من خلال تعاملاتي بدأت أكون مبدأ أن قلة من الأشخاص فعليا الذي قد يستحقون فرصة ثانية، ولهذا أصبحت أميل لتقنين الأمر بشكل كبير منعا لضرر، ولكن أحيانا انتقد نفسي أن هذا ظلم ومباح للفرصة الثالثة ولكن ماذا عن ما تتسبب لنا به منح هذه الفرص سواء بالخسارة إن كان بالعمل، وبالألم إن كان بالعلاقات. أخبروني هل تمنحون فرصة ثانية ولماذا؟
هل تؤمنون بمنح الآخرين فرصة ثانية؟ ولماذا؟
لقد ناقشتُ الأمر نفسه لتوّي عبر مساهمة بالأمس تقريبًا، وقد كانت تتحدث حول مسامحة الأشخاص، وهل جميع الأشخاص مناسبين للمسامحة أم لا. إن وجهة نظري في الأمر، والتي وصلتُ إليها بعد العديد من الأزمات، أن الأمر شخصي للغاية، ويعتمد على علاقتنا بالشخص نفسه، لا بمبدإٍ يمكننا الارستناد عليه في كل موقف أو يمكن تطبيقه على الجميع. الأمر نفسه يعتمد على شخصنا من جهة، وشخص الآخر من جهة أخرى، وعلى رصيده لدينا من مواقف سابقة وأطر مختلفة للعلاقة وأسبابها، وعليه فأنا أرى أنه من العقلاني أن نترك الأمر للتيار. إذا ما استطعنا المسامحة فلا بأس، وإن لم نستطع فلا نجبر أنفسنا.
لا أحد يستحق أكثر من فرصتين هذه قاعدة لا مساس لها عندي .
بعض الفرص قد تكون قاتلة لك ، تستنزفك شيئاً فشيئاً ثم ترميك ، إذا ما اعتدت منح الفرص و اختلاق أعذار واهية أمام نفسك لتقنينها فذلك سيجعل من الطرف الآخر مرتاحاً تجاه إساءاته المتكررة إليك ، حيث أن الأمر بسيط فقط .. يعود و يعتذر فتسامحه فوراً ، هناك نساء ممن يظلمن أنفسهن بالحفاظ على علاقة لا تقدم لهن شيئاً سوى الأذية بحجة أنه أعتذر أو أنه يحبني أو من أجل أبنائي ، و لكنها إن سألت نفسها بعض الأسئلة البديهية ستجد أن كل تلك التبريرات التي تضعها هي هراء تام ، فمن يحبك كيف يمكن له أن يؤذيك ، و هل الإعتذار مسكن للآلام التي تعانيها سواء جسدياً أو معنوياً ، و كيف يمكن أن يجبرك وجود أبنائك على تحمل الأذى ، هل تعتقدين أنه إن شاهدك طفلك تهانين و تضربين هذا أمر صحي له أكثر من أن تكوني بعيدة عن هذا الزوج الظالم و تعيشين حياة هادئة معه؟
و لكن من باب عدم الإجحاف أرى أن الشخص الذي تلمس فيه ندماً حقيقياً صادقاً ، يستحق أن تقدم له فرصة ثانية و لكنها فرصة حذرة لا تتوفر فيها جميع امتيازات الفرصة الأولى بل أقل قليلاً حتى تتأكد من أن هذا الشخص فعلاً يستحق و أنه يبذل جهداً من أجلك .
التسامح واحد من بين أرقى و أجمل الأخلاقيات، و أنا واحد من بين الأشخاص الذي يشجعون على التسامح و إعطاء فرصة ثانية للطرف الآخر، لكن إعطاء هاته الفرصة يجب أن يكون وفق شروط معينة لأنه ببساطة هناك نوعية من الأشخاص لا تستحق هاته الفرصة مثلا:
- شخص تخلى عنك من أجل الماديات، سواء كان صديق أو قريب من العائلة يجب الابتعاد عنه لأنه يحب مصالحه فقط
- الشخص المبتز أي شخص الذي إذا وقع بينك و بينه مشكل يهددك بفضح أسرارك مثلا…
باختصار المواقف هي التي تحسم في مسألة منحك فرصة ثانية للآخر، فإذا كانت هاته الفرصة ستؤثر بشكل سلبي عليك في المستقبل فيمكن الاكتفاء فقط بالمسامحة من بعيد أي وضع مسافة أمان بينك وبين الشخص الآخر، و إذا لم يكن هناك أي ضرر يمكن منح الطرف الأخر فرصة ثانية.
يمكنني التفكير في ما تفضلت به وأسأل نفسي السؤال التالي : لماذا أحتاج إلى التوقف عن إعطاء فرص ثانية للناس؟
بداية لا يوجد أحد معصوم من الوقوع في الخطأ، سواء كان خطأً متعمداً أو غير مقصود. ويمكنني تفصيل هؤلاء الى فئات كي استطيع الاجابة الدقيقة والعادلة:
هناك أشخاص يقدمون أنفسهم كأصدقاء أعزاء لكنهم سيديرون ظهروهم لنا في أي لحظة. وقد تعودوا فقط على ان يكونوا بجانبنا حين يلجأون للحصول على المساعدة او الدعم لهم. (يأتي ذلك الشخص ويطرق بابك طالبًا فرصة ثانية. هل يجب أن تعطيه؟)
أولئك الذين يبذلون قصارى جهدهم لإثبات أنهم جديرين وموثوق بهم مرة أخرى. (ماذا عن عودتهم للخطأ في حقك .. أي ألم يمكنك تحمله بعد؟ هل يستحق ذلك فرصة أخرى)
والان سأجيب بكل ثقة أنني سوف تغمرني السعادة إذا تركت هؤلاء الأشخاص تمامًا ، أي لا أمنحهم الفرصة ليطلبوا مني فرصة ثانية.
يمكن أن يكون الشعور بالتحرر من مشاعر الحزن والأذى والألم مبهجًا فقط عندما تقرر أن تضع نفسك في المرتبة الأولى (نفسك المرتاحة والسعيدة) ، بدلاً من هؤلاء البشر المخادعين.
لهذا منح فرصة أخرى لأحد ما يحتاج إلى قدرة ووعي في تقدير الأمور وقراءة شخصية من نتعاون معه. وصدقني في كل منا مجسات داخلية تخبره بالصواب.
التعليقات