مما لا شك فيه أن السينما العربية المعاصرة لديها فترة تعثّر غير مسبوقة، ويمكننا استنتاج ذلك على صعيد المحتوى وجودته المنخفضة، وعلى صعيد كم الإنتاج السينمائي أيضًا.
في رأيكم، ما هي مشكلة السينما العربية المعاصرة؟ تقنيات فنية أم إمكانيات إنتاج؟
في رأيكم، ما هي مشكلة السينما العربية المعاصرة؟ تقنيات فنية أم إمكانيات إنتاج؟
الكثير والكثير من المشاكل حقًا يا عليّ ولكن لمحاولة تلخيصها سأقول:
والأسوأ أن ترى مخرجًا خصص حياته بالكامل لنقل الأعمال الأجنبية وتعريبها. فالمخرج بيتر ميمي مثلًا ليس لديه فيلم واحد أصيل بل جميع أفلامه مقلدة من أفلام أجنبية وإذا اعترض يقول الناس: مادام العمل جيدًا فهذا يكفي!
أتفق معكِ بشدة فيما تشيرين إليه على صعيد التقاليد والوسط الفني والإمكانيات يا أمنية. لكنني اختلف معكِ فقط فيما يخص الذوق العام، فمهما كان الذوق العام غير مناسب لنا، فإن ما يتطلّبه هو الحوار الفني الثقافي المناسب للمرحلة الحالية داخل مجتمع ما، وبما أن الناس تنجذب إلى نوع معيّن من الثقافة الفنية، أيًا كانت، فإن التعامل معها كنوع ردئ من الفن ليس بالأمر الصحيح على الإطلاق، وبالتالي يجب علينا التعامل بحكمة، وعلينا أن نفهم أن متطلبات الذوق العام لن ترفض المحتوى الجيّد الذي يستحق المشاهدة.
أفهم قصدك تمامًا وأنا لم أتحدث من ناحية أن الذوق العام مختلف عني فلذلك هو سيء. فهناك الكثير من الأوقات التي يكون فيها الذوق مختلفًا وما زال جيدًا.
لكن ما عنيته بالفعل هو أن الذوق أصبح يميل للبساطة والاستخفاف بالعقول ويتجاهل التعقيد والفكرة العميقة أو المبذول فيها الكثير من الجهد. ويفضل ما يعرفه بالفعل على ما يستكشفه.
وأكبر دليل على ذلك هو نجاح موضة "تلخيص الأفلام" حيث لا يمانع الجمهور أن يشاهد ملخصًا مقتضبًا لفيلم ما لمعرفة أهم الأحداث فحسب على أن يشاهد الفيلم بالكامل فيأخذ التجربة كافتها من مشاهد وحوارات وموسيقى وكادرات إلخ.
ولكنني في نفس الوقت لا أظلم العقلية العامة فقط بل أقول أن هذا توجه العصر للأسف حيث صرنا نميل إلى الأشياء البسيطة والتي لا تأخذ وقتًا ولا تفكيرًا في الهضم وأشهر مثال أيضًا هي فيديوهات التيك توك والريلز التي تقل عن دقيقة.
ولكن أرى أن هذا سيكون له نتيجة سلبية شديدة وليس على السينما فحسب. ماذا تعتقد أنت؟
الفن في بلادنا بحاجة لإعادة نظر، وأهم السلبيات الملحوظة في السينما العربية في الوقت الحالي
الآتي:
بالإضافة أيضًا إلى أزمة الوساطة في الفن يا عبد الرحمن، ففي مجتمعاتنا العربية نجد أن الوسط الفنّي كاملًا أصبح مجموعة من الأقارب، وبالتالي لا يمكننا التعامل مع الأمر من خلال آلية معيّنة، ولا يمكننا دس المزيد من المواهب والكفاءات في الوسط الفني نظرًا لحجز الأماكن الذي تتم ممارسته باستمرار من قبل المتحكّمين في الوسط الفنّي. مثل هذه الأمور الساذجة للغاية تمثّل مشكلات وعرقلات فعلية في طريق الفن السينمائي وتطوره.
أظن أن تكمن مشكلة السينما العربية المعاصرة في جودة الأفكار والإنتاج و تكرار لمواضيع تقليدية.
كما تختلف من دولة لأخرى المشاكل، على سبيل المثال، الجزائر في فترة ما بعد الاستقلال شهدت السينما نشاطا كبيرا في مجال صناعة الأفلام الثورية لكن بعدها شهدنا ركود نظرا للظروف التي كانت تعيشها الجزائر و ظروف الفكرة المعادى والمتكررة .
أو بعد العشرية السوداء ( حرب الإرهاب في الجزائر في التسعينيات الماضية ) رغم الظروف الصعبة إلا أننا شهدنا انتاج جيد. فكانت مقتصرة الافلام بالأزمات فقط. يعني لا يوجد فيها انتعاش من الناحية الثقافية أو الاجتماعية فقط تنتج الافلام عن الحرب أو الثورة.
جودة الأفكار والإنتاج و تكرار لمواضيع تقليدية.
إنها أزمة سيّئة وعميقة التأثير للغاية للأسف، تتعلّق بمختلف التقنيات الخاصة بالسيناريو والأداء التمثيلي ووجهات نظر الإخراج السينمائي وغيرهم من الجوانب الإبداعية التي تحتاج إلى كفاءات عدّة.
إضافةً، فإن السينما المستقلّة بالتأكيد أخرجت وما زالت تخرج المزيد من الأعمال الجيّدة. لكن الأمر لا يعتبر مفيدًا بسبب التكلفة المنخفضة التي لا يتاح سواها بالنسبة لمعظم أشكال السينما المستقلة للأسف.
التعليقات