ما طعم النجاح

في نهاية اليوم المرء هو حليف نفسه الوحيد وعلينا أن ندرب أنفسنا على الاكتفاء بها قبل أن نبحث عن الآخرين

فعلى نجاحك أن يكون لشخصك أولًا ولراحتك أولًا ثم يمتد ليشمل من يمكنه أن يشملهم. وعند عدم وجود عائلة متعاونة يمكن للإنسان أن يمتد ليبحث عن أصدقاء وزملاء يشاركونه فرحته أو حتى يشارك نجاحه على مواقع التواصل مثل حسوب هنا وسيجد من الزوار من يشاركه نجاحه وفرحته ولو بكلمات بسيطة.

أختلف معك في هذا التناول يا صديقي. بالتأكيد خسارة من حولنا ليس بالشيء الهيّن على الإطلاق. لكن من جهة أخرى، فإن وجودك وحيدًا لا يعني أنك لا تمتلك المزيد من الفرص. إذا كانت العلاقات الاجتماعية الخاصة بك في خطر أو تعاني بسبب غيابها، فإن النجاح لا يتمثّل فقط في أن يراك الآخرون ناجحًا، فمن المهم جدًّا أن ترى نفسك ذلك الشخص، وبالتالي احرص على أن تقوّم نفسك كي تبتعد برأسك عن هذا الطريق. افعل ما بوسعك لتحقيق ما تريده لنفسك، اخترق جدار الوحدة واصنع دوائرك الاجتماعية الجديدة بالمزيد من المثابرة والإصرار، فالوحدة لا تعني الفشل على الإطلاق.

العائلة مهمة جدا وبالطبع مذاق الاحتفال بالنجاح مع العائلة له طعم آخر، ولكن العائلة لا تقتصر فقط على الأهل والأقرباء، فالأصدقاء هم أيضا عائلة، عائلة تختارها أنت بنفسك، فإن أحسنت الاختيار، ستشعر بالتعويض عن ما تفتقد إليه، فرب أخ تنجبه لك الأيام. ولكن الأهم من كل ذلك، هو أن تقدم أنت لنفسك التقدير والثناء، أحب ذاتك واستمتع بصحبتها، فعندما يحصل ذلك حقا، ستقل خيبة الأمل عندما لا تتلقى الدعم الكافي، ولن تصبح سعادتك سواء بالنجاح أو غيره مربوطة بالآخرين.

فأنا أعلم أن الموضوع ليس سهلا، فرحلة الاكتفاء بالذات لا تحصل بين ليلة وضحاها بل تحتاج إلى بذل مجهود لتغيير معتقداتك عن السعادة. فنحن لا نستطيع التحكم بالأحداث وخاصة معاملة الآخرين لنا، فهل يعقل أن نبقي سعادتنا في أيدي غيرنا؟

لا شك أن مشاركة العائلة لنجاحك أو لسعيك إليه يزيل كثيراً من صعوبة الطريق نحو النجاح. ويشعرك بأنك لست وحيداً، ولا شك أن مشاركتهم لسعادة الوصول إلى النجاح تضاعف السعادة وتجعلها أكثر عماراً بالفرحة والإرتياح والفخر، ولكنك وللأسف الشديد قد تجد عائلة راكدة لا تمتلك ثقافة دعم أبنائها بالمساعدة في الطريق إلى النجاح ومشاركة النجاح إن حققته رغم حبهم لك، قد يكونوا محبين لك "ولا يوجد أب او أم لا يحبون أبنائهم" ولكنهم قد يضروك بضرر لم يسببه لك ألد الأعداء...لأنهم غير واعيين لأهمية الدعم ولو في صورة كلمة، ولهذا فالجهل يضر، وعدو واعٍ خير من صديق جاهل.

ولكني أنصحك بألا تتوقف كثيراً عند ابتعاد أسرتك عنك وعدم مساعدتها ودعمها لك، ولتنظر إلى البدائل..

أصدقائك مثلاً وزملائك بإمكانهم أن يسدوا شيئاً من تلك الفجوة بدعمهم لك ومشاركتهم لأحلامك وأمانيك المختلفة، فلتتخذ من الأصدقاء ما يعوضك عن خذلان الأهل..فإن الطريق إلى الأحلام وعر وذلك الطريق بلا رفيق يكون موحشاً يا صديقي.

فأن تفرح وحدتك بلذة الوصول!...إنها آية من آيات البؤس.

تذوق طعم النجاح الحقيقي عندما ينظر الإنسان للإنجازات التي حققها ويتذكر حينها المراحل التي كان ضعيفا فيها ولكن لم يستسلم، أما عن العائلة بإيجابياتها وسلبياتها لابد أن نتمسك بها، لذلك لا يمكن أن أتفق معك فيما قلته، يمكن أن نغير أصدقائنا، يمكن أن نرحل من محيطنا، ولكن لا يمكن أن نهجر عائلتنا للأبد فهي ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، نحن أيضا سيأتي يوم ونكون فيها عائلة، وما سنفعله نحن بعائلتنا سيأتي أطفالنا ويفعلوه بنا، لذلك مهما يكن لابد أن نحسن للعائلة ونفضل أن نكون الحلقة المظلومة على نصبح الحلقة الظالمة والقاسية.