لكلٍّ منّا مصادره الخاصة. وكلٌّ منّا أيضًا يبحث في نطاقه الخاص الذي بفرض عليه مقترحات القراءة.
بالنسبة إلى كلٍّ منكم، كيف نختار ما نقرأ؟ من أين نأتي بترشيحاتنا للقراءة؟
حسب الهدف من القراءة، لو كان الهدف ترفيهي فالذوق في اختيار الروايات متباين، ما يعجبني قد لا يعجب غيري، والعكس بالعكس.
أما القراءة التثقيفية في مجال التخصص، فهنا يكون الترشيح من أهل التخصص، فمثلًا، عندما قررت مؤخرًا التخصص في مجال الكتابة، تابعت على منصات التواصل مجتمعات مهتمة بالأمر، ووجدت ترشيحات مختلفة اخترت منها اللغز وراء السطور وكتاب الحكاية وما فيها.
أما بالنسبة للقراءة التثقيفية العامة، فيمكننا أن نأخذ ترشيحاتنا ممن نثق في آرائهم، ليس شرطًا أن يكون شخص مقرب، على سبيل المثال، أنا عن نفسي أتفق مع أ. علي محمد علي في الكثير من آرائه وأثق في اختياراته في نفس الوقت، وبالتالي عندما قال أن لم يجد في كتاب فن اللامبالاة ما يستحق القراءة أو لنقل أنه صنفه على أنه over rated من وجهة نظره، فأنا تلقائيًا فقدت شغفي للاطلاع عليه.
ممكن كذلك الاستماع إلى أكثر من تلخيص للكتاب لمعرفة عناوينه، ومن خلال التلخيص يمكننا أن نقرر ما إن كان يستحق القراءة.
أوّلًا، أشد ما يمكن أن نختلف عليه في هذا السياق يا فاطمة هو التعامل مع فن الرواية من جانب التسليّة فقط. عن نفسي، ونظرًا لعملي في مجال الكتابة الأدبيّة، لدي التزامات معرفيّة في قراءة الروايات. أنا لا أقلّل من القراءة الترفيهيّة، فهي واحدة من الأنواع المحبّبة لديّ. لكنّني في المقابل لا أرغب في أن نستمر في حصر قراءة الأدب في هذه النقطة فقط. لأننا بهذه الكيفيّة لا نمنح التجربة الأدبيّة حقّها في أن تصبح فنًّا نشطًا في المجتمع. ويبرز ذلك أسباب معاناة خروج المحتوى الأدبي للمتلقّي بسهولة.
من أين نأتي بترشيحاتنا للقراءة؟
كل منا يختار مجال قراءته بناء على ميوله النفسي والتخصصي سواء مهني او دراسي، وتأتي الترشيحات اولا من هذا المسار، شخصيا اجد الترشيحات المهمة داخل قراءاتي السابقة نفسها، فقد يحيلنا كتاب مهم اقرأه الى كتاب آخر ، أو مقالة ما إلى كتاب أو مقالة أخرى، وبعض الاحيان وهي نادرة ..اجد اشارات لقراءات مهمة في بودكاست استمع اليه او في نقاش ما مع الزملاء والاساتذه الباحثين .
كيف نختار ما نقرأ؟
هذا سؤال مهم جدا ياعلي وفقت في طرحه ...
مع ان الترشيحات جيدة للاحالة الى القراءة لكنها ليست علامة اكيدة على استحقاق الكتاب بالفعل ، لذلك يجب ان تستعمل الترشيحات كوسيلة لاكتشاف الكتاب وليس مقياس لاختياره، هناك طرق عدة لاختيار ما نقرأ ، أنا شخصيا أحب ان أختار ما يناسب ذوقي الادبي والفلسفي، فأختار أول الامر بناء على اسم الكاتب، فسمعة الكاتب بالنسبة الى يمكن ان تختصر علي شوط طويل في الاختيار، وكذلك الدار والعنوان، فإن شدني العنوان في مجال اهتم له، اتجه لقراءة الفهرس ثم الخاتمة، فإن كان لذي وقت اطول قرأت المقدمة وأحكم على جودة المكتوب بناء على هذا .. وهناك كتاب لا تحتاج ان تقرأ فهرسا ولا مقدمة لانك تعلم ان كل كتبه جيدة ويمكنك ان تقرأ دون خوف.
هذا فيما يخص كيف اختار الكتاب، لكن اختيار القراءة امر يعتمد على الحالة النفسية والحاجة الراهنة، فقد اشتري كتاب واضعه في المكتبة ولا اقرأه إلا بعد عام من الشراء، وقد اشتري كتاب واقرأه في الباص قبل الوصول به للمنزل اصلا، فالامر يعتمد على حاجتنا النفسية والعقلية الراهنة .
أتفق يا خلود. ودعيني أعترف أنني لا أرغب على الإطلاق في التخلّص من المزاجية في القراءة. ولا أعني هنا المزاجيّة في ممارسة القراءة نفسها، فأنا أفرض على نفسي نظامًا صارمًا للالتزام بالقراءة يوميًّا. لكن في المقابل، أتنقّل بين القراءات بمزاجيّة، وهذا الأمر يساعدني على تخطّي الكثير من الأشياء، بالإضافة إلى أنه يفتح عيني على العديد من المصادفات التي ما كنتُ لأصل إليها لولا هذه الآلية.
أعتمد في الحصول على الترشيحات على مصادر الثقة، بداية أبدأ في تحديد المجال الذي أود القراءة فيه، على سبيل المثال أود القراءة في الفلسفة، أبحث أولًا في محيطي عن المهتمين بالفلسفة وأبدأ باستشارتهم، لو استطاع أحدهم أن يدلني على بداية ما يكون أفضل وان لم يكن أبدًا بالبحث عن كُتاب الفلسفة الموثوقين أو عن أهم من كتب في هذا المجال وبعد ذلك أنتقي من كتبه أيسرهم ان كانت بدايتي في هذا المجال حسب الترشيحات في مواقع الكتب أو مجتمعات القراءة.
وان كان لي ماض في القراءة في مجال ما فتكون العملية أسهل لاطلاعي بشكل ما على هذا التصنيف.
الثابت أن اختياري لكتاب يكون بعد مشقة وعناء لأتأكد أن وقتي بنسبة كبيرة سيكون في المكان الصحيح.
أتفق جدًّا مع مختلف استراتيجيّات مصادر الترشيحات التي أشرت إليها عدى فكرة دائرة المقرّبين من حولي، فأنا لا أوافق على الإطلاق على أن تكون قراءاتنا ممّن حولنا، حيث أنني نمتلك فرصًا أكبر بكثير من خلال محتمعات الإنترنت، لأن الأمر هنا يعتمد على المساحة الرقميّة التي لا تضاهى بالتأكيد بمساحة أصدقائنا المحدودة في الواقع.
التعليقات