كما أن الجسد يحتاج الغذاء فإن للروح احتياجات، فكيف تجعلنا الروحانية أشخاصًا أكثر سعادة؟
كيف تجعلك الروحانية شخصًا سعيدًا؟
حسنا، يأتي الضيف الى البيت عندنا ويطلب رقم كلمة المرور للشبكة العنكوبية الانترنت .. والبعض يتركها فوق الطاولة والاخر يقدمها مع فنجان القهوة .. اذن انها استراحىة تقنية اكثر من كونها زيارة اجتماعية ... قد يكون هذا متقبلا في حال كانوا اهل البيت يفعلون نفس الاسلوب فيصبح تبادل الخدمة من كرم الضيافة .. ولكن اين هي روحانيات العلاقات الاجتماعية؟ هل تصمد امام ادمان الاجهزة المحمولة ومتابعة البرامج او حتى لايكات الفيس بوك وقضاء وقت اجتماعي يفترض ان له استقلاليته واهميته؟
من جانب آخر حين يأتي وقت الصلاة ونطلب من الابن في الاجازة الصيفية ان يغلق الجوال او يضعه صامتا ويهتم بالصلاة وقراءة القرآن في فترة ما .. اليست هذه الروحانية مفقودة في عالم اليوم الغارق في ملذات الانترنت والالعاب وغيرها. فما هو الحل وكيف يمكننا اعادة تغذية الجسد بعد ان تلوث؟
لكن في هذا السياق يا صديقي يمكننا أن نسمّي هذه الحالة بالفقّاعة الرقمية، أو بالحياة الاجتماعية الفاشلة على الصعيد الإنساني، و بأي مسمّى آخر وسوف يليق بالموقف. لكن فيما يخص الروحانية، فأنا أرى أنه مفهوم غير عام على الإطلاق، لا يمكني الإمساك به أبدًا، وأفشل دائمًا في تحديد طبيعته، فأنا في هذه الحالة مثلًا لا أجد تعريفًا لروحانية العلاقات الاجتماعية في ذهني، ولا أستطيع أن أجدّد معنى للكلمة نفسها. فما هي الروحانية بشكل مطلق؟ ما هو تعريف المفهوم من وجهة نظرك؟
لا يمكن أن نلقي باللوم على الانشغال الدائم بالهواتف ومواقع التواصل، فالروحانية كما أراها هي حاجة للإنسان، تساعده على أن يصبح كيانًا أكثر اتزانًا وصحة، كما أننا لا يمكننا أن نطلب من أحد أداء العبادات أو الاهتمام بها، فالكثير من الأهالي يلحون على الأطفال أو حتى الكبار بالصلاة وقد رأيت هذا المشهد عند أقربائي حيث سأل الوالد الشاب هل صليت؟ فقال له أجل وهو لم يصلي وبدأ بالضحك بعد خروج والده، أو تلك التي كانت في غرفتها ثم خرجت بياني الصلاة للإشارة إلى أنها كانت تصلي وحين سألتها قالت: "مشان ارتاح من نقهم" ولذا فالعبادات برأيي هي أمور خاصة يفعلها الإنسان للتعبير عن إيمانه، وليس عن إيمان الآخرين
فكيف تجعلنا الروحانية أشخاصًا أكثر سعادة؟
أهم جانب يجب أن يغذيه الإنسان ويوليه أكبر الإهتمام هو الجانب الروحي، فما فائدة التعب على الجسد إن كنت ساقط في الخواء الروحي ؟ وهنا تكمن أهمية الإيمان .. حيث أن هذه الروح بحاجة للإرتباط بخالقها، حتى تشعر بالطمأنينة والسكينة، حتى تجد عزاءها في أشد اللحظات ألماً وإنهاكاً، وحتى يصبح للحياة معنى وغاية، وحتى يحدث ذلك التناغم بين الشخص وعناصر حياته، ويصل إلى القبول والرضا بما قسمه الله له .
من الرائع جداً أن أتلقى الرسائل التي أحتاجها والمواساة التي أريدها في آيات القرآن، من الرائع أن تكون آية قرأتها بلسماً لي، من اللطيف قراءة قصص الأنبياء وكيف كانت عناية الله تحفهم، وذلك اليقين المريح الذي ينطلق عندما ترفع يديك إلى السماء وأن موقن بأنهما لن ترتدا صفراً .
التأمل في الطبيعة والخلوة مع النفس، كل ذلك يمنحنا صفاءاً نفتقده كثيراً في تفاصيل أيامنا المزدحمة .
إهمال الروح من أجل الجسد يفقد الحياة معناها، لقد انتحرت ملكة الجمال التي خطفت الأضواء من الجميع .. لماذا يا ترى ؟
الروحانية مفقودة في هذا العصر، أغلب من يقومون بالصلاة -في أي دين- لا يفقهون معنى صلاتهم أساسا ولا يفقهون أن الصلاة هي جزء من اليوم وأن اليوم بأكمله يجب التحلي بأخلاقيات صلاته -اي كانت-
أعتقد أننا يلزم قبل مناقشة هذا الموضوع أن نوضح للناس ما معنى الروحانية وما انعكاساتها على حياته وحياة من حوله، ثم مناقشة هل هي طريق للسعادة أم لا، ولكن غيالها يجعل السؤال مبكرا
هدفنا هنا النقاش أخ باسل، فما هي الروحانية برأيك؟
ولماذا تعتقد أن معظم الناس لا يفقهون معنى صلواتهم؟
يجب أن يفهم من يقوم بالروحانيات أي كان دينه ومعتقده أن الروحانيات ليست فقط في أوقات صلاته
مثلا نرى العديد من الأشخاص يأكل حق أخته بالميراث ثم يقوم بأداء الحج ولا يقطع صلاة هل هذا قام فعلا بالروحانيات؟
أو شخص لا يصلي إلا جماعة ويعمل تاجرا يغش الناس هل قام فعلا بالروحانيات؟
الروحانيات الصحيحة هي الروحانيات التي تنعكس على حياة الفرد ومن حوله
تحياتي
إذا كان المقصود بالروحانية ممارسة نمط ديني معين؛ فهذه المشاعر يمارسها الجميع تقريبًا. حتى في بعض الحالات التي لا تتبع دينًا بعينه؛ فإنها تتبنى سلوكًا مشابهًا للسلوك الروحاني الديني.
وعلى أية حال؛ فإن هذه السعادة تتفق مع الفطرة الإنسانية؛ ويوجد اقتراح يقول إن الحالة الروحية ترجع إلى ما يُعرف باسم God gene وهو المسؤول عن الاندفاع إلى التجربة الروحانية؛ مما يعود على الممارس بالسعادة. وقد تناول هذا الأمر Dean Hamer في كتابه The God gene.
ولكن من منظوري الخاص؛ أرى أن الفطرة الإنسانية تقوم على هذه النزعة الروحانية؛ والتي تختلف طريقة إشباعها من شخص لآخر؛ فحتى منكري الدين كما ذكرت لهم نمط يشبه هذا؛ فمع عام 2013 ظهر ما يُعرف باسم Sunday Assembly في المملكة المتحدة وانتشر خلال السنوات الماضية في العديد من الدول، وهو قائم على فكرة اجتماع اللادينيين في مكانٍ واحد مثل الكنائس؛ التي يستأجرونها؛ ليمارسوا الغناء أو التأمل، أو غيرها من الطقوس التي تجعلهم يشعرون بشعور الممارسات الدينية؛ فهم يفعلون كل ما هو غير ديني -حسب زعمهم- لكن بطريقةٍ لا تختلف عن الدين! وأصبح البعض يطلق على تجمعاتهم اسم كنيسة الملحدين.
أهم سمة من سمات الروحانية هي أنها تنزعنا عما يكدر راحتنا من مشاكل وهموم وتجعل التركيز منصب على الأمور الإيجابية، وهذه إحدى الأسباب المهمة لكون الروحانية تجعلنا سعداء. ولا اقصد هنا بالروحانية طقسا معينا ينتمي إلى فصيل معين من دين أو انتماء، بل أقصد الروحانية بذاتها مجردة عن أى شي؛ فهي تهتم بالجانب المشرق من الإنسان.
التعليقات