيةِ إنسانٍ غيري.

-شيماء هشام سعد