لماذا لا نتمكن من الإقلاع عن العادات السيئة رغم معرفتنا أنها سيئة؟

ببساطة لأن العادة تتحول لادمان سلوكي مع الوقت. لذلك فعندما ينظر شخص غير مدخن للسيجارة يرى أنها ورقة معبأة بتبغ ومواد كيماوية أخرى يحرقها الشخص ليستنشق دخانها المسمم، وبسبب تلك النظرة المجردة لا يفهم سبب تعلق المدخنين بها، لكن المدخن لا يراها كذلك مطلقا، بل هي وسيلته لتخفيف الضغوطات والمشاكل اليومية، لذلك برغم علمه بأضرار التدخين فبمجرد ما يوضع تحت ضغط ويحتاج لتنفيس هذا الضغط تعميه الرغبة ويعود للتدخين مجددا. وقس هذا على أي عادة اخرى، فالتعود يؤدي للراحة والراحة هي ما نبحث عنه جميعا بأي شكل

سؤالك في الصميم لأن فعلاً كثير منا يعاني من عادات سيئة يعرف تمامًا مدى ضررها ومع ذلك لا يتركها أعتقد أن السبب الجذري في أغلب الحالات هو ضعف الإرادة لا ضعف الفهم يعني إحنا مش محتاجين دليل جديد يثبت أن التدخين مثلًا ضار أو أنه يستنزف النفس والصحة والمال لكن ما ينقصنا هو قوة داخلية تُقاوم التعلق النفسي بالعادة بعض العادات لا تكون مجرد تصرف متكرر بل تتحول مع الوقت إلى ملجأ نفسي أو وسيلة هروب أو تهدئة مؤقتة وهنا يصعب التخلي عنها لأن البديل غير موجود أو غير مقنع برأيي الحل يبدأ من فهم أعمق للعلاقة بيننا وبين هذه العادة ثم بناء إرادة حقيقية بالتدريج مش دفعة واحدة مع بدائل واقعية تعوّض هذا الفراغ شيئًا فشيئًا

ببساطة: لأننا مدمنون عليها!

أول خطوة في طريق النجاح في الإقلاع عن إدمان شيء ما، هو الاعتراف!

إذا لم نعترف أننا "مدمنون" فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نضع قدما في طريق الإقلاع!

شخصيا: عندما أريد أن أحارب عادة سيئة ما: أبحث عن معلومات كثيرة جدا عنها، كيف تحدث؟ لماذا تحدث؟ كيف استطاع الناس الإقلاع عنها؟ أشاهد فيديوهات، بودكاستات، أقرأ... كل موضوع يوجد عليه أعداد محتوى لا نهاية لها على الأنترنت، لا بد أن تجد ضالتك في مكان ما.

الحديث في هذا يطول، لكن يمكن اختصاره في أهم الأساسيات للإقلاع: الاعتراف، الابتعاد عن أماكن توفر المادة الأساسية في هذه العادة (مثل السجائر، لا تشتريها، لا تضعها في جيبك، لا تمر بالشارع الذي فيه كشك بيع التدخين...)، تجنب مسببات العودة للعادة (مثل الغضب، القلق، الجلوس مع المدخنين)، والمهم جدا: استبدال العادة (في مثالك: استبدل السيجارة بالسواك، والرياضة، والجلوس مع أصدقاء صالحين غير مدخنين، ووضع أهداف حياتية تتعارض تماما مع هذه العادة مثل طلب العلم الشرعي)، ثم الثبات، ثم الثبات، ثم الثبات.

وبعد ذلك كله: يتعرض المدمن لانتكاسات كثيرة ومتكررة (غالبا)، لكن الفرق بين الناجح والفاشل: هو أن الناجح فشل مرات أكثر من الفاشل!