هل وصلنا لمرحلة نخاف فيها من الحجة أكثر مما نخاف من الجهل؟ حين يتحول النقاش الفكري إلى معركة ألقاب..
عندما تصبح "أنت مغالط" بديلاً عن حجتك ضعيفة..
ويصير "أنت تشخصن" درعًا واقيًا لكل فكرة هشة..
أليس هذا الهروب الأنيق من مواجهة الأفكار؟
ما أشبه بعض النقاشات اليوم بحفل تنكري الأفكار ترتدي أردية المصطلحات الفاخرة، والعقول تتخفى خلف أقنعة المنطق الزائف، والحقيقة تختنق تحت عباءة الأدب النقاشي المزيف
عندما نخاف من نقاش..غالبًا ما نخاف من المرآة التي يضعها أمامنا. عندما نرفض حجة قوية..غالبًا ما نرفض رؤية ثغرات في قناعاتنا. عندما نلجأ للمصطلحات..غالبًا ما نكون قد استنفدنا مخزوننا الفكري.
نمتلك كل أدوات النقد المنطقي، نعرف كل أنواع المغالطات الفلسفية، نحفظ مصطلحات النقاش الأكاديمي.. لكننا فقدنا القدرة على نقاش بسيط.. صادق.. شفاف
كأنما نحن في سباق من يكتشف المغالطة أولًا؟ من يصرخ تشخيص بأعلى صوت؟ من يربح بطولةالنقاش النظيف؟ بينما الفكرة الأصلية.. تموت في زاوية النسيان
هنا تكمن المأساة أن نكون الأكثر معرفة بالمصطلحات..والأقل ممارسة للتفكير. أن نكون الأسرع في التصنيف..والأبطأ في الفهم. أن نكون الخبراء في نقد الشكل..والهواة في فهم المضمون.
تخيلوا معي ساحة نقاش حيث الأفكار تتقاتل بشراسة، لكن ليس بالحجج..بل بالمصطلحات! ليس بالمنطق..بل بالاتهامات! ليس بالبرهان..بل بالهروب نحو التشخيص
أليس هذا هو الانتصار النهائي للشكل على المضمون؟
فالسؤال الذي يستحق التأمل هل نحن في حوار..أم في مسرحية؟ هل نبحث عن الحقيقة..أم نلعب أدوار المفكرين؟ وهل نخاف فعلاً من الشخصنة.. أم نخاف من أن تكشفنا المرآة الفكرية عن حقيقتنا؟
التعليقات