كنت سمعت منذ فترة قريبة أن النقص والحرمان هو ما يحفز الإنسان لكي يغير وضعه ويحقق إنجازات كبيرة. أما الشخص المشبع الذي لم يُحرم من شيء طوال حياته فلن يكون له دافع لكي يقوم بالمثل، فما هو رأيكم؟ ما الذي يحفزنا للسعي نحو الأهداف؟
ما الذي يحفزنا للسعي نحو الهدف؟
لا أتفق مع تلك الجملة حيث يمكن للشخص الذي ولد ممتلئ الرغبات لو وُضع في بيئة تنافسية سوف يسعى لتحقيق المزيد، وهذا هو العامل الأهم من النقص والشبع في رأيي، تنافسية البيئة التي تدفعنا للنظر نحو أنفسنا وما حققناه ومن ثم مقارنته بالآخرين وتحقيق المزيد، صحيح أن الشائع لسعي معظمنا في الدول العربية هو ارضاء حاجة ما، ولكن لا أعتقد أن رغبتنا في الاستمرار تنتهي بالاشباع أو إيجاد الهدف.
البيئة لها دور كبير بالفعل ولكن الدافعية الذاتية هي الأهم، بمعنى أن الإنسان الذي ولد وهو مترف بالنعم ولم يعاني طوال حياته قد تدفعه عائلته للسعي والعمل ليكمل مسيرة عائلته في الإنجازات ولكن طالما أن داخله لا يهتم لأنه لا يرى تأثير أو قيمة لما سيقوم به على حياته فهو لن يحرك ساكنا، هؤلاء من يسمون بالأبناء المدللين أو الأثرياء المدللين فهم اعتادوا على التلقي أكثر من السعي، ولنفكر بمنطقهم أيضا لماذا يتعب وكل شيء متوفر له؟
بالنسبة لإجابة لماذا يتعب وكل شيء متوفر، فهنا تكمن المشكلة لأن إجابتي سوف تكون نتاج تجربتي الحياتية التي أجبرتني على السعي لأكون إنسان أفضل ونيل ما أريد بالتعب وإلا لن أحصل على شيء، إذا فكيف يفهم هو هذا؟ كيف أصلا سوف توجهه عائلته لاستكمال مسيرة الانجازات؟ الإجابة واحدة وهي الإحساس بالخطر أو خلق حاجات ينبغي إشباعها، وها شيئان لا أتخيل أحدًا يتحرك بدونهما.
من وجهة نظري، هناك عدد لا حصر له من الدوافع لتحقيق الأهداف. كما أنه لا يجب أن يكون هناك دافع واحد بل قد يكون هناك عدد من الدوافع لتحقيق الهدف ذاته. فهناك بالفعل من يكون النقص والحرمان هو الدافع الأساسي له للنجاح، لكن على الجانب الآخر فقد رأيت أشخاصا مشبعين لم يحرموا من شيء طوال حياتهم لكن هذا الأمر جعلهم يريدون الشعور أن نجاحهم نابع من موهبتهم وقدرتهم وليس من الظروف المثالية التي وجدوا فيها فقط. وبالتالي من الممكن الإجمال بالقول أن الرغبة في إثبات الذات هي الدافع الأساسي للنجاح
يريدون الشعور أن نجاحهم نابع من موهبتهم وقدرتهم وليس من الظروف المثالية التي وجدوا فيها فقط.
ومع هذا ستجدهم أول المستغلين لظروفهم لكي يقدموا مواهبهم وقدراتهم ولنا في أبناء المشاهير مئات الأمثلة. الشخص الذي يسعى لإثبات ذاته حقا سيتجرد من كل وسائل المساعدة التي وفرتها بيئته له على طبق من ذهب وينطلق نحو الحياة بمفرده يخوض تجاربه ومعاركه معتمدا على نفسه وذكائه وقدراته فقط.
ستجدهم أول المستغلين لظروفهم لكي يقدموا مواهبهم وقدراتهم
أمثال هؤلاء يتظاهرون فقط بأنهم لا يريدون أن تكون ظروفهم هي سبب نجاحهم لكنهم في الحقيقة لا يكترثون أو يقنعن أنفسهم بالعكس، لكن أنا فعلا قد رأيت عددا من النماذج التي تتجرد من كل وسائل المساعدة وتشق طريقها بمفردها لتحقق نجاحا خاصا بها بعيدا عن ظروفها المثالية عن وسائل المساعدة التي يمكنه استخدامها متى يشاء إلا أنه يتمسك بهدفه ولا يفعل، وهو أمر أعتقد أنه يتطلب الكثير من الإرادة وضبط النفس
الرغبة في تحقيق الذات والشعور بالإنجاز. الشغف تجاه الهدف والتمتع بالسعي نحوه. الحاجة إلى التغيير أو التطوير الشخصي. الدعم والتحفيز من الآخرين. الرغبة في ترك بصمة أو تأثير إيجابي. التوقعات الإيجابية للمكافآت والنتائج. التغلب على التحديات وإثبات القدرة الذاتية.
من بين كل هذا أعتقد أن السبب الأول والأهم وربما يكون الوحيد عند نسبة كبيرة من البشر هي "الأنا" بمعنى أن الإنسان يرغب فقط بأن يرضي غروره ويثبت أن الأفضل أو على الأقل أنه موجود ومؤثر وله أهمية ومن دونه سيتأثر من حوله أو المجتمع بشكل عام، ولهذا نجد كثيرا أشخاصا قد لا يستمتعون بما يقومون به ولا يهتمون بغيرهم أو بحياتهم ومازالوا يتحركون كالصاروخ نحو تحقيق هدف ما فقط لإعلاء قيمة شأنهم.
قد تتنوع الاجابات كثيراً ولكن برأيي أن أهم ما نشترك به في هذه الأمور وما يحفزنا فعلاً للسعي نحو الهدف هو الإيمان بأهمية الهدف نفسه وتأثيره على حياتنا نفسها، يعني مع كل هذا التنوّع بالاهداف يبقى المشترك الايمان بتأثيرها علينا، الرغبة في تحقيق التغيير الإيجابي أو تحسين حياتنا الشخصية والمهنية، وهذه تُعد قوة دافعة أساسية، لإننا متى تحلينا بهذا الايمان تصبح التحديات التي نواجهها تُشعل الحماس وتدفعنا لإثبات قدراتنا لا العكس.
مع الايمان السابق قد يشكّ الدعم من الأصدقاء أو العائلة دور كبير بتعزيز الحافز، هذا إذا ما اتبع هذا الحافز بسلوكيات صحيحة بالتعامل مع الهدف عبر تقسيم الهدف إلى خطوات صغيرة يجعل الطريق أكثر وضوح وأسهل تحقيق.
التعليقات