هل العلاج النفسي عيب ؟

برأيكم لماذا ما زال البعض يعامل العلاج النفسي كعيب وعار يجب إخفاؤه ؟ ولماذا أصبح المرض نفسي يستخدم كإساءة للأشخاص ؟

المرض النفسي أنواع، لكن أغلب الناس لا يصنفون إلا نوعين كمرض نفسي: الجنون، والأمراض التي قد تؤدي إلى كوارث اجتماعية.

فهم يرون كل فترة أخبارا عن حوادث قتل تسبب فيها مصنفون على أنهم مرضى أو مهتزين نفسيا، وبالتأكيد فإن هذا التصور يجعلهم ينظرون إلى المريض نظرة عدائية، ولا يعرفون أن هناك أنواعا أخرى للمرض النفسي لا تنتمي إلى هذين النوعين.

والحقيقة أن الأمر يتعدى المرض النفسي، فقد ظل الناس ينظرون إلى مرضى كوفيد-١٩ نفس النظرة، وكذلك كل مرض معد، ولعل السبب هو خوفهم على أنفسهم، ولا يعد ذلك تبريرا.

للأسف ارتبط مصطلح المرض النفسي بالجنون في مجتمعنا

انت زرت الطبيب النفسي اذا انت مجنون

انت مكتئب ؟ لا انت وجه الشؤم

انت عصبي ؟ لا أنت لئيم

انت منهار عصبيا ؟ لا أنت جبان ومتردد

للأسف هذه الفكرة السائدة بمجتمعنا الأن

أنا شخصيا تلقيت العلاج النفسي لسنتين عند طبيب و6 سنوات بالأدوية ولا أخجل من ذلك وليس لدي مشكلة بالتصريح بذلك

نحتاج القليل من التوعية عبر الوسائل المتوفرة بأهمية الصحة النفسية لأنها ستقلل من معدل الجرائم و الأدمانات وحالات الطلاق والفشل الدراسي و التباعد الاجتماعي

ولماذا أصبح المرض نفسي يستخدم كإساءة للأشخاص ؟

لا مبرر لمثل هذا الأمر سوا الجهل، ولذا فالتوعية ونشر المعرفة أهم خطوة في تحقيق مجتمع سوي نفسيًا، لأن بالتوعية والمعرفة يصبح بمقدرة كل شخص أن يفهم حالته، بدلًا من نسبها لقلة التدين أو الخزعبلات، أو غيرها من الأمور الرائحة في مجتمعاتنا وبالتالي، سيقرر عدد أكبر من المرضى مراجعة عيادات الطب النفسي، وبالتوعية والمعرفة ذاتها يصبح الناس أكثر تفهمًا وتسامحًا مع بعضهم البعض، حيث أننا جميعًا معرضون للإصابة بالأمراض النفسية.

يبدو اننا فعلا نحتاج الى مزيد من الوعي والمعرفة بمزايا العلاج النفسي والطرق العلاجية التي يتبعها اخصائي العلاج النفسي.

أتفق و بشدة و لكن للأسف الشديد يعود هذا التصرف لعدة عوامل و هي :

• الإعلام الذي شكل الأطباء النفسيين على أنهم مختلين عقليا و مجانين ، و لهذا دور نفسي كبير جدا على المجتمع إذ أن الإعلام المرئي و المسموع من أقوى المؤثرات على الإطلاق.
• المجتمع يتعامل مع المرض النفسي على أنه عيب و بعد عن الدين و بالطبع هذا لا يمت للواقع بصلة ، بل هناك العديد من الأمراض الجسدية التي تحدث كرد فعل للأمراض النفسية مثل القولون العصبي و المعدة العصبية و غيرها.
• عدم الإهتمام بالتوعية بخطورة المرض النفسي و آثارة على الفرد و المجتمع ككل و هذا خطأ المنظمات الطبية و الصحية و يجب أن يكون هناك حملات توعوية تقوم بهذا الدور.
• لا يعترف الأشخاص بالضغوط الصغيرة كمشاكل و أرى أنهم يمليون |أكثر لتصديق الأمراض النفسية الأكثر خطورة مثل الفصام و الهلاوس و غيرها

يجب علينا أن لا نخجل من المرض النفسي و كل فرد يبدأ بنفسه و سينصلح تفكير المجتمع و بالطبع يجب أن يساندنا الإعلام في تبني هذه الفكرة.

أعتقد أن اعتبار العلاج النفسي عيباً هو اعتبار يفتقد للصواب، فقد تطور العلم وأصبحت الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسمانية، وبمرور الأيام يتم اكتشاف امراض نفسية خطيرة لم تكن معروفة من قبل، فربما وانت تقرأ كتاباً عن علم النفس تكتشف أن بك شعوراً او تجربة قاسية او احساس معين بحاجة لتدخل من متخصص كي تستعيد صحتك وعافيتك من جديد، ويكون خطر عدم معالجتها شديد.

ومن مخاطر التكبر على العلاج النفسي أنه قد يصل بالشخص إلى حالة مذرية من الحزن والإكتئاب مما يجعله يقبل على الإنتحار.

وإن ألقينا نظرة على المنتحرين والإحصاءات التي توضح أعدادهم المرعبة يوماً وراء يوم سنعرف أن العلاج النفسي ضرورة قصوى ليس من العقل ان نتجاهلها أو نعتبرها عيباً.