لاحظت هذا الأمر عدة مرات، أتحدث مع أشخاص بمفردهم وأفهم طريقة تفكيرهم وآرائهم قبل أن يأتي موعد الاجتماع في العمل، لأجد أن نسبة كبيرة منهم إما تغيّر رأيها تمامًا ليتسق مع رأي الأغلبية، أو ربما يكون أكثر جرأة منهم، أو تخرج بأفكار جديدة ومبتكرة إلى حد كبير، لم تكن تشبه أبدًا ما تحدثنا عنه، فهل للتفكير الجماعي دور في ذلك؟
لماذا تتأثر أفكارنا عندما نتواجد داخل مجموعات أو ما يُعرف ب"التفكير الجماعي"؟
التأثير الجمعي أو روح الجماعة، له تأثير كبير على أفكار الفرد فحينما يكون وسط جماعة يتحرك ويفكر تلقائيا مثلهم بمعنى أنه يتم إلغاء تفكيره الخاص، هذا ما قاله العديد من علماء الاجتماع مثل جوستاف لوبون عن فناء روح الفرد داخل الجماعة بحيث يتأثر أسهل ويغير أفكاره وسط الجموع بهدف الاندماج وسطهم والابتعاد عن التشابك الفكري حتى في أبسط الأمور لأكثرها تعقيدا، لأن رأي الغالبية له قوة تؤثر على الفرد وتدفعه دفعا ليكون مثلهم ليس إلا.
ولكن عندى سؤال من إذاً الذي يكون له التأثير فى هذا الجمع؟! نحن نقول أن المعظم يلقى اللعبة عند غيره أو يحاول أن يواكبهم، من إذاً يقرر ويقول؟! ومن يسير المعظم خلف قوله؟!
أظن أن الفكرة أنه يكون هناك بعض ممن يتسلطون برأيهم على الغير، ويسخرون من كل رأي يخالف ما يريدونه هم، وبالتالي، تصبح بيئة النقاش غير فعالة بالمرة. فينسحب البعض ولا يبدون رأيهم من الأساس، ويؤيد البعض رأي الشخص المتسلط مثلا لمجرد ان يكون في توافق مع المجموعة.
والحل الذي أراه هو وجود قائد للنقاش محايد، وهادئ، ومنفتح، ومشجع لمن حوله. وجود مثل هذا القائد الذي يعلم الجميع أنه لا ينتقد بسخرية، ويسمع الأفكار ويحللها جديا يشجع أصحاب الأفكار الجيدة على المشاركة، ويحدّ من تسلط أصحاب "الصوت العالي".
هناك من يزجر هؤلاء المتسلطين، ولكن هناك شخص غير متسلط له كلمة يسمعها الناس؟! من هذا الشخص وماهي صفاته؟!
أظنه من يكون صادقا وواضحا وصريحا في تعامله، ويعرض أفكاره بشكل منطقي (يوضح الأسباب وراءها). متقبل للآخرين، ومنفتح لسماع لأفكارهم، لا يرفض الناس بناء على قيل وقال، ولا يتأثر بالإشاعات، وغيره. يحترم الجميع حتى من يختلف معه. لا يتكلم إلا بما يعرف، ولا يكثر الحديث في ما لا يفيد.
الناس تحسّ بمن ينتقدها، ويقلل منها، ويحتقرها. وهم كذلك يحسون بمن يعاملهم بأنهم جميعا بشر، وعلى قدم واحدة من المساواة. من يتمتع بصفات قائد حقيقي هو من يستمع الناس لكلامه، ويقدرون رأيه.
أظنه من يكون صادقا وواضحا وصريحا في تعامله، ويعرض أفكاره بشكل منطقي (يوضح الأسباب وراءها). متقبل للآخرين، ومنفتح لسماع لأفكارهم، لا يرفض الناس بناء على قيل وقال
نسبة قليلة جدًا من القادة هم من يتمتعون بالصفات التي ذكرتيها، وكما قال مصطفى الأشخاص المتسلطة تحتاج لشخص حازم وذا رؤية واضحة من البداية، وقتها فقط ستكون بيئة العمل والتفاعل داخل الاجتماعات، غرضه الاستفادة من التفكير الجماعي لتوسيع الأفق وابتكار أفكار ذات قيمة.
هناك عدة سمات يتميز بها المؤثر في هذا الجمع ومنها قوة الشخصية إذ يحاول التأثير فيمن حوله برأية وأفكارة دون محاولة إجبارهم، ومهارات التواصل الفعالة إذ يستطيع تبادل الآراء والأفكار دون ان يسيئ لمن حوله ويوصل الفكرة لمن حوله بأسلوب واضح وجذاب، قوة القيادة فله القدرة على إدارة حوار فعال، مبدع ومبتكر لطرح أفكار جديدة وحلول فعالة يتأثر بها الفريق، بالاضافة لكونه مثقف ويملك خبرة بمجال النقاش.
بمناسبة هذا الكلام، لقد كنت فى المواصلات اليوم وهناك مشكلة مواصلة من مدينة لمدينة أخرى، لكن السواقين يتشرطون على الركاب أنهم سينقلوهم من مدينة لمدينة قبل المدينة الأخرى، حتى يأخذوا أجرتين، والناس معظمهم ساكتين ويذهبون إلى سيارات أخرى ومنهم من يركب ويسكت ولكنى تحدثت إلى السواق وأخبرته أنه إن لم يقلنا إلى حيث يجب أن يقلنا لأتصل له بالشرطة وبدأت التحدث معه بصوت عالى وبطريقة حازمة، وإذ بي أجد جميع الركاب الذين كانوا لايسمع لهم حس، بدأو يصيحوا فى السائق ولكنى من بدأ وإضطر السائق ليقلنا حيث يجب.
وهذا إسقاط كبير على الموضوع، حقاً الناس تتبع الجمع، الجميع ساكت، واحد به صفات معينة بدأ يتحدث بدأ الجميع يتحدثون مثله، لكن السمة الوحيدة المختلفة فى هذا الشخص أتدرون ماهي صفة الشخص الذي يؤثر فى الجمع الأساسية والتى إن لم تتواجد فيه مع قوة الشخصية وكل ماقلتم لن يكون مؤثراً فى الجموع؟!................................................................................إنها صفة المبادرة................................................................ أن تكون مبادراً أن تبدأ تأخذ زمام الأمور الذى لا يأخذ بزمامها الغالبية.
صحيح، ذكرت هذا في تعليقي لحمدي، إلغاء أفكار البعض قد لا يعود دائمًا لفكرة تأثير الجماعة، ولكن الخوف من المبادرة من الأساس، تخاف أن تخطئ، تخاف أن يستهزئ أحدهم برأيك (سيناريوهات عقلية فقط)، ما فعلته أنت هو دليل واضح على أن الجميع خاضه لظاهرة "تأثير المتفرج" أي أنه يلقي بالمسؤولية بشكل لاواعي على من حوله في نفس الموقف، فإذا قام أحدهم بالمبادرة، يتبعون خطاه، وغذا لم يحرك احدهم ساكنًا، يستمر الوضع على ما هو عليه.
أتفق معك في نقطة تأثير الجماعة ولكن إلغاء التفكير، ألا تقع في حيز الخوف من المبادرة أكثر؟ في الأغلب يصبح الشخص أكثر جرأة بسبب تأثير المجموعة، جزء منهم فعلًا يتراجع عن ذكر أفكاره الأصلية، ويبدأ في طرح أفكار تشبه ما يُطرح في الاجتماع، أحيانًا تكون غير منطقية أو حماسية بعض الشيء، مع أن أفكارهم الأصلية في بعض الأحيان قد تكون أفضل مما طرح في الاجتماع.
التعليقات