ربما العديد منا مرّ في ظروف جعلته يتعامل بطيبة قلبه وأصله وحسن ظنّه، لكن فوجئ بالمقابل بردة فعل غير متوقّعة لم تكن على قدر نواياه الطيبة أو المبادئ التي تبناها في حياته وما تربّى عليه. ربما مثل هذه المواقف تدفعنا إلى التساؤل: "هل الخطأ بي أنا وهل كانت تربيتي من الأساس غير متوافقة مع المجتمع؟"

ربما كثرة التعرّض لمثل هكذا مواقف حيث تصطدم بها مبادئنا الخاصة ونظراتنا التي نتبنّاها للأمور، تجعل منا أشخاص آخرين مؤمنين بضرورة التغيير من أجل القدرة على المواجهة في المجتمع.

وربما أيضًا تجعلنا نُكيل سيلًا من الاتّهامات لأهلنا بأنّهم السبب في الخيبات المتتالية التي نتعرّض لها بسبب "تربيتنا المختلفة" التي لا تتناسب مع "همجية" المجتمع!

وعلى الصعيد الشخصي، أعرف بعض الأشخاص ممّن اختاروا "العزلة الاجتماعية" عندما اصطدمت مبادئهم بالهمجية المجتمعية ودخلوا في حالة "اغتراب نفسي" عن قصد بعدما فشلوا في التأقلم مع الوضع الذي يفرضه المجتمع!

على الجانب الآخر، هناك من يختار أن ينساق خلف التيّار والفكر السائد، ظنًا منه أن البقاء في الطرف الآخر "عكس التيار" بمثابة خسارة، وأن الربح الوحيد هو أن يسلك طريقه مع الآخرين.

هؤلاء، يدفعهم السير مع التيار للتخلي عن أفكارهم ومبادئهم التي يؤمنون بها بل وفي غالب الأمر، النقمة عليها! باعتبار أن هذه الأفكار كانت قيدًا حول رقابهم ومنعتهم من مجابهة الآخرين والاستمتاع بالحياة. ثم يشقّون طريقهم في الحياة الجديدة بنسخة مغايرة محدّثة من ذواتهم.

وحقيقة الأمر، أن الشعور بالغربة وسط الآخرين أمر في منتهى الألم، وفي غالب الأحيان يضعك في تحدٍ كبير في أن تكون مستقرًا ومتوازنًا نفسيًا في المجتمع الذي يُخالفك في أفكاره ومعتقداته وسلوكياته.

والتساؤل المهم الذي أبحث عن إجابة له بينكم: كيف يُمكننا أن نحافظ على قيمنا الأساسية في مجتمع لم يعد يعترف بها؟ وهل يُمكننا الحفاظ على ذواتنا الحقيقية من الداخل والاندماج مع المجتمع في آنٍ واحد؟