مهما إختلفت الأوضاع الاجتماعية لذى الناس وتباعدت فإن أحوالهم النفسية لا تختلف كثيرا

حيث أنك لا تجد أحد راضيا رضى تاما بما هو فيه مهما كان حاله جيد

ولا أحد أيضا تجده متدمر ومتألم تألم مفرطا من وضعه مهما كان حاله سيئا

لأن من عاش وضع أصعب إعتاد عليه وصار شيئ مسلما بالنسبة إليه متعايش معه بكل تقبل

ومن عاش وضع أحسن أصابه شيئ من الشعور بالملل تجاهه وأفقده ذلك الشعور بقوة السعادة تجاهه

ولم يعد يعني الكثير بالنسبة إليه

وأصبح يرى القيمة الكبيرة في حياة أخرى

فنحن لا نحس إحساس أقوى بما نحن فيه من إرتياح وإستقرار أو من معاناة وقسوى

حيث أن إحساسنا ميال عادة وبشكل تلقائي إلى الوسط وهذا الوسط طبعا يحرمنا من الشعور بالتمتع بقوة الملذة في الحياة الدافئة والمستقرة لكنه ويحمينا من الشعور بالعناء في الحياة القاسية

إن أغلب لحظات حياتنا يكون شعورنا.فيها تجاه ما نحبه أو ما نكرهه شعورا معتدلا وليس مفرطا أو عميقا

فنحن لا نشعر بقوة السعادة تجاه ما كنا نتمناه إلا قبل أن نشبع منه

ولا نشعر بقوة الحزن أو التألم مما يصيبنا في الحياة من مصائب إلا عندما يكون الجرح الذي خلفته في داخلنا لم يزل جديدا والألم لم يزل شديد وبعد كل فرحة عارمة أو حزن شديد تعود مياه الحياة إلى مجاريها

إن التعود عما هو غير مرغوب والملل تجاه ما هو مطلوب هم سر تقارب الناس في أحوالهم النفسية أو المعنوية رغما إختلاف ظروفهم المادية وتفاوتها

والجميل في إلانسان أنه سريع التعود عما تفرضه عليه ظروف الحياة من إكراهات

والسلبي فيه أنه شديد الملل تجاه ما تحبه نفسه حين يمتلكه مهما كان مرغوبه لديه

خلاصة الأمر أن لا أحد في هذه الحياة يعيش قمة السعادة أو المتعة

ولا أحد فيها أيضا يعيش قمة الشقاء

الحياة عبارة عن صراع مابين السعادة التي يمنحها نعيم الحياة وبين عناء الملل الذي يصيب النفس تجاهه وصراع أيضا بين عناء قسوة الحياة وراحة التعود عليه والتكيف معه

وفي هذا الصراع يعم النفوس شيئ من إلاعتدال فلولا التقبل والتعود عماهو غير محمود لما تحمل إلانسان الحياة