كان هذا تعليقًا لمقالٍ كتبته حسوبية بعنوان "الحقيقة المطلقة" آثرت أن أُشاركه .

الموت هي الحقيقة المطلقة التي يجمع عليها البشر باختلاف خلفياتهم ومشاربهم، هي فناء الوعي قبل الجسد والمحطة التي لا رجعة منها، بيْد أنه ليس كلُّ انسانٍ يرضى بالتصالح مع حقيقة الموت، وينجم عن ذلك بالضرورة محاولة إنكار هذه الحقيقة كحيلةٍ دفاعية يلجأ إليها وعي الإنسان لصرف التوتر المتمخّض عن ادراك هذه الحقيقة بكلّ زواياها، فظاهرة إنكار الموت تبدو لنا جليًّا ـ باختلاف تجليات هذا الإنكار ـ لو احطنا بتاريخ التناطح بين الوجود الانساني والموت إن صحّ التعبير،إذ إن الانسان منذ الأزل سعى إلى إيجاد "إكسير الحياة" الذي يهب الخلود الأبدي للبشر، وحتى في النصوص الدينية نجد ذلك، مثلاً ، حينما قال الشيطان "لوسيفر ـ ابليس" لآدم "هل أدلًك على شجرة الخلد" فصدّقه الأخير، ولعلّ هذا الطمع بالخلود من تجليات انكار الموت،ولو صرفنا النظر إلى عصرنا الراهن، لكي لا نطيل، نجد أنه بعد التقدم الهائل للطب الحديث في مداواة الأمراض المستعصية والكشف عنها والجراحة العضوية، لم يستبعد بعض المختصين اعتبار الشيخوخة مرضًا يمكن علاجه كغيره من الأمراض، كما نرى تهافت بعض الأثرياء إلى ابقاء أجسادهم في حالة التجمد ريثما يجد الطب، يومًا، سبيلاً لإعادتهم إلى الحياة.

أعتقد أنّ الموت برغم كونه غُصّة الوجود الإنساني ـ إنْ صحّ هذا التوصيف ـ هو ربّما ما يجعلنا نعي قيمة الحياة، وهو ما يجعل، حسب البعض، للوجود معنى.