بسم الله الرحمن الرحيم

كان رسول الله ﷺ يكثر من الدعاء بـ (يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك)، ولما سئل عن سبب ذلك قال: (إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ).

إذًا، فلا أحد في مأمن أن يتعرض للابتلاء في دينه، ولكن شتّان بين من يبذل الأسباب الموجبة للثبات والحفظ والنجاة فيكون جديرًا بوعد الله بحفظه: ﴿وَالَّذِّينَ جَاهَدُوا فِّينَا لَنَهْدِّينََّهُمْ سُبُلَنَا﴾ ومن يفتح على قلبه ذرائع الشكوك ودوافع الشبهات فيُخشى عليه من شؤم هذا التفريط: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ الَّلَُّه قُلُوبَهُمْ﴾.

دوافع الانحراف الفكري

وإن لمن أهم الدوافع والذرائع التي قد تكون سببا لهذا الانحراف؛ الاطلاع (العبثي) على كافة الدراسات الفلسفية والفكرية التي تقوم على منظومات فكرية مختلفة، لا تعتمد على مرجعية النص الشرعي ولا تعلي من مكانة الخطاب القرآني والنبوي، من دون أن يكون لدى الشاب حصيلة كافية لمحاكمة هذه الدراسات وإدراك جذورها واكتشاف مكامن القوة والضعف فيها، فيسقط الشاب سريعا مع أول قراءةٍ فيها، ليس لقوة هذه الدراسات، وإنما لضعف المحل الذي نزلت عليه.

وحين يقول بعض الناس إن الإسلام والحق قوي ببراهينه فلا يخاف عليه، فهو لا يفقه أن الإشكال ليس مع الحق ولا مع الإسلام، الإشكال مع هذا الشاب الذي قد يسقط لأنه لم يفهم حقيقة الإسلام، وما امتلأ قلبه بالتسليم والانقياد له، ولأنه قد وقع ضحية غش فكرية بتحريضه على الانْهماك في قراءات فكرية لا يستطيع أن يحاكمها فكان دورها أن تضرب أرضية الثبات لديه فيخرج منها حائرًا لا يلوي على شيء.