أثناء بدء ظهور علامات الأزمة الاقتصادية في مصر هذه الفترة ، بدأنا نسمع بشكل متكرر وخاصة الذين يتابعون الوضع الاقتصادي لمصر حاليًّا – عن جملة "تعويم الجنيه" ، ما المقصود بالتعويم ؟ ومتى تلجأ إليه الإدارة الاقتصادية في الدولة ؟
تعويم العملة، ماذا يقصد بها؟
ما المقصود بالتعويم ؟
تعويم العملة يعني ان يكون لها سعر صرف عائم وهو السعر الذي يتم تحديده من خلال العرض والطلب في السوق المفتوحة.
ودائما ما تحاول الحكومات والبنوك المركزية إبقاء سعر عملتها مناسبًا للتجارة الدولية.
يقابل التعويم ، سعر الصرف الثابت وهو نموذج عملة آخر ، وفيه يتم ربط العملة أو الاحتفاظ بها بنفس القيمة بالنسبة لعملة أخرى.
ومتى تلجأ إليه الإدارة الاقتصادية في الدولة ؟
يحدد الخبراء ثلاثة أسباب رئيسية تجعل بلدًا ما يتبع سياسة تعويم قيمة العملة:
1. لزيادة الصادرات
وذلك لانه في السوق العالمية ، يجب أن تتنافس البضائع من بلد ما مع تلك الموجودة في جميع البلدان الأخرى. فإذا انخفضت قيمة عملة ما امام باقي العملات ، فإن سعر المنتجات المباعة من قبل الشركات المصنعة في هذا البلد في بقية البلدان ، سيكون فعليًا أقل تكلفة مما كان عليه من قبل. من ناحية أخرى ، فإن العملة الأكثر قيمة تجعل الصادرات أكثر تكلفة نسبيًا للشراء في الأسواق الأجنبية.
2. لتقليص العجز التجاري
وذلك لأنه مع تعويم قيمة العملة وتخفيضها ستزداد الصادرات وستنخفض الواردات بسبب انخفاض تكلفة الصادرات وزيادة تكلفة الواردات. وهذا يؤيد تحسن ميزان المدفوعات مع زيادة الصادرات وانخفاض الواردات ، وتقليص العجز التجاري.
3. للحد من أعباء الديون السيادية
فإذا كانت الدولة لديها الكثير من الديون السيادية الصادرة عن الحكومةفإذا تم إصلاح مدفوعات الديون ، فإن العملة الأضعف تجعل هذه المدفوعات أقل تكلفة بمرور الوقت.
لنفهم المطلوب لنبدء بفهم مضاده وهو العملة الثابتة
سعر الصرف الثابت هو السعر الرسمي الذي تحدده السلطات النقدية لعملة واحدة أو أكثر. يعني هذا النظام وكما يشير الاسم إلى أن سعر الصرف لزوج عملات معين ثابت، حيث يتم تحديد سعر الصرف بموجب هذا النظام من خلال تعادل العملة على أساس محدد أو قاعدة محددة، سواء كان هذا الأساس ذهباً أو عملة رئيسية أخرى كالدولار الأمركي.
تعويم العملة هو جعل سعر صرف هذه العملة محرراً بالكامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر. بل يتم إفراغها تلقائيًا في سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب التي تتيح تحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
تعويم العملة هو جعل سعر صرف هذه العملة محرراً بالكامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر. بل يتم إفراغه تلقائيًا في سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب التي تتيح تحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
يُستخدم هذا الأمر لتحقيق العديد من المنافع أهمّها: في الحالات التي يكون فيه عدم التوازن عجزًا، سيؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة العملة. ويؤدي ذلك إلى خفض تكلفة صادرات البلاد، وخلق طلب أعلى، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفي النهاية تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات ومع تعويم العملة، وتميل عملات الصرف العائمة إلى جعل الاستثمارات بين البلدان أكثر مرونة وجاذبية، كما يمكنها أيضًا تعزيز الاقتصاد الكلي للبلد والإنتاج المحلي لا تحتاج البنوك المركزية إلى الاحتفاظ بمبالغ كبيرة من احتياطي العملات الأجنبية لموازنة سعر الصرف. ويمكن استخدام الاحتياطيات لتحفيز التنمية الاقتصادية عن طريق شراء السلع.
لكن برأيي نحن نستخدم هذا الأمر كعرب كمفتاح إنهيار عادةً، عندما يتعامل بلد ما مع قضايا اقتصادية مثل ارتفاع معدل البطالة أو التضخم، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وما إلى ذلك، فقد لا يساعد سعر الصرف العائم في التعافي إذا استمرت العملة في الانخفاض، وبالتالي سيزداد التضخم، وكذلك الطلب على السلع. ناهيك عن أنه إذا كان يمكن الاعتماد عليها على أي نوع من الواردات لأي سلع مهمة، فإن ذلك سيجعل المشكلة أكبر.
تعويم العملة أو كما يعرف في دولة مصر بتعويم الجنيه هو إستراجية تلجأ إليها بعض الدول لإنقاذ سعر عملتها من الإنهيار و هي إستراتيجية عرفت تباين في الأراء بين مؤيد و معارض نظرا للمخاطر الكبيرة التي قد تنجر وراءها ، لكن و قبل أن ندخل في تفاصيل هذه الإستراتيجية يجب أن نفهم أولا كيفية تحديد سعر صرف العملات .
العوامل المتحكمة في سعر صرف العملة :
سابقا كان إحتياط الذهب هو المتحكم الرئيسي في سعر صرف العملة فكانت البنوك و المصارف تتسابق لشراء كميات كبيرة من الذهب بغية رفع أسعار العملات لكن و لأن هذه الإستراتيجية في التسعير لم تكن عملية بالشكل المطلوب و لأنها تسببت في أزمات إقتصادية و إنهارت على إثرها الكثير من العملات و على رأسها عملة الأورو ، تم تغيير هذا النظام في التسعير و صارت بعد ذلك قوانين البورصة هي المتحكم الرئيسي في سعر أي العملة ، و حينما نتحدث عن قوانين البورصة فإننا نقصد هنا العرض و الطلب ، بمعنى آخر فالعملة كلما زاد عليها العرض زادت قيمتها و إرتفع بذلك سعر تصريفها . و عرف هذا النظام تدخل الدول للتأثير على البورصة بطريقة غير مباشرة لرفع أسعار عملاتها
طريقة تدخل الدول لرفع أسعار الصرف :
في الواقع توجد العديد من الإستراتيجيات التي إتبعتها الدول لرفع سعر الصرف ، نذكر منها :
- فرض سعر صرف تابث : و يتم عن طريق التثبيت المباشر لقيمة العملة بنسبة محددة مسبقا و هي إستراتيجية مناسبة للدول ذات الإقتصاديات الصغيرة
- التسهيل و فتح المجال للإستثمار الأجنبي : و هي إستراتيجية لجأت إلى تونس سابقا حيث ألغت الضرائب على المستثمرين الأجانب لمدة عشرين سنة على أن يتم تأميم مشاريعهم لصالح الدولة بعد إنقضاء فترة العشرين سنة و بذلك تهاتف المستثمرون على فتح المشاريع في تونس و زاد بذلك الطلب على عملة الدينار التونسي في البورصة العالمية ، و لهذا نجد أن سعر صرف الدينار التونسي أعلى من سعر صرف الدينار الجزائري على الرغم من إمتلاك الجزائر لإقتصاد قوي مبني على المحروقات.
- رفع الفوائد في البنوك : و هي إستراتيجية لجأت إليها الولايات المتحدة الأمريكية لرفع سعر الدولار حيث زاد الطلب على العملة لأن الفوائد في البنوك الأمريكية مرتفعة.
- تعويم العملة : و هي الإستراتيجية التي يتمحور حولها موضوعنا و تتم عن طريق عدم تدخل الدولة نهائيا لرفع سعر عملتها ليكون بذلك قانون العرض و الطلب هو المتحكم الرئيسي في سعر الصرف ، و تلجأ إليها الدول التي تؤمن بكفاءة الأسواق و أن الإنقياد لتيارات السوق ستؤدي حتما للوصول الى توازن في سعر الصرف.
مخاطر إستراتيجية تعويم العملة :
تظل هذه الإستراتيجية من أكثر الاستراتيجيات مخاطرة و ذلك لأن الإيمان الأعمى بكفاءة الأسواق في الواقع مجرد وهم عار من الصحة ، ذلك لأن معظم الدول تتدخل بطريقة غير مباشرة لرفع أسعار عملاتها و هذا يمنع الوصول الى التوازن في الأسواق بمعنى أن البقاء في الأسواق صار للأقوى و أن الدول الأضعف التي ترفض التدخل في السوق مصيرها سيكون إنهيار عملاتها.
التعليقات