كنت قد تحدثت في مساهمة سابقة عن الفن  وعلاقته بالقواعد من حيث فقدان شغفنا به بعد التعرف على هذه القواعد، أما في هذه المسامة فأنا أتحدث في شأنٍ آخر، وهو التعقيد والتبسيط في الفن، ومن أجل أن أكون محددًا سوف أسأل: من أين يبدأ الفنان، وإلى أين يتجه في رحلته؟ 

الرحلة من التعقيد إلى التبسيط

يُزعم عن الاحتراف في أي مجال هو أن الشخص المحترف قادر على التعامل مع تعقيداته والتلاعب بها وتشكيلها من حيث تبدو للآخرين صعبة للغاية، أنا أتفق مع هذا، لكن عددًا من الفنانين المبتدئين يفهمون الاحتراف بطريقة خاطئة، فبدلًا من أن ينهمكوا في تعلم المعطيات الصعبة والمعقدة حول ما يقومون به بغرض أن ينتجوا شيئًا مبسطًأ للجمهور، فإنهم يقومون بالعكس، أي لا يتعلمون القواعد الصعبة، وإنما يعكفون على فعل شيء يصعب فهمه على الجماهير، ظنًا منهم بأن هذا هو الاحتراف.

كنت أشاهد Tutorial لمؤلف موسيقى سينيمائية يسمى Alex Moukala، قال أن المبتدئين يحبون أن يصنعوا لحنًا معقدًا للغاية، فيعزفون شيئًا لا معنى له، إنه لا يؤدي شيئًا معينًأ للمستمع، وهذا الشيء يكون في الحقيقة سيء، أن المستمع لا يبحث عن شيء معقد، وأكد هذا الكلام المايسترو (هانز زيمر) عندما قال أنه يعزف بيد واحدة لينتج لحنًا مترابطًا ذو علاقة ببعضه. 

كسر القاعدة 

في اعتقادي الخاص، أن كسر القاعدة يحدث بسبب أن الفنان يود أن يتطور، والحالة هذه، فإن التطور يحتاج إلى معرفة آخر ما تم التوصل إليه، معرفتها ودراستها جيدًا، والاجتهاد في هذا، ثم بعد ذل يتم كسرها شيئًا فشيئًا، وبمناسيب معينة ومحسوبة كي لا تفسد الأمور، أما القيام بالتحرر من القواعد دون معرفتها، فهذا إعلان من الشخص بأنه متكاسل عن الدراسة والاجتهاد، وهذا سيجعله ينتج أشياء ليست جيدة. 

هل تعتقد أن الفن رحلة من التعقيد للتبسيط؟ أم أن التبسيط استسهال والتعقيد احتراف؟