في الوقت الحالي، يثار جدلٌ مستمر حول ما إذا كان يجب منح الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية، والتي تتسبب لهم في آلامٍ ومعاناة لا تطاق، الحق في القتل الرحيم. تُعدّ هذه المسألة موضوعًا حساسًا يستحق التفكير العميق والنقاش الهادف. هل أنت من مؤيدي الفكرة أم معارضيها ولماذا ؟
هل يجب أن يكون للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة الحق في القتل الرحيم؟
على الرغم من أنه شيء غير أخلاقي بالنسبة لكثير من البشر، أرى أن فكرة الحياة نفسها هي ملك لصاحبها، وبالتالي لا يمكنني أن أرفض الأمر ما دام في سياق حرّية الآخر. أنا أتفق مع المبدأ وأؤيد الفكرة بصراحة، نظرًا لأنها سوف يحمي العديد من الأشخاص في المحيط العائلي للشخص الذي لديه هذه الرغبة من كثير من المشاهد المروّعة، حيث أنه قد يضطر في نهاية المطاف إلى تنفيذ الأمر بنفسه وبطريقة أشد قسوة بكثير، وهو ما سوف يعرّض المحيطين به إلى صدمة كارثيّة ومشاهد لا يمكننا تخيّلها بالطبع.
وماذا عن الجانب الأخلاقي يا صديقي ؟ كيف يمكننا تخطيه وديننا لا يسمح بذلك ؟
قد يضطر في نهاية المطاف إلى تنفيذ الأمر بنفسه وبطريقة أشد قسوة بكثير، وهو ما سوف يعرّض المحيطين به إلى صدمة كارثيّة ومشاهد لا يمكننا تخيّلها بالطبع.
أتذكر المشهد الشهير من فيلم "Me Before You " حينما لجأ البطل بالنهاية إلى قرار القتل الرحيم بالرغم من شعوره بالسعادة ورفض جميع الأطراف حوله سواء عائلته أو حبيبته ولكنه في نهاية المطاف قام بتنفيذه وشعر الجميع بالذعر والحزن فلا أعتقد أن المسألة تتعلق بذلك .. حين وفاة والدي كنت على علم بالمدة المتوقعة للعيش نسبة لما يعانيه من سرطان في الكبد وبالرغم من ذلك شعرت بالذعر حينما علمت الخبر " لن تغني معرفتك في شئ".
حينما لجأ البطل بالنهاية إلى قرار القتل الرحيم بالرغم من شعوره بالسعادة ورفض جميع الأطراف حوله
قرأت العمل كرواية، وفي الواقع كرهت البطل وكرهت الرواية وتوقفت عن القراءة بسببها لسنة أو أكثر، لكنني لم أجد إجابة واضحة، هل رفض المحيطين له كان أنانية منهم فهم يريدونه بينهم لأجلهم ولأنهم يكنّون له الحب والعاطفة، أم لأنه لو عمل على تغيير أفكاره واقتنع بالتخلي عن القالب الثابت في دماغه حول الحياة السعيدة التي عاشها فتيًا قويًا مرغوبًا فقد يتقبل حياته وتتسلل السعادة لقلبه وروحه من جديد؟
إجابتي عن سؤال المساهمة سيكون الرفض للحرمانية ولأننا ندرك أن الموت ليس النهاية، لكن حتى هذا متعلق بموضوع المساهمة من بعيد، وهو لماذا يبكي أحدهم وفاة عزيز لديه؟ هل بسبب شعور الفقد الذي يعانيه هو شخصيًا أم لأن الآخر رحل؟
لم أقرأ العمل كرواية من قبل ولكنني أحببت العمل الفني كثيرًا وبالأخص تمثيل "سام كلافلن" والذي كان مقنعًا لأبعد الحدود وإصراره على قناعته الشخصية بالرغم من من محاولة الجميع لمنعه من فعل ذلك ولكن بالنسبة لهذا الموقف فأرى أن ما فعله مناسبًا لأنه ليس لديه رادع أخلاقي مثلنا لذلك قراره بأنه لا يريد أن يكون عبئ لأنه يعرف السناريو المحتوم أراه صائبًأ.
لماذا يبكي أحدهم وفاة عزيز لديه؟ هل بسبب شعور الفقد الذي يعانيه هو شخصيًا أم لأن الآخر رحل؟
دائمًا ما يكون الأكثر تأثرًا بموت أحدهم هو الشخص الذي يعيش بكم الذكريات بداخله فهو يظل في حالة من الإحتياج الدائم له حتى بعد موته على عكس الطرف الآخر، لذلك لا يمكننا لوم شخص على البكاء لأنه لا يستطيع التحكم بمشاعره والذي هو أمر طبيعي بكل تأكيد.
لأنه يعرف السناريو المحتوم
السيناريو المحتوم المتمثل في تخلي الناس عنه أم في عدم قدرته على المواصلة؟
فهو يظل في حالة من الإحتياج الدائم له حتى بعد موته
ممتاز جدًا وهذا لا مشكلة فيه فنحن بشر ونتعلق بمن نحب ويؤذينا الفراق، لكن العزاء بالنسبة لنا هو عقيدتنا.
لكن بالنسبة لقصة مثل قصة الفيلم هل مغزى رفضهم لرغبته هو احتياجهم له؟ أي أنهم في البداية كانوا أنانيين؟
السيناريو المحتوم المتمثل في تخلي الناس عنه أم في عدم قدرته على المواصلة؟
المقصود بالسناريو المحتوم هنا هو كونه عبئ عليها وعلى عائلته بالنهاية .. وخصوصًا حينما يزداد الأمر صعوبة فيما بعد ويشتد عليه المرض .. كيف سيتحملون ؟
ومن هذا المنطلق يمكنني أن أستدل ببعض التجارب التي مرت أمام ناظري وهو استنزاف الكثيرين في هذه المواقف بالرغم من عدم التحدث عن الأمر ولذلك يحدث فجوة كبيرة في التواصل بين الطرفين.
هل مغزى رفضهم لرغبته هو احتياجهم له؟
رفض "ايمليا كلارك يتعلق بحبها الشديد له أما بالنسبة لعائلته بسبب إحساسهم بشعور السعادة الذي يغمره لذلك لا يرون أي داعي لحدوث ذلك.
بالفعل تظل هذه الأمراض مؤلمة ومتعبة للغاية، وقد شهدت ذلك في مرض أقربائي.
بالنسبة لي فإنني ارفض فكرة القتل الرحيم، لان الحياة هي قدر مقدس ولا يجب أن يتم الاستسلام للأمراض، وقد شهدنا كم من حالة كان ميؤوس من حالتها الا انها عادت الى حياتها الطبيعية، لان المولى عز وجل هو الحي القيوم، له القدرة على انه يحي ويميت ولابد الا يتم التدخل في هذه القدرة الالهية.
الحق في القتل الرحيم
أذكر يا محمود أني أول ما قرأت تلك العبارة في جريدة لا أذكر اسمها وكنت وقتها في الإعدادية أحسست أني أريد أن أفرغ ما في جوفي!!! أتعلم ما الذي حدث لي ؟! لقد استحال استنكار و استفظاع و استبشاع تلك الفكرة و العبارة إلى نفور حسي ترجمه جسدي بأن يتقيأ!!! هذا ما علمته بعد وقت و زمن مضى.
تُعدّ هذه المسألة موضوعًا حساسًا يستحق التفكير العميق والنقاش الهادف. هل أنت من مؤيدي الفكرة أم معارضيها ولماذا ؟
في ذلك الوقت كنت ساذجاً قليل الخبرة وكان رد فعلي الفطري على تلك الفكرة ما رويت لك. ولذلك، أرى أن الفطرة السلمية ترفض ذلك وتستفظعه بشدة. ما وًهب لك، ليس لك حق في رده وإلا كنا ناكرين و جاحدين للفضل و الإحسان. أنا هنا أتحدث عن مشاعري الخاصة، فكيف لنا أن ننبذ الحياة لمرض مهما استعصى؟!! هذه قضية أخلاقية بامتياز وليس للعلم دخل فيها ولا يستطيع العلم الفصل فيها وإنما الأخلاقيات هي الفيصل وأخلاقيتنا ترفض ذلك.
بالفعل يا صديقي خالد، الخط الفاصل هنا هو الرادع الأخلاقي بكل تأكيد ولابد أن يكون هو المتحكم بطريقة التفكير الخاصة بنا وأن يشكل دائمًا النسبة الأكبر حتى بعيدًا عن المنطقية ولكن هل ترى حدوث اختلاف كبير في الآراء في حال زوال هذا الجانب ؟
بالطبع إذا زال الجانب و الحاجز الأخلاقي، فسوف تختفي معظم الاعتراضات. وحتى حينما بدأ إنفاذ تلك الطريقة في التخلص من الحياة ثارت هناك في الغرب مشاكل و تساؤلات أخلاقية كما عندنا ولكن الفرق أنها تكون أخفت وأضعف لأن الحافز الأخلاقي هناك أضعف ومع مرور الزمن صارت مشرعنة يتم استعمالها حتى أنهم قد يحرقون جثة الميت ويضعو رماده في زجاجة تحتفظ بها الزوجة او العائلة!!
من مؤيدي الفكرة ..
ببساطة لأن جعلهم يعانون .. ويستمر عذابهم أمر لاطائل منه
ومكلف من كل النواحي
لذلك بدات الدول الراقية والانسانية في تطبيقه
لكنك هنا تتخذ قرار بإنهاء حياته والتي قد لاتنتهي الآن، تسلبه الحق في وجود أي احتمالية في العلاج يمكن أن تستجد أو تطرأ، قد يوافقك هذا الشخص المريض عاطفيا لما يتعرض له من ألم، لكن لو فكرنا بالعقل فهناك احتمالات كثيرة واردة
أنا لو كنت طبيبا لن أتخد القرار .. بل المريض
وهذا القرار لاينفذ من قبل الأطباء ..إلا عندما يدركوا أن المرض لايرجى الشفاء منه
القرار يتخد بعد دراسة لحالة المريض والتأكد أنه لايشكو من مرض يمكن علاجه
هناك حالات صعبة .. مثل الأورام الدماغية المستفحلة ،،
لقد شاهدت وثائقيا لرجل ياباني عانى من السرطان الخبيث الذي حل في جميع جسده
عرض الوثائقي .. حالة الرجل من بداية إصابته بالسرطان حتى حرق جثته ..
لقد كان الرجل في مرحلة ما .. يبكي و يتوسل الأطباء ليعطوه حقنة منومة ..
أعطوه بعد فترة حقنة تدخله في غيبوبة .. وقد مات طبيعيا بعد فترة
في هذا السياق يا عماد، يذكّرني ردّك بأحد أبرع الردود الدراميّة التي شاهدتها في حياتي، وهو رد من مسلسل Hannibal، حيث أن شخصيّة هانيبال آكل لحوم البشر كانت تتعامل مع إحدى مرضاها. مع العلم أن هانيبال كان طبيبًا نفسيًّا. حاولت المريضة التي أمامه الانتحار، فقد كانت تعاني من مرض السرطان في آخر مراحله وتشعر بعذاب مميت، وقد قرّر أن ينقذها وقتها. وعندما شكره زوجها، أخبره هانيبال بجملة تلخّص ردّك، فقال:
كفيلسوف، كان لديّ العديد من الخيارات. أمّا كطبيب، فلم يكن لديّ سوى خيارًا واحدًا.
بعض الأمراض وهي التي أتحدث عنها بالفعل لا يوجد أي طريقة لعلاجها حتى الآن على سبيل المثال انتشار السرطان بجسم الإنسان " عندما يحدث ذلك يحدد الطبيب متوسط العمر المتوقع في الفترة القادمة " حينها لا تتعلق الموافقة بالشعور العاطفي .. كلا وألف كلا لأن المريض لا يفكر إلا بإنتهاء الألم في وقت مبكر ولكنني غير موافق لأسباب أخلاقية تقيد حريتنا في الأمر بكل تأكيد.
التعليقات