يُقال أنك إن رغبتَ بمعرفة حقيقة شخص ما، فانظر إليه في ساعة غضبه، وراقب أقواله وأفعاله حينها لتقرر بعدها إن كان جديرًا بثقتك أم لا.

فالقول الشائع والذي ينظر إليه الكثير من الناس بأنه صحيح وحقيقي، أن الغضب يُعرّي حقيقة الإنسان، والشخص الغاضب لا يُمكن أن يكذب في مشاعره وأحاسيسه، بل ولا يستطيع أن يُنمّق الكلام في مجاملات وما إلى ذلك.

لكن وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع بذلك، إلا أن ما نعرفه أنه لا يصح لقاضٍ أن يقضي وهو غضبان، لأن غضبه سيؤثّر في عقله ونفسيّته وقد يقول غير الحق ويحكم بغير حق. كما أن الطلاق في العلاقات الزوجية لا يقع إن كان الزوج غضبانًا، لأن الغضب يؤدي للتسرّع في اتّخاذ قرارات خاطئة دون تفكير أو بصيرة.

أضف إلى ذلك أن الكلمات المرتبطة بالغضب والسلوك الصادر عن الشخص الغاضب مرتبط أكثر بـ "لحظة الغضب"، ولا يُمكن مقارنة المشاعر أو الكلمات والتصرفات في هذه اللحظة بالمشاعر الحقيقية للشخص.

من وجهة نظري، فإن لكل لحظة مشاعرها وسلوكها الخاص، ولا يُمكن أن نُقارن ونصنّف المشاعر في لحظةٍ ما بظرفٍ مختلف، والشخص الغريب المُثير للريبة هو من يُحافظ على نفس المشاعر والتصرفات في كل المواقف على اختلاف حدّتها! ألا تتّفق معي؟

فالغضب شعور شأنه كمشاعر أخرى كالحب والهدوء والكره، وله سلوكيات تختص به، وينظر إليه بعض علماء النفس باعتباره "ملح" المشاعر والأحاسيس. والحكمة ليست في تغييب هذا الشعور ومحاولة إخفائه، إنما بالاعتراف به كشعور حقيقي وعدم النظر إليه كشعور سلبي ومدمّر، بل إنه يرتبط بالتدمير إن كان موجّهًا من القلب لا العقل.

من وجهة نظرك، هل تجد أن الغضب يُعرّي حقيقة الإنسان؟ وهل كل ما يُنطَق في لحظة الغضب يُعبّر عن حقيقة مشاعر الشخص؟