في مصر لدينا مصل شعبي مميز جدًا يقول : اللي يصعب عليك يفقرك، وإن كنت لا تعلم صديقي القاريء ما معنى هذا دعني اشرح لك، معناه أن الشخص الذي قد يحصل على تعاطف منك يعرضك للفقر، - يبدو أنه كان لديهم في الماضي أمثلة لتنظيم طاقتهم وعطائهم حتى قبل تقدم علم النفس ليخبرك أنه لا يجب أن تضغط على نفسك وتعطي أكثر من طاقتك-

للحظات قد يتوقف عقلك ما علاقة التعاطف بأن تصير فقيرًا، لكن ببعض التعمق في المثل وخوض بعض التجارب وسؤال القدامى عنه تجد أن منطق المثل له وجاهة ما تتمثل بأن تعاطفك مع الشخص المحتاج دائمًا دون بذل مجهود يجعل من شخصًا مُستنفذّا دائمًا أي مستغلًا دائمًا في تلبية احتياجات الشخص الذي تتعاطف معه من منطلق رفع مشكلاته عنه، دون أن يحرك هو يده ليرفع عن نفسه الاحتياج ليغير من حياته.

ربما ساهم تواجد الثقافة التي تخص الصدقات وعمل الخير في انتشار الكثير من الشحاذين في العالم، مستخدمين رغبتنا جميعًا أن نبارك أنفسنا ونطهر أموالنا بهذه الصدقات، في الوقت الذي يتواجد فيه الكثير من المحتاجين الحقيقين للمال ويبذلون مجهودًا وعملًا لرفع الفقر عنهم.

وبالطبع أمر الشحاذة هذا لا يتوقف على أولئك المنتشرون في الأزقة والطرقات، لكنك ستجد في حياتك الكثير من الشحاذين، شحاذي الأموال والاهتمام والوقت والكثير من أشكال العطاء، تظل أنت تبحث عن حلول، مادية أو معنوية أو بأي شيء، تعطي مالًا ووقتًا ومجهودًا وربما أحيانًا قد تضغط على نفسك في الوقت الذ تحتاج أنت فيه لهذا البذل ولكنك تشعر بالتعاطف فتقرر إعطاءه، الكثير من أشكال الشحاذة لكن المشترك بينها هو تأثيرها عليك أنت وهو إيرادك للفقر في حياتك من الجهة التي تعطي أو تبذل منها.

وهذا ما ما يضعه لك المثل ببساطة في أربع كلمات صغيرة: اللي يصعب عليك يفقرك

هل توافق على هذا معنى المثل الشعبي؟ هل تعطي الشحاذين أم تراهم غير جديرين بعطائك؟