المستقبل يقول لنا صراحةً أنّ الأيّام المُقبلة مؤتمتة في كُل شيء، كُل شيء سيكون عبر ذكاء صنعي وروبوتات، فكّرت بمستقبل أولادي وأولادكم بشكل عام وتخيّلت الوضع الذي يتحدّثون عنه الآن على أنّه الحال في المستقبل، وخطر لي: في المستقبل هل ستقبل أن ترسل ابنك لمدرسة كل معلّميها ومشرفيها روبوتات؟
في المستقبل: هل ستقبل أن ترسل ابنك لمدرسة كل معلميها ومشرفيها روبوتات؟
أتعلم يا ضياء؟ كنت من فترة قصيرة أقرأ مقال يحذر من أن يعشق البشر روبوتات!! و قلت في نفسي لما لا يتحول الخيال حقيقة؟ ألم يحلم يوماً ما عباس بن فرناس بالطيران ثم تحقق الحلم مع الأخوان رايت في مطلع القرن العشرين؟ ثم ألم ينحت مايكل أنجلو تمثال النبي موسى ثم أنه من جودة اتقانه للل=تمثال المنحوت أشار إليه و قال: حان الوقت لتتكلم!! ثم تذكرت ما فعله بيجماليون و ذلك التمثال الجميل المتقن النحن حتى أن صاحبه هام به عشقاً وراح يدعو الآلهة أن تنفخ فيها الروح ففعلت واستحالت إلى بشرية فيها دم وروح!! لذلك، قلت ربما يعشق البشر روبوتات في المستقبل؛ فالمستقبل يحمل الكثير و الكثير مما لا نتخيله. ولكن كيف يكون الفصل بلا معلمين نهائياً؟ أعتقد أنًه سيكون للروبوت دوراً ثانوياً أو إن شئنا أولياً بان يعمل كل ما يعمله المعلم ولكن لابد من وجود إنسان يصحح الخطأ ويوجه في الوقت المناسب. هذا ما أتصوره في الوقت الحالي. قد ياتي هذا المستقبل ولكن ربما بعد قرن من الزمان مثلاً أو ربما لا يأتي زمن نعتمد فيه كلية على الروبوت في المدرسة؛ لأن العملية التعليمية لابد لها من تواصل و تعاطف إنساني وهو جزء أصيل من التعليم و التعلم حتى أنني أنكر التعليم عن طرثق زووم إلا لأناس يقدرون تلك الوسيلة و بالكاد أستخدمها.
أتعلم يا ضياء؟ كنت من فترة قصيرة أقرأ مقال يحذر من أن يعشق البشر روبوتات!! و قلت في نفسي لما لا يتحول الخيال حقيقة؟
هُناك فيلم يحكي عن هذه القضية وهو رائع جداً وأحب أن تتطلع عليه حضرتك بصفتك مهتماً جداً في هذه المواضيع لفنان أقل ما يقال عنه أنّهُ رائع في رسم تعبيرات وجهه وتمثيله، وهنا أقصد بالطبع الممثل خواكين فينيكس (الممثل في فيلم الجوكر الأخير) لفيلم HER حيث أنّ هذا الفيلم يستعرض قصّة حب أيضاً بين رجل يعمل في شركة إرسال رسائل عاطفية ومعايدات مع روبوت يعمل بالذكاء الصنعي، قصة عشق حقيقية أنا مستغرب من كيفية تفاعلي معها وأنا الشخص الذي قلت بأنّ هذا الأمر سخيف منذ فترة ولا يمكن أن أشاهده في السينما.
أعتقد أنًه سيكون للروبوت دوراً ثانوياً أو إن شئنا أولياً بان يعمل كل ما يعمله المعلم ولكن لابد من وجود إنسان يصحح الخطأ ويوجه في الوقت المناسب.
في مدارس منطقة بوسطن تم استخدام روبوت يدعى تبار Tega، وهو إنسان آلي بحجم دمية، وساهم في تطوير المهارات اللغوية ومهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب، أيضًا تستخدم المئات من فصول رياض الأطفال في الصين الآن روبوت KeeKo، اذاًا الا ترى بأنه قد يأتي بوم ما ونرى بأن الانسان الروبوتي بمفده يدرس الطلاب؟
لا، لا يسعني أن أرى ذلك. لماذا يا ترى؟ لأنً العملية التعليمية لا تحتاج إلى تلقين فقط. بل تحتاج إلى لغة جسد فهي تعلم و إلى نظرات عينين فهي تعلم أيضاً وإلى تعبيرات وجه وهي تعلم أيضاً وتوحي من المعاني ومن ظلال المعاني على الكلمات ما يفتقده الروبوت. اما لو أردنا أن يكون التعليم كله للروبوتات فهذا يمكن أن يكون إلا أنه سيخرج لنا أجيالاً فاقدي العواطف و الأحساسيس و اللمسة البشرية! وماذ عسانا أن نفعل و هو يعلمهم روبوت؟ إذا كان يمكن أن نستعيض عن الام في تربية الطفل بروبوت فإننا حينئذٍ سنقدر على فعل ذلك مع المعلم. لأنه كما يقولون هي ليس تعليم فقط بل تربية وتوجيه وذلك لا يكون لروبوت بحال من الأحوال.
: في المستقبل هل ستقبل أن ترسل ابنك لمدرسة كل معلّميها ومشرفيها روبوتات؟
لن افعل ... ربما قد يكون ذلك مفروضا في وقت ما ، لكن اذا تحتم الامر يمكن ان اقسم تعليمهم بين تعليم من هذا النوع وتعليم اخر انساني بمتابعتي الشخصية ومتابعة اشخاص متخصصين في مجالات اختارها مسبقا... السبب في ذلك في رأيي يعود الى العديد من الاسابا منها :
- الروبوت نظام ذكي دو برمجة محدودة لذلك لا يمكن اعتباره مصدرا او موجها للعلم بل اداة للتعلم فقط.
- اي برمجة تحمل تعليمات متحيزة بطريقة مباشرة او غير مباشرة ما يجعل التوجيه امرا ميسرا، وهذا ما يجعل المتعلم عبدا للانظمة والايدولوجيات التي تدعمها.
- الانظمة البرمجية تولد احيانا معلومات خاطئة.
- الروبوتات مهما كانت تقدمها لا يمكنها ان تعلم المبادئي الاخلاقية او ان تحميل القيم الانسانية وهذه هي الاشياء التي نحتاج ان نعلمها لابناءنا فعلا.
الروبوت نظام ذكي دو برمجة محدودة لذلك لا يمكن اعتباره مصدرا او موجها للعلم بل اداة للتعلم فقط.
ولكن ماذا لو كانت هذه البرمجة المحدودة تشكّل معرفة ألوف من الكتب وتطوّر نفسها بنفسها وبقدرات تعليمية تفوق أستاذين من لحم ودم، هل حضرتك مهتمّة بمسألة الفاعلية أكثر أو النوعية؟ عن نفسي أنا مثلاً لا أشعر هنا بأن للنوعية أي اهتمام حقيقي أو فائدة قصوى مميزة إذا ما توافرت الفاعلية والجودة في الروبوتات مثلاً.
ولكن ماذا لو كانت هذه البرمجة المحدودة تشكّل معرفة ألوف من الكتب وتطوّر نفسها بنفسها وبقدرات تعليمية تفوق أستاذين من لحم ودم، هل حضرتك مهتمّة بمسألة الفاعلية أكثر أو النوعية؟
االتجربة التعليمية هي تجربة انسانية ، مهما كان قصران المعلم ، يبقى المعلم البشري احسن من الصناعي لانه سينقل للمتعلم الاانسانيات الاشعورية والمفاهيم الاساسية للحياة خصوصا في السنوات الاولى من التعلم، مثل الطيبة والتعاطف، والقوة والضعف ، التسامح، الاحترام..الخ، كل هذه القيم الانسانية لا يستطيع روبوت ان يعلمها ، لانها تمثلات بشرية قيمية لا تُعلم بواسطة التلقين بل بزواسطة التدريب اللاواعي اي بما يسمى بعدوى السلوك، الروبوت ليس لديه سلوك انساني ، لذيه مجموعة اوامر للتفيذ يطريقة مبرمجة لا اكثر.
لنفرض ان الروبوت في حصة ما يقدم درسا عن الفيزياء لتلميذ في الصف الثالث مثالا وصادف ان التميذ تبول على نفسه مثلا، فهو صغير وهذا سن عادي لحدوث هذه الاشياء، كيف سيتصرف الروبوت؟ وكيف سيتصرف المعلم الادمي؟
السناريو كالتالي، الروبوت سوف يشير على التلميد بالخروج مع بعبيرات سطحية بالتعاطف وهدئة التلميد هذا اذا برمج كفاية على التعاطف في هذه الحالة، سوف يُحرج التلميذ ايما حرج امام زملائه، ولن يكون في مقدور الروبوت ان يصرف زملاءه عنه لان الروبوت الا يملك سلطة اخلاقية حقيقة على التلاميذ، وبالتالي سوف يتعالى التنمر على التلميذ ويستصبح عقدة ابدية فيه ، ستجر عقدا كثيرة مستقبلا.
في حين ان في حالة المعلم البشري سوف يرفع الحرج عن التلميذ ويتحكم في الموقف امام زملائه ويعيد الامور الى مسارها الطبيعي وسيحاول في كل مناسبةو رفع معنويات التلميذ حتى ينسى الحادثة ويتجازها بسلام.
هذا موقف بسيط جدا عن فكرة التعليم الانساني واهميته مقارنة بالتعليم الصناعي.
قد يصبح هذا الأمر واقعا ولا بد أن نرضخ له. فأن يقوم روبوت آلي غير حي بصناعة أبنائنا وصفل شخصياتهم فهذا أمر أشد ما يكون خطرا على الأبناء. فما نتجاهله أحيانا أثر التعليم في بناء شخصية صلبة ومرنة بآن واحد للمتعلم وهو أمر يقوم بقولبته الأستاذ، المصنوع من لحم ودم. وبما أن الجانب العاطفي للمتعلم هو جزء أساسي من العملية التعلمية فإن "التربية والتعليم" يعملان بشكل متواز على التأثير على النواح العاطفية للإنسان. في الماضي كان التعليم يقتصر على تعزيز قدرة المتعلم في التحليل النقدي والاستنتاج وبناء علاقات بين المغيرات إلا أن اليوم مفهوم التربية دخل على أساليبنا وأهدافنا التعليمية. وهنا سأستعين بمثال، فكوني معلمة لغة انكليزية فأنا أسعى دائما إلى إدخال مفاهيم تربوية في الدروس "مثلا قيمة الصدق في قصة الراعي الكاذب ". فأنا لا يكفيني أن يحصل المتعلم على الكفاية التعليمية بل يحتاج بشكل متواز إلى الكفاية التربوية وهي أن يعلم أن الكذب يكلف الإنسان حياة برمتها وأما الصدق فهو يبني شخصية مقبولة مجتمعيا. وهنا أتساءل " هل ينجح روبوت بغرس القيم التربوية؟ أشك بذلك أن تثبيث هذه القيم يحتاج إلى مرونة وتجارب ومقدار من العاطفة يستطيع الأستاذ دمجها لإبراز المفاهيم بشكل واضح للمتعلم.
وبما أن الجانب العاطفي للمتعلم هو جزء أساسي من العملية التعلمية فإن "التربية والتعليم" يعملان بشكل متواز على التأثير على النواح العاطفية للإنسان
ولكن بما أنّ حضرتك قد ذكرتِ هذه المسألة فأحب أن أذكّر بأنّ ليس لكل الطلبة تجارب متشابهة في مسألة الجانب العاطفي مع الأساتذة والمعلّمين وبأن لبعضهم "مثلي أنا" تجارب مخزية للصراحة وسيئة جداً وعنيفة في التعامل معهم، ولذلك أرى في مسألة الذكاء الصنعي أمر رائع في تعامل متساو بين جميع الطلبة وعدم إدخال مزاج المعلّم وطريقته في أجواء التعليم.
اخالفك الرأي بعض الشىء اخي ضياء
حيث أنه يمكننا الاستغناء عن العامل البشري في مصنع مثلا اما في أمور الدراسة والتعليم قد تدخل الروبوتات كمساعده وليس بشكل أساسي
مثلا التجاوب والتعامل بين البشر له سجية خاصة وطابع خاص غير الروبوتات التي ستكون اوامرها مباشرة وغير مدركة للمواقف بشكل دقيق وغير مرنة في التعامل كمرونة البشر
أعتقد أن هذا لن يحدث بشكل كامل وان حدث ستكون الاستجابة ضعيفة من الآباء بشأن ذهاب أبنائهم الي مثل هذه المدارس وسيتملكهم القلق من ذالك
هل كنا نتوقع أن التعليم قد يكون أونلاين، وأن يجلس الطفل أمام الشاشة لتلقي الدروس، عندما بدأ هذا الموضوع كنت متخوف من تطبيقه وكنت مقرر عدم استخدامه مع ابني، ولكن بعد فترة اضطررت لتجربته لسهولة الوصول للمعلم الذي تريد أن تتعلم معه، يوفر الوقت بدلا من النزول والصعود وجدته فعالا جدا، وليس بالسوء الذي توقعته، وقياسا على ما طرحه ضياء، فقد لا يكون الأمر بهذا السوء الذي تتوقعه خاصةً إن كانت الروبوتات مهيئة عمليا لذلك، فتعلم الآلة والذكاء الاصطناعي زاد من معرفة الروبوتات والتي تتطور مع نفسها مع مرور الوقت، وحتى لو تحدثنا عن التفاعل أشاهد فيديوهات لروبوتات تتحدث وتتفاعل بطريقة مدهشة وقد يكون أفضل من الإنسان، فهو سيتحكم بأعصابه لن يتعصب أو يسيء للطالب والتعامل معه سيكون إيجابي بكل الأحوال.
ولكن باطلاع بسيط في مسألة الدراسة أونلاين من كورسيرا و edx وغيرها من المنصّات يمكنك أن تلاحظ أنّ أمر الدراسة بهذه الطريقة يبدو ميسّراً ولا يحتاج إلّا بعض التفاعل في وجود روبوت موجّه لعملية في منهج موجَّه أصلاً، أي ميسّر فقط لدخول المنصّات والمساقات والأنشطة، هذا يساهم في ضبط وتوحيد المدخلات إلى الطلاب بدرجة عالية جداً.
أعتقد أننا نخطو خطوات بالفعل في هذا الاتجاه، الكورسات الاونلاين يمكن اعتبارها خطوة انتقالية بين التعلم على يد معلم من لحم ودم وروبوت يمتلك المعلومات ومبرمج لتوضيحها، المعلم الذي نتابع معه كورس مسجا ربما منذ سنوات وضع في الحسبان كل الطرق التي يضمن بها تفاعل الطلبه معه حتى وهو فقط مجرد صورة وصوت، اذًا ما الذي يمنع الروبوت المتطور الأذكى بدون شك من تحقيق نفس المعادلة؟
أعتقد أنها تجربة مثيرة لن تكون بهذه السهولة بالطبع ولكنها تستحق التجربة والوضع في الحسبان
التعليقات