يقال أننا كبشر نكره أن يتم تجاهلنا أو نسياننا، كأننا لم نكن، فهل يفضل البشر أن يتم إيذاءهم على أن يتم نسيانهم وتجاهلهم؟؟
هل يفضل البشر أن يتم إيذاءهم على أن يتم نسيانهم وتجاهلهم؟؟
التجاهل بالنسبة للإنسان أقرب لشعور الموت، خاصة عندما يكون طفل فإن تجاهل والديه له يساوي عنده عدم الوجود وربما كبر معنا الشعور لكن أن يصل إلى درجة تفضيل الألم على التجاهل، فهذا كثير.
ومن واقع الحياة فإننا نلاحظ بعض الأشخاص الذين يتمسكون بعلاقات مؤذية خوفا من التخلي والتجاهل.
لكن كدراسة علمية ومثبتة لم يمر علي شيء كهذا، أما بالنسبة لشعور الملل فإنه تم إجراء دراسة على أشخاص وحجزهم في غرفة لا يوجد بها شيء سوى صاعق كهربائي، فقام الأغلبية منهم بصعق أنفسهم وفضلوا الألم على الملل وكانت نسبة الرجل أكبر من النساء.
وإذا قارننا الملل بالتجاهل والنسيان فإن التجاهل أقسى وأشد إيذاءً لذلك أرجح أن ذلك حقيقيا ولو بنسبة قليلة.
قد أتفق في هذا الصدد يا زينة في سياق بعض الأشكال من العلاقات، فأمامنا مثلًا العديد من الزيجات التي أقل ما يمكن أن يقال عنها هو انها فاشلة، لكن من جهة أخرى فإن عناصر الزيجة -الزوج والزوجة- يرفضان رفضًا باتًا أن ينهيا المسألة على الرغم من أن كليهما متضرّران، وبالتالي يمكننا أن نقول هنا أن هنالك الكثير من المواقف التي يفضّل فيها الإنسان الأذى على النسيان. لكن لا يمكننا تفسير ذلك ببساطة أن الإنسان يرغب في الأذى، أو يرغب في الألم، وإنما يمكننا أن نعزو الأمر إلى المزيد من التعقيدات فيما يخص العلاقات البشرية، وتلك التعقيدات هي التي تصعّب عليه اتخاذ القرار لأسباب عدّة.
إذا كانت العلاقة تعني الأمان للشخص ففي الغالب سيفضل أن يؤذي على أن يتم تجاهله، التجاهل بالنسبة له في هذه الحالة سيكون مدموجا مع الخوف وعدم الأمان وبالتالي سيكون أصعب ويفضل الأذية التي على الأقل ستشعره بالأمان من المحيط الخارجي حتى وإن كان خائف في المحيط الداخلي، مثلا الأذية من الآباء أو الأقارب.
لكن في العلاقات السامة التي لا تعني لنا شيئا فالتجاهل ولا الأذية التجاهل لا يؤثر علينا كثيرا هذا ما اعتبره وهي وجهة نظر.
يقال يا مريم بأن أفضل إنتقام من شخص ما هو تجاهله، وجوده غير مرئي أمامنا بعدما كان هو أقرب إلينا سابقا، ولكن في العلاقات السامة كما ذكرتي أرى بأن لابد أن نعمل على الإبتعاد عنهم أفضل من تجاهلهم أو إعتماد سلوك اخر قد يؤثر علينا نحن، دائما ما ينصح برحيل من البيئة الملوثة على البقاء فيها وتجاهلها، أتذكر بأن أحد اقاربي من غيروا مقر سكناهم بسبب جار سوء، حاولوا تجاهل تصرفاته لسنوات ولكن بدون جدوى الى أن رحلوا من هناك وشعروا بإستقرار.
أرى بشكل شخصي أن الحب والكره وجهان لعملة واحدة وكذلك اللطف والقسوة إلى أخر المتناقضات. أما التجاهل والنسيان واللا مبالاة فهي عكسهما.
فلذلك قد يشعر البعض أن وجود الأذى في علاقة ما دليل على أنها ما زالت حية وربما هذا ما يرغبون به حتى لو كان بطريقة سلبية أما النسيان فهو الموت الذي لا يرغب به أحد وقد يكون مرغوبًا بشكل نظري فهو مريح أكثر ولكن بشكل عملي عن التعلق بشكل ما فأنت تحاول المحافظة على أي تواصل حتى لو كان مؤذيًا لك
وعندما تقرر أن تسمع بأن يتم نسيانك أو تجاهلك فهو التحرر من تلك العلاقة المؤذية والذي لا يكون دائمًا سهلًا.
وهذا ليس شيئًا أساسيًا بالطبع بل يختلف من شخص لأخر ويختلف أيضًا باختلاف طبيعة العلاقة التي جمعها هذا الأذى.
يتوقف الخوف من نسيان شخص ما لنا على حسب قدر الشخص في عيننا، ومدى تعلقنا به، فإن كان تعلقنا به كبير ويمثل لنا شيئاً عظيماً في الحياة، فهنا قد يفضل الإنسان الأذى منه أكثر من الرحيل أو التجاهل منه تجاهنا والنسيان.
أما إذا كان الشخص لا يعني لنا الكثير، فلا يفرق ما إن نسانا أو لا، فأهم شئ هنا هو عدم وقوع أي أذى منه، لأنه غير مقبول له أن يأذي أو بمعنى أكثر وضوحاً، فإن صورته في أعيننا أو الرصيد الذي خلفه تعاملنا معه لا يؤهل العلاقة أن تحتمل الأذى منه والصبر على ذلك الأذى، بل إنه لو تم تخييرنا بين أن يذهب هذا الشخص وينسانا إلى الأبد وبين أذيته لنا، لاخترنا أن ينسانا إلى الأبد دون تردد.
التعليقات