بعد هذه المسيرة الطويلة في قضية التجديد التي طرأت على الشعر العربي، نجد أن بعضا من الشعراء قد رفضوا حركة التجديد هاته وانتقدوها،

لذلك، سأحاول أن أناقش معكم بهذا الصدد قضية النهوض بالشعر القديم.

 في الحقيقة مررنا بكثير من القصائد الشعرية في العصر الحديث ولاحظنا أنها تحمل نفس البنية الشكلية للشعر القديم،

فتسائلنا عن سبب ذلك كون أن الشعر قد عرف تغيرا كبيرا في العصر الحديث، تجلى في كسر البنية التقليدية التي تميز بها الشعر العربي قديما، ربما كنتم مثلي يوما تتسائلون عن قضية وجود شعر حديث يتبنى نفس البنية الشكلية للقصيدة التقليدية،

 فماذا عن المضمون؟

نعم المضمون يمثل ألوانا مختلفة من الأغراض الشعرية القديمة من مدح ورثاء، ربما هذه التساؤلات دفعتني الى البحث والتطلع لمعرفة أصحاب هذه التجارب الشعرية، التي أعادت للشعر أصالته التي كان عليها، يقول الشاعر محمود سامي البارودي،

رد الصبا بعد شيب اللمة الغزل** *وراح بالجد مايأتي به الهزل

وعاد ماكان من صبر إلى جزع*** بعد الإباء وأيام الفتى دول

في الحقيقة قادني بحثي العميق، إلى وجود مدرسة كلاسيكية قد تبنت التقاليد الشعرية القديمة ورفضت مايسمى بشعر الحداثة.

ربما لأن أصحاب هذه المدرسة رفضوا التخلي عن الموروث الشعري القديم، فبالنسبة لهم أن شعر التجديد ظل يتخبط مضمونه بين الوجدان والأحاسيس التعبيرية، لقد أرادوا النهوض بالقديم ومحاكاته على كافة المستويات، من هنا ظهر ما يسمى بحركة انبعاث الشعر العربي القديم، حركة اعادت للشعر اعتباره واخرجته من ظلمة الزخارف والمحسنات اللفظية، هل تجدون من خلال قرائتكم لهذين البيتين أن شعراء هذه المدرسة قد مثلوا الشعر العربي القديم حقا ؟