عش ما شئت فأنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، وعمل بما شئت فإنك مجزيٌ به .
هي هكذا نهايتها
هذا الحديث الشريف من أكثر الأحاديث المحببة إلى قلبي، إذ قام سيدنا جبريل عليه السلام من خلاله بتلخيص الدنيا في بضع كلمات.
وأحبب من شئت فإنك مفارقه
أعلم أن جميعنا بلا استثناء سنفترق عن أحبتنا يومًا ما، ولكن لا أستطيع التأقلم مع هذا الوضع، لا يمكنني التفكير في الفراق وإلا بدأت في البكاء والحزن على فراق أشخاص أحببتهم من كل قلبي. لا أعلم كيف يدرب الإنسان نفسه لتحمل فراق أحبته، أتمنى حقًا لو أستطيع ذلك.
حين القت والدة سيدنا موسى عليه السلام سيدنا موسى الى اليم كانت خائفة وجداً وهذا حالنا نحن البشر وحتى انها قالت لأخته قصيت ثم اوشكت أن تقول أنها ابنها لولا أن ربط الله على قلبها تكون من الصابرين .
وأن رسول الله ﷺ قال: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد .
الأمر ببساطة هبة كرم من الله، أمهات الشهداء والجرحى والمرضى كلهن تحزن والبعض يرافقه الحزن أعوام وقد يتوفى، الدعاء والحمد والرضى والعلم أن الدنيا فانية سيخفف ثم أسأل الله الرحمة لموتى المسلمين والجنة لهم أجمعين .
الصبر حلو بس هذا لا يعني إنهم أقوياء كله كرم من الله
في هذا الصدد، أرى أن الأمر يعتمد على ماهية الغرض الذي نسعى إليه، فالعديد منّا قد لا يجد في الحياة ما يرومه من هدف، أو ما يجب أن يسعى إليه من مشروع، فيعتمد بشكلٍ ما على الأغراض الحياتية التي تؤمّن الأساسيات، فلا يطلق العنان لخياله في هذا الصدد، ولا يرجو من الحياة إلّا أن تمنحه قسطًا من الراحة. أمّا بالنسبة إليّ، فأنا أرى أن الصعيد الآخر من المقولة مهم للغاية، فالجهة الأخرى، التي تميل إلى الحياة لأنها الاحتمال القائم، ولا تفكّر في الموت لأنه المجهول الأكبر، هي التي تسعى إلى التقدّم، فتفكيرنا في الموت لا قيمة له مقابل تفكيرنا في الحياة. لذلك فبدلًا من أن ندرك أننا ميّتون لا محالة -وهذا حقيقي طبعًا- فمن الأفضل أن ندرك أيضًا أننا أحياء الآن، وهذه الفرصة لن تعوّض.
عندما قال الحبيب طه زوروا المقابر فإنها تذكر بيوم القيامة ما جاء للهوى أبداً .
أي أن تضع على مرأى عينيك أن الموت قادم لا شك فيه وبدون أي سلام ولا استأذن، هذا سيوصل إلى أن تتحرك وتسعى وتنظر أنه ليس لك وقت لربما وأنك تعيش فقط ليومك هذا فتسعى أن تنجز كل شيء قبل الرحيل.
لكن فكرة أن ننظر لدنيا، لنكن بمحضر صدق لا توصل أحياناً مقابل الخيار الأول الذي طرحناه
فأن تنظر لدنيا على أنها حياة لن تسعى ولن تصل لربما ولربما البعض يقول فيها نحن صغار وما زال أمامنا وقت لهذا وذاك وهذا غير صحيح الموت لا يعرف لا صغير ولا كبير .
لكن الخيار الأول افضل وأصح أما الثاني قد يصيب فيها أقل من الكثير، لأن الدنيا متاع وسرعان ما يغوى المرء ويهوى .
صلي الله عليه وسلم؛ فى الحديث الموت حق لا مفر منه والجزاء من جنس العمل .
فكرة اليأس من هذه الدنيا الفانية ولحاق متاعها الزائل الفاني والذي مهما بلغت به فإنك يوما ما سوف تفارقه في نفس الوقت يحثنا الحديث إلى إحسان العمل الصالح والذي لن نفارقه بالموت وفيه عبارة مجزي به تخويف وترهيب بأنك سوف تلاقي نتيجة أعمالك الدنيوية في الآخرة ولك الخيرة بعد ذلك بعد أن عرفت أنك سوف تحاسب على تلك الأعمال فإن شئت أصلحت وإن شئت أسأت والله المستعان والحمد لله رب العالمين...
نحنُ أحوج ما يكون للموعِظة والتذكرة , علينا ان نغتنم العمر في العبادة وأن لا نغتر ؛ لأن الدنيا دار فناء والاخرة دار بقاء ... ونسأل الله أن يُهدينا وإياكم سواء السبيل إنهُ ؤليُ ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين.
التعليقات