من البديهي أن نشعر بالحزن كما نشعر بالسعادة، ولكن في بعض الأوقات يتحول هذا الحزن إلى غصة في القلب تتملك الإنسان وتدخله في حالة صعبة من الأسى، فما الذي يمكننا فعله لنخرج من حالة الحزن تلك؟
ماذا تفعل حينما يتملك الحزن منك؟
لعلني من الأشخاص التي تسمح لنفسي بالحزن والبكاء فلا يمكنني أن أكبت هذه المشاعرأبدًا. اظهار المشاعر وخاصة الحزن لهو أمر مهم لِذا أتسامح مع هذه المشاعر، قضاء وقت مع العائلة والدائرة المقربة مني، ممارسة عادة التدوين على الورق، التأمل واليقظة الذهنية Mindfulness، الخروج في نزهة، كل هذه الأمور يمكن أن تخرج الشخص من خالة حزنه.
صحيح الحزن كغيره من باقي المشاعر، وأرى أنه يمكننا الخروج منه من خلال:
- تغيير نظرتنا للحزن، أن لا نراه شيئا سيئا أو لايجب أن نشعر به، بل هو تجربة كغيرها من التجارب الإنسانية.
- التقبل والإعتراف: أن نعترف أننا نشعر ونمر في حالة الحزن ولا نتظاهر بعكس ذلك، أن تقول أنا أشعر بالحزن فهنا بداية الحل .
- السماح لأنفسنا بعيشه: نعطيه مساحة ليعبر عن نفسه في دواخلنا، ونعطيه وقته حسب الحالة التي سببته لنا.
- احتواءه ثم السماح له بالرحيل: احتواءه ثم تركه ليمر ولا نتمسك به، ونعطي أنفسنا فرصة للفرح واختبار مشاعر أخرى.
كثيرة هي الصعاب التي تواجه الإنسان، وكثيرة هي الحيرة تجاه ما يعلق في الذاكرة من صور وأحداث وتفاعلات، وهذا يشكل الضغط العصبي والنفسي على الإنسان، ومن أصعب المواقف التي يمكن أن تشكل تحديا له حين يبرز عجزه عن المواجهة أو المعالجة او التحليل أو التفسير، والأصعب حين يعجز عن التعبير عن غضبه وعن الكبت الذي يشعر به فيأخذ في نفسه صفه “الانطواء” أو “الانهزامية” .
التوتر قد يحدث في ساعة او في يوم او في أسبوع أو نتيجة لتوالي المواقف الصعبة والمصيرية أو التي تعيد تشكيل الذاكرة المؤلمة داخله بحيث تطفو على السطح مكونة الخوف والغضب ومشاعر العجز.
وكلما كان تأثير العقل أقوى من تأثير العاطفة، كلما استطاع الإنسان ان ينجو بنفسه من الآثار السلبية، وكلما كان هناك ترابط أسري أو نقابي أو ملتقيات أو مجموعات، فإن هذا يشكل عوامل حماية للشخص وربما تمثل له الأمان.
ان النسب المتوفرة من المستشفيات تشير إلى زيادة الإصابة بأمراض القلب والشرايين بين أوساط الأشخاص صغار السن أو في عمر الشباب، مما يكسر المعادلة التي تعتمد على السن أو العوامل المرضية، فبالتالي فإن تفسير الإرهاق البدني والذهني والضوضاء وكثيرة ضغوط العمل والصعوبات الاقتصادية قد تؤدي الى تحويل المشكلة النفسية إلى مشكلة عضوية تبرز على هيئة مرض، وهذا يعني ان الشخص المصاب قد ضعف أو فشل في مقاومة خطر التوتر.
ولكي نزيد من مقاومة خطر التوتر الذهني والعضلي يجب أن يكون لدينا القدرة على المواجهة، حيث أن الحديث الصريح للشخص المصاب بالتوتر بما يعتمل بداخله ويسبب له التوتر يكون بمثابة “التفريغ النفسي” وهو أول خطوة للتخلص من التوتر وإخراج المريض من الحالة النفسية التي فرضها عليه والتي يظن المريض أنها جزء أساسي من حياته النفسية، وكما انه ينصح في حال التعرض لحدث ما أن يعبر الإنسان عن نفسه، مثل الضحك في حال الفرح أو البكاء في حال الحزن فهذه الدموع “الثمينة” تحوي كمياويات تنتج عن شعور الشخص بالاغتمام والتخلص من هذه الكيماويات بواسطة البكاء خاصة يسبب لنا الراحة، وهناك دراسات تقول أن حبس التنفيس عن مشاعر الحزن وعدم القدرة عن التفريغ بالدموع قد يؤدي الى إصابة الإنسان بالأمراض السرطانية .
ويجب على كل إنسان أن يكون له صديق يثق به سواء قريب أو بعيد أو في نفس المكان أو بعيد عنه، لأن الثقة بشخص ما والتحدث إليه عن سبب التوتر يكون بمثابة “التفريغ النفسي” او ما يسمى بـ”آلية النقل”، فهذه المشاعر تنتقل من الشخص إلى الآخر أي تقاسم الألم معنويا، وهذا يجعل المريض أكثر اطمئنانا ويعيد له الثقة بنفس مع زوال المسبب او ضغط الحدث.
وكلما استطاع أن يفهم المريض حالته النفسية وأسبابها، فهذا يعني قدرته على الواقعية والتأقلم وعدم الوقوع في حالة مفرغة، وكما ينصح بممارسة الرياضة وخاصة المحببة للشخص نفسه، وتفضل المجهودات العضلية او ممارسة الاسترخاء للتخلص من التوتر، وهذا يتطلب أن يكون هناك معرفة مسبقة بمبادئ ممارسة الاسترخاء، وعادة يعتمد ذلك على التنفس السليم، وكما أن النشاط الذهني والتأمل له القدرة على تهدئة الحالة النفسية للشخص، مما يؤدي إلى الاسترخاء الذهني وتخفيف الضغط عن الإنسان، وهنا ينصح بعدم اللجوء إلى المهدئات الدوائية بصورة فردية لأن ذلك يقتل فرصة الاسترخاء الذهني ويعوق المخ عن التعبير، وكما أن ممارسة النشاط الفني أو الهواية المفضلة تساعد كثيرا على التخلص من التوتر، وكما أن قراءة ورد يومي من القرآن الكريم والحفظ وقراءة قصص النجاح للآخرين، وأخيراً فإن شرب السوائل والتغذية السليمة يمكن ان تساعد في تجاوز الوضع النفسي للإنسان.
ملاحظة: إن اللجوء إلى تناول المهدئات الدوائية بصورة منفردة يؤدي إلى الإدمان وتفاقم الحالة وتلقي بظلال سوداء على واقع الشخص داخل مجتمع ويتحول إلى عنصر سلبي فيه .
عندما تتملكنا غصة الحزن لا مفر إلا التفكر في مدى سهولتها عند الخالق عز وجل فإن الحلول الصعبه علينا و المستحيلة هي عند الله سهله تحت قوة كن ف يكون و الحل عندنا هو التعلق بالله و رجاء الحل منه مع اليقين.
أنا عندما يتملكني الحزن فهو يسحبني معه في البداية ولكن التفكر في قدرة الله على حله تجعلني أدعو الله و أرجوه ثم أتوكل و الحمد لله يتبدل الحال و تنفرج.
التعليقات