أو بصيغة أخرى، هل نملك إرادة حرة؟
هل الإنسان حر أم لا؟
هذا سؤال فلسفي لا يمكن الإجابة عليه بتعليق. ويمكنك القراءة في الكثير من الكتب الفلسفية التي تحلل هذه المعضلة جزءًا جزءًا.
ولكن ربما أشجعك أكثر على هذا بالنقاش الآتي. إن افترضنا أننا لسنا أحرار فمن يملك حريتنا؟
أهو الله؟ هذا يعتمد على دينك وإيمانك. يفترض الناس أن حياتهم مكتوبة بالكامل من قبل ولادتهم وأن قلوبهم وحتى إيمانهم ليس لهم تحكم كامل به. وأن لديهم مستوى صغير من الحرية يحاسبون عليه ولكن كل شيء مكتوب. فهل تتفق مع هذا؟ ربما وربما لا
لكن إن تكلمنا عن أناس ينظرون إلى ما بين أيدينا فقط بدون اعتبارات دينية وهم العلماء فهم يسألون سؤالًا قريبًا. هل يكون الإنسان بمجرد ولادته حرًا؟ بالطبع لا ولكنهم يحاولون الوصول إلى أي مدى تؤثر فيه جيناته الموروثة وخصائصه المكتسبة من البيئة. عن ماذا تعيقه وماذا تعطيه؟
ويسألون سؤالًا أخر. هل في الحمض النووي للمجرم ما يجلعه مجرمًا أم هو قراره الشخصيّ؟ ولقد تعددت الاجابات أيضًا في هذا الموضوع وتعددت التجارب
لذلك من ناحية فلسفية أو دينية أو علمية لا يوجد إجابة لهذا السؤال وسأكذب عليك إن قلت نعم أو لأ وسأكون مخادعة إن حاولت إقناعك بإحداهما. بعض الإجابات ليست بسيطة ولكن بما أنك تسأل آمل أن تجد متعة في البحث والقراءة عن الموضوع ولا تستمع لمن يقول أنه يملك الإجابة النهائية!
إذا أيمكن القول بأننا أحرار نسبيا بمعنى أننا أحرار في أمور و لسنا كذلك في أخرى، ما دام الجواب لا نعم و لا لا
فأنا مثلا لست حرا في أن أكون ذكرا أو أنثى و لست حرا في اختيار البلد الذي أولد فيه أو والداي أو أو
لكن ما الأشياء التي قد أكون حرا فيها؟ أريد أمثلة
شكرا قبل لردك الممتع
إذا أيمكن القول بأننا أحرار نسبيا بمعنى أننا أحرار في أمور و لسنا كذلك في أخرى
الحرية أمر نسبي نعم. وحتى إذا قلت مثلًا أنك حر في أن تختار وظيفتك المستقبلية
فإن هذه الحرية أيضًا نسبية
من ناحية تعتقد أن لا شيء أثر عليها سوى قرارك. لكن لا ترى الكثير من التأثيرات الصغيرة والخفية مثل تأثير جيناتك على مهاراتك في مجال ما فتصبح محبًا له أو تأثير البيئة من حولك التي تدفعك للميل إلى مجال معين أو حتى تأثير الإعلانات والتسويق لمجال معين يجعلك تشعر بشكل أكبر أنه مناسب لك.
مثلًا هل أنت حر في اختيار شريك حياتك؟ على السطح تقول نعم ولكن في الأعماق توجد موروثات ثقافية جعلت لك تحديدات جمالية معينة وعوامل اجتماعية وعوامل زمنية وعوامل تطورية ساعدت في ذوقك وعوامل أخرى كالبيئة التي نشأت فيها والشركاء المتاحين لتختار بينهم.
هكذا فإن لست مقيدًا إلى اختيار واحد وأنت حقًا حر لكن هذه الحرية نسبية ومحدودة بعوامل قد لا تراها ولا تكون واضحة دائمًا مثل اختيارك لعائلتك أو بلدك
الأمر اشبه بالتأثير المنتقل ، من الفرقة الى الفرد، هذا فيما يخص ما انت حر في اختياره، انت حر، لكنك في الواقع منساق للبيئة المحايطة، للموضة ،للتريند، أي أنك تشعر برغبة غير مبررة لسلوك ما دون اقتناعك فيه سعيا ذاتيا داخليا لا اراديا لمواكبة الفريق والشعور كانك مستمر متصل مع الاحداث.
ربما ادراك قدرة المحيط على التاثير ، هي اول خطوة لاكتساب الحرية الحقيقية فيما انت حر في اختياره.
سؤالك هذا، أتذكر بأننا درسناه ضمن مقياس الفلسفة، الإنسان حر أم مقيد؟ مجبر أم مخير، هناك جهتين من الأدباء والفلاسفة، منهم من إعتبر أن الإنسان حر حرية مطلقة ومنهم بوسوي الذي يقول:"كلما أبحث في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليس قوة غير إرادتي...ومن هنا أشعر شعورا واضحا بحريتي"، وهناك من إعتبر أن الحرية مجرد وهم أمثال إيميل دوركايم الذي إعتبر بإن سلوك الفرد خاضع لشروط يمليها العقل الجمعي، لذلك لا أساس لقول بأن الفرد حر حرية كاملة.
شخصيا، اعتبر بأن الفرد ليس حر حرية كاملة، ولست من دعاة الذين يسعون للحرية الكاملة، شريعة الإسلامية و قانون الدولة الديمقراطية التي تحترم حقوق المواطن قبل واجبتها يبنيان الإنسان المستقيم، يحترم الأخر ويفكر في الغير، لأن الحرية المطلقة تصنع من الفرد أنانيا يفكر إلا في نفسه ويعيش في الغابة القوي يأكل الضعيف.
هذا سؤال فلسفي انقسم الفلاسفة في آراءهم إلى فريقين، مناصرين وآخرين لديهم رأي مخالف.
يقول سارتر: "الإنسان جوهره الحرية، فالحرية اختيار مطلق، وهي مرتبطة بصميم وجوده الإنساني. فهو محكوم عليه بالوجود مثلما هو محكوم عليه بالحرية".
بمعنى أن الحرية جزء من تكوين الانسان، كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله: " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار".
من وجهة نظري الإنسان حر في ما يملك، حر في نطاقه الخاص، وحسب قدرته البشرية.
لا يوجد انسان حر، فلا يملك أحد وقف التفكير الذي يسيطر على دماغه، ولا يملك الارادة لكي يوقف التنفس او الاستفادة من متطلبات البقاء حياً. لهذا فإن السؤال بقدر انه يفتح لنا نوافذ واسعة وتطل على فضاءات اوسع، فإن الحرية هنا بمعناها الضيق تعني قدرة الشخص على التحكم في أموره وان يختار ما يشاء ويرفض ما يشاء. ولكن هذا الأمر نظريا يمكن ان يحدث. لكن في واقع الانسان لا يمكن ذلك. لهذا وجدت المخاطر والتحديات والقدرات والفطنة والحكمة والصبر والتحمل وسمات أخرى ترتبط بالانسان.
باختصار الانسان ليس حرا ولكنه يرتبط بحركة الكون والحوادث التي تحيط به ويتفاعل معها فيصبح مطيعا لها منفذا لتعليماتها وغير قادر ان يبتعد عنها الا بما استطاع من قدرات ومهارات .
هل أنت حر باختيار جنسك، شكلك، بلدك ، والديك، ظروفك ، العام الذي ولدت فيه ؟
و حتى في القرارات التي تتخذها و تعتقد أنك حر في اتخاذها فإنها تكون نتيجة عدة تأثيرات و نتيجة المحيط و التنشئة و عوامل وراثية . .إلخ
على أي أهلا بك في حسوب
أخي المحترم،حضرتك قلت هل نملك إرادة حرة،فحديثنا هنا عن حرية الإرادة و ليس حرية الخلق فهذا شأن الله تعالى،الشكل و البلد و الظروف هذه سمات نحن نخلق بها،بديهي جدا أننا لسنا أحرار بشأنها فهي خارج نطاق الحوار أساسا
بالنسبة لحرية الإرادة نعم نحن أحرار بكل تأكيد،كون أن هناك ظروف و مؤثرات داخلية و خارجية على قرارات الإنسان لا تنفي حرية الإرادة،بدليل أن هناك من يتخذون قرارات تضرهم رغم توابعها الكارثية،بل كلنا يمكننا اتخاذ مثل هذه القرارات ذات التوابع الكارثية،هناك من يكونون لصوص و قتلة رغم نشوئهم في بيئة عادية و رغم أنهم يستطيعون كسب عيشهم بوسائل كريمة،هناك من يتخذ مهنة التسول و الشحاذة مهنة حياته رغم أنه يمكنه أن يلتزم بعمل يوفر له حياة كريمة،و هناك أذكياء و أصحاب إمكانيات يهملون الدراسة و بالتالي يفشلون و قد كان يمكنهم أن يكونوا مجتهدين،و قس على ذلك من الأمثلة،و هناك من لا يفعل ذلك
الإنسان يستطيع إذا أراد أن يتخذ قرارا يعاكس أو ينساق مع مخاوفه و رغباته و مبادئه و قيمه و مصالحه،أنا أستطيع الآن أن أنزل إلى الشارع و أقتل شخصا فيتم إعدامي و أيضا أستطيع ألا أفعل ذلك،أستطيع أن أكفر بربي و أدخل إلى جهنم و أستطيع أن أبقى على إيماني
عندما أصف إرادة الإنسان أنها حرة فهذا يفترض بالبديهة أن قصدي هي الأمور التي يحتمل أن يفعل فيها أمرا أو ما يعاكسه،و ليست الأمور التي لا يتاح فيها للإنسان أن يتخذ قرارا أصلا،لأن هذه الأمور من الناحية العملية يكون هذا السؤال فيها لا معنى له و ليس ذو فائدة تترتب عليه،مثلا لو أراد شخص أن يسافر إلى أمريكا لكنها أغلقت باب السفر في وجهه فهل يمكنه السفر إليها؟لا طبعا بالبديهة،حتى و لو أراد ذلك،فإن وسائل تنفيذ هذه الإرادة على أرض الواقع غير متاحة،فالإنسان لو أراد أمرا ما لا يعني أنه يملك أدوات تحقيق هذه الإرادة على أرض الواقع
فنقاشنا هنا عن المعنى الإنساني لحرية الإرادة،و ليس المعنى المطلق لهذه الحرية،لأن حرية الإرادة المطلقة هي فقط لله عز وجل هو الوحيد في هذا الكون الذي لو أراد أمرا سيحصل حصول حتمي يقيني لأنه هو أصلا مالك الكون و خالقه و المتحكم به،أما عندما نناقش حرية الإرادة بمعناها المطلق و ننزلها على الإنسان هنا يصبح النقاش لا معنى له لأنها ليست سمة من سمات الإنسان المحدود السيطرة و القوة
أهلا بك أنت أيضا،شكرا على ترحيبك الجميل 🌷
التعليقات