أراقب السينما العربية يومياً، السورية بالأخص والمصرية والسعودية مؤخراً، وكل هذه المُنتجات السينمائية الحالية برأيي لا ينقصها لا القصص ولا الصور ولا المواهب الفنية لكي تبرز ولا حتى الأموال على الأقل بحالة السعودية، بالعموم ما هي الأمور إذاً الذي تنقص السينما العربية لكي تصبح عالمية برأيك؟ سؤال يحيّرني فعلاً وانتظر أن تشاركني برأيك بصدده!
ما الذي ينقص الصناعة السينمائية العربية لتصل للعالمية برأيك؟
أعذرني ولكن أنا متابع جيد للسينما ويمكنني أن أخبرك أننا مؤخرا على المستوى المصري خاصة والعربي عموما من الصعب أن نقدم عملا فنيا متكاملا أو شبه متكامل وما يتم تقديمه يكون طفرات بالمعنى الحرفي للكلمة، لدينا مشاكل على مستوى الكتابة والأفكار وكأننا قد وضعنا أنفسنا في قوالب يتم إعادة ملئها فقط لكي تفرغ من جديد، وكأن مشاكل المجتمعات العربية كلها حول الأب الحنون والصديق الوفي والحب المحرم والكوميديا المصطنعة، التجديد عندنا حينما يتكرم ممثل كبير في السن أخيرا أن يمثل دورا مناسبا لعمره الحقيقي! المشكلة عمرها ما كانت القدرة المالية ولا استخدام أحدث معدات التصوير والمونتاج والصوت، المشكلة تكمن في "الورق" هكذا نطلق عليها في مصر حينما نتحدث عن السيناريو للفيلم فغالبا ما يكون ركيك وغير متماسك، سواء من ضعف البناء الدرامي أو تصعيد الأحداث أو سرد كافي للشخصيات ودوافعها، فمهما كان المخرج مميز مثل مروان حامد إلا أنه بسبب السيناريو تتساقط أفلامه واحدة تلو الآخرى مؤخرا مثل الفيل الأزرق 2 والأصليين وكيرة والجن فبرغم أنه يمتلك كل ما يحتاج من تمويل سخي وجروب عمل قوي وأحدث الأجهزة إلا أن هذه الأفلام تعد أضعف أعماله والنسبة الكبيرة تقع على عاتق السيناريو الذي كان يملكه وجميعهم كانوا بكتابة نفس الشخص وهو أحمد مراد!
وقلما وجدنا فيلما يغرد خارج السرب مثل أفلام المخرجة اللبنانية نادين لبكي فكل فيلم هو علامة بحد ذاته والمخرج المصري محمد دياب الذي ترك مصر ليعمل في هوليود وآخر أعماله المسلسل الشهير مع مارفل " فارس القمر" وبالتأكيد توجد العديد من الأفلام الجيدة في من كل بلد عربي ولكننا لو قارنها مثلا بالسينما الإيرانية وكم الأفلام الممتازة التي بالفعل توصل للعالمية كل عام ما لا يقل عن 4 أفلام مقارنة بكل أفلام الوطن العربي في العام فلا أعتقد أننا نستطيع منافسة السينما الإيرانية وحدها ما بالك بالعالمية!
وكأننا قد وضعنا أنفسنا في قوالب يتم إعادة ملئها فقط لكي تفرغ من جديد،
يا ريت لو كانت هذه القوالب قوالبنا، في الكثير من الأحيان تكون القوالب أجنبية تملأ بما هو معرب فلا الفقالب مناسب ولا المضمون مناسب للقالب، النتيجة حدث ولا حرج، لا تمثيل ولا كتابة ولا صلة بالواقع كأنك تشاهد عالم آخر لا يمكنك تقبله حتى في الأحلام ولا يقبله عقلك ابدا.
وقلما وجدنا فيلما يغرد خارج السرب مثل أفلام المخرجة اللبنانية نادين لبكي
بالفعل أفلام نادين لبكي شكّلت طفرة حقيقية في السينما العربية حيث وصلت أفلامها إلى العالمية ومع ذلك بقيت بثيمتها ضمن إطار المحلي لا بل في إطار أيضاً المحلي المتخصص، بالعموم أشعر بأنّ نَفَس الفن اللبناني أقرب إلى الصدق من غيره مؤخراً، ربما ما يضرّنا فعلاً في مجتمعاتنا العربية محاولة التعالي على مشكلاتنا وحتى أشكال حياتنا ضمن الصورة والقصة السينمائية، هذا مثلاً ما أراه مؤخراً بالسينما المصرية، كل القصص مصطنعة، وكلّها بأماكن لا تشبه مصر فعلاً.
ولكن برأيك ما هو سبب ضعف السيناريوهات المطروحة؟ هل ينقص الكُتاب دراسة مثلًا أو إلى ماذا يعزى تراجع كتاباتهم؟
هل ينقص الكُتاب دراسة مثلًا أو إلى ماذا يعزى تراجع كتاباتهم؟
لا ينقصهم دراسة ولكن ينقصهم شيء مهم وهو احترام عقلية المشاهد بالإضافة إلى الغرور وأيضا غياب دور الناقد الفني.
أولها بدافع الفضول وثانيها بسبب الحملات الترويجية فأغلبها يكون خادع ولن تستطيع الحكم إلا إذا شاهدت وخاصة أن الحملات الترويجية يشارك فيها أناسا يخبوك بأن العمل جيد.
أولها بدافع الفضول وثانيها بسبب الحملات الترويجية فأغلبها يكون خادع ولن تستطيع الحكم إلا إذا شاهدت وخاصة أن الحملات الترويجية يشارك فيها أناسا يخبوك بأن العمل جيد.
أضيف على كلام حضرتك أيضاً في أن السبب الذي يدعو الناس إلى مشاهدة هذه الأفلام أيضاً هو غياب الناقد الثقة، أو ربما ليس غيابه بل تهميشه من قبل الناس والفنانين والصناعة ككل، لو كان لدينا ناقد جيّد يفهم مهمّة نقد الأفلام فعلاً لكنّا جنّبنا على أنفسنا عناء الكثير من الأفلام، عناء مشاهدتها ولكنّا ركّزنا فقط على توجيهاته وإشاراته نحو الأفلام الأفضل، أصلاً بهذه الطريقة يمكن أن تتطوّر السينما كلها ككل.
أعتقد أن الأفكار التي لن تتضمنها السينيما العربية بحكم الخلفية الثقافية الدينية والمجمع المحافظ لا يسمح لها بأن تلقى القبول ذاته الذي تلقاه أعمال غربية بأفكار كلنا نعرف ماهيتها بمجرد ذكر منصات العرض كنيتفلكس، وكما أشرت في مساهمتك فالبرغم من جودة العمل من حيث الإنتاج والإخراج والملف المالي إلا أن المحتوى الرائج الذي يجعل للعمل السينيمائي صدارة؛ يقترن بعناصر ثقافية دخيلة وجدا منحدرة.
بحكم الخلفية الثقافية الدينية والمجمع المحافظ
أنا مطّلع عن قرب على طريقة تفكير المخرجين والمنتجين في لبنان ومصر وسوريا وفي الثلاثة حالات أسمع دائماً هذه العبارة التي ذكرتها حضرتك ولكن حين أفتح مثلاً الإحصائات التي تبيّن لنا الأكثر مشاهدة أرى إقبال غير طبيعي على مسلسلات وأفلام لا تتمسك بهذه الجملة التي غالباً ما نستخدمها للتعالي على واقعنا لا لتشريحه فنياً أو لإخفاء أمور نراها أصلاً في حياتنا اليومية.
صراحة هي تنقص كل ما ذكرته، لا يوجد من القصص ولا المواهب ما هو أقوى وأكثر تميزا ليستطيع المنافسة عالميا، المواهب الفنية التي تقدم أغلبها ليست مواهب حقيقية، بل هي مواهب مورثة، المهنة هنا مصر بالأخص كلها أبناء عاملين، والقصص أغلبها مكرر ولا يقدم أي جديد، لا يوجد ابتكار فريد يخص أو يعبر عن الهوية العربية، والأهم لا يوجد مبدأ وروح المنافسة من الأساس، فلو افترضنا وجود الأشياء السابقة، الناس هنا ولنقل أغلبهم وليس جميعهم، ليس لديهم إيمان أو طموح بأنهم يمكنهم المنافسة، وهذا أهم شيء برأيي، فإذا ما أمن الشخص بقدرته على فعل الشيء لن يصل له بالأساس.
والأهم لا يوجد مبدأ وروح المنافسة من الأساس
أحب هذه الجملة، لإنّ بها برأيي ننتقل إلى مقارنة مباشرة وحيّة مع الصناعات الأخرى في أوروبا وغيرها، مثلاً مقارنة بين الصناعات العربية ونتفلكس على الأقل، وهنا لا بد حين نورد المقارنة وأمرها أن نعرف كل شخص بماذا يتفوق على الآخر، أنا برأيي أننا نملك جميع ما تملكه نتفلكس بالضبط ولكن ربما يعوزنا الصراحة مسألة التحرر من القيود الرقابية الشعبية قبل الحكومية حتى، تلك القيود التي تطالب السينما العربية بالتعالي على الواقع وعدم معالجته فنياً خوفاً من البلبلة بالعاميّ.
وكل هذه المُنتجات السينمائية الحالية برأيي لا ينقصها لا القصص ولا الصور ولا المواهب الفنية لكي تبرز
ربما الأفضل دعم الأفلام التي تتناول قضايا راقية ومثيرة والتي تستعرض الثقافة والتاريخ العربي بطريقة مبتكرة ومشوقة، كل قصص اليوم اجدها مستنسخة وليس هناك ابتكار فعلي وحتى لا تعبر على بيئتنا أو تمثل فعليا البلد المنتج، الافكار مستوحاة من مسلسلا وأفلام غربية ومعربة لا يوجد ابداع يمثلنا كعرب، ومادمنا نقلد فقط لا اعتقد أننا سنصل للعالمية، عندما ننتج أفكار جديدة ويقومون هم باستنساخها وشراء الحقوق منا ممكن في هذه الفترة يمكننا الوصول للعالمية.
ربما الأفضل دعم الأفلام التي تتناول قضايا راقية
هذه الجملة يمكن أن تُفهم غلط الصراحة، لإنّ الرقي بالسينما العربية حالياً نراه ونراه كثيراً، كثير من البيوت مثلاً والأماكن التي يتمّ التصوير بها راقية جداً، حتى القصص كلها تدور عن الحب والعشق والعلاقات الاجتماعية، مع أننا في حقيقة الأمر نحن في مجتمعاتنا نفكّر في أمور أخرى كالفقر أو السفر أو الصعوبات في الأعمال، أو الأحلام في العمل وبناء المشاريع وإعالة العائلة والكثير من الصعوبات.
اهلا اخي ضياء في اعتقادي الشخصي انه توجد بعض التجارب السينمائية الناجحة والتي لاقت نجاحا وترحيبا عالميا مثل فيلم شادي عبدالسلام المومياء وبعض التجارب الاخرى مثل فيلم الكيت كات و ارض الخوف لداوود عبد السيد وليه يابنفسج للمخرج رضوان الكاشف وافلام اخرى ايضا مثل دعاء الكراون والكثير من افلام المخرج يوسف شاهين فكلها تجارب ناجحة حصلت على بعض التغطيه الاعلامية وهي موجودة في ارشيف التراث العالمي الخاص بالسينما العربية.
وفي اعتقادي الشخصي ان ماتحتاجه السينما العربية للوصول الى العالمية هو اولا تطبيق المعايير المأخوذ بها في المهرجانات الدولية الخاصة بالفن السابع وبالطبع على العمل الفني ان يتوفر فيه التميز واظهار المشاعر الانسانية والحس الابداعي الفني وليس مجرد النقل الحرفي الاحترافي. وهناك عناصر اخرى مثل توفر رسالة خاصة مميزة للفيلم وغير ذلك.
بالتأكيد لا أنكر أنّ لدينا تجارب، في كل بلد عربي تقريباً الأمر لا يخلو نهائياً من بعض التجارب المشرّفة الراقية فنياً، مثلاً لدينا في سوريا المخرج محمد ملص أيضاً الذي أنتج فيلم أكثر من رائع اسمه سلم إلى دمشق، وهناك أيضاً اللبنانية الغنية عن التعريف نادين لبكي التي أصبحت أيقونة حقيقية في الوطن العربي لشدّة نفاذها على التجارب العالمية بقدرات محدودة، ولكن أنا أتحدث عن الصناعة ككل، لا يوجد لدينا إلى سينما عربية عالمية ككل، بل لدينا تجارب نافذة وفقط.
من وجهة نضري ارى ان الصناعة السينمائية العربية تفتقر إلى عدة عناصر رئيسية. أحدها هو التنوع في القصص والأفكار. يجب على هذه الصناعة أن تقدم مزيدًا من الأعمال التي تعبر عن التنوع الثقافي والاجتماعي في العالم العربي، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والسياسية بشكل مبتكر وجذاب. كما يجب تعزيز دعم الإنتاج والموارد المالية لتمكين صناع السينما من تقديم أعمال عالية الجودة. التعاون الإقليمي والعالمي والتسويق الجيد للأفلام العربية يمكن أن تساعد أيضًا في زيادة تأثيرها وانتشارها على الصعيدين المحلي والدولي. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز التعليم والتدريب في مجال السينما يمكن أن يؤدي إلى تطوير مواهب جديدة. الحرية الإبداعية والتسويق الجيد والتواصل الفعال أيضًا جزء من الجهود المهمة لزيادة تأثير الصناعة السينمائية العربية على الصعيدين المحلي والعالمي.
كما يجب تعزيز دعم الإنتاج والموارد المالية لتمكين صناع السينما من تقديم أعمال عالية الجودة.
للصراحة أنا ضد هذا الأمر حالياً، لإنّ هناك تجارب مبشّرة مثلاً انتاجياً صرف فيها المنتج ملايين كثيرة ولم يُستغل الأمر إلا بصرياً فقط بطريقة أصبحت فجة وغير محببة للعين حتى، مثلاً أتحدث هنا عن بعض أفلام الكاتب أحمد مراد، أخرهم مثلاً كيرة والجن، المخرج حالياً والصنّاع يفهمون الأموال دائماً على أنّها جرافيكس وهذا ما يجب أن نغيّره مسبقاً قبل أن نعطي تمويلات كبيرة للصنّاع.
التعليقات