قررت أخيراً أنني أحتاجُ أن أبيع سيّارة البيت خاصّتنا، هذه السيارة فيها مشاكل بسيطة وسلبيات، ليس أعطالاً بل سلبيات ومشاكل يمكن أن تُشكّل تجربة غير سعيدة للمشتري إن اشترى، هُنا سائلت نفسي هل أنا مُطالب أخلاقياً بإبراز كل سلبياتها للمشتري أم أكتفي بأن أعطيه خيار الاطلاع الكامل قبل الشراء وحريّة الفحص؟
أريد أن أبيع سيارتنا قريباً، هل أنا مُطالب أخلاقياً بإبراز كل سلبياتها للمشتري؟
اهلا اخي ضياء وفي اعتقادي ان مصداقية البائع تمثل من اساسيات البائع الناجح بالاضافة الى معرفته بالمنتج ومدى اتباع البائع لمعايير البيع الصحيحة. فالمصداقية معيار عالمي لقياس البائع الناجح وبهذا يمكن عنصر الاستدامة في تعاملاته البيعية. فالمصداقية تعزز ثقة العميل في المنتج والبائع على حد سواء. وبالطبع على البائع التمتع بالثقة في النفس ومعرفة كل شيء عن المنتج الذي يريد بيعة وعرض المنتج بشكل ممتاز ولكن بدون الاخلال بمصداقيته كبائع.
منذ وقت قريب، قمنا ببيع سيارتنا أيضا والتي كانت أتعبتنا بكل المقاييس. وما قمنا به هو عرض كل سلبياتها للمشتري، وقلنا له كل المشاكل التي تحتاج للتصليح، وكم ستكلفه تقريبا، وأخبرناه عدد المرات التي دخلت السيارة فيها في حوادث، وكيف أصلحناها (لم يكن ليعرف ذلك بالفحص لو لم نخبره).
أظن هذا يوضح وجهة نظري؛ لكن أنا أتبعها اتباع لوجهة نظر دينية. لذا، قد تجد أن آخرين قد لا يعتقدون كما أعتقد.
حين أشتري، أتمنى لو يخبرني البائع ما المشاكل حتى أستطيع التعامل معها بفاعلية، وحتى لا أحزن على أموالي التي ضاعت وأعود بآمال خائبة، أو أجد نفسي في مأزق لا أستطيع تجنبه؛ لأني لا أمتلك مثلا المال الكافي للإصلاح الآن. شخصيا، أرى أن إبراز المحاسن والمساوئ بأمانة لن ينقص شيء من رزقك. فإن كان قلة في المال، فزيادة في البركة. وفي موقفنا، انتهى الأمر بأن الرجل تعجب تماما من شفافيتنا معه، حتى إنه اعطانا السعر الذي طلبناه دون أن ينقص منه شيء.
لمّا اشتريت لابتوب منذ فترة اشتريته مستعملاً لكي أحصل على مواصفات عالية وبسعر رخيص، بعد الشراء اكتشفت بأنّ صوته لا يعمل ولا يوجد إمكانية لأن يعمل أصلاً، أي أنّ الأمر غير قابل للإصلاح، اتصلت به فوراً وأعملته وقال لي أمر أعتقد أنّهُ ربما قد يكون صائباً فيه: ألم أقل لك تفحّصه ألف مرّة قبل أن تشتريه لإنني غير متأكّد من سلامته 100%؟ هذا للصراحة أسكتني، في أنّ من يُتيح فرصة الفحص الحر هو يخلي مسؤوليته أصلاً أخلاقياً، أليس كذلك؟
أظن هذا يرجع لسؤال فلسفي: من يحدد المسئولية الأخلاقية الواقعة على كل طرف؟ قد يرى البعض أنه القانون، أو الدولة، أو يرى البعض أن "كل شخص يحدد ما يعده مسئوليته الأخلاقية بنفسه".
وبالنسبة لجوابي لهذا السؤال، فأرى أن الله يحكم بذلك. وفي هذا الأمر، الحكم كالآتي:
إنه يجب على البائع أن يبين للمشتري العيوب التي في المبيع، ولو لم يسأله عنها، ويحرم عليه كتمانها، وإذا كتمها يعد غاشا. فإن كان لا يعلم العيب، جاز أن يبيع على أنه بريء من العيب؛ أي غير مسئول لو ظهر عيب، فيسقط بذلك خيار المشتري في الرد.
أي أنه في حالتك، لم يخطئ البائع لو كان فعلا لا يعلم العيب، ولم يستخدم الجهاز منذ مدة، وطلب منك أن تفحصه بنفسك، وأنت لم تقم بالفحص بشكل سليم، أو أهملت ما قاله. هنا، ليس على البائع أي مسئولية أخلاقية تجاهك؛ إذ أنه قد بين لك كل ما يساعدك على اتخاذ القرار المناسب لك.
كما قال الأصدقاء انت تعرف الجواب مسبقاً ولكن أريد أن أضيف شيئاً. لو أنك أخبرت المشتري بكل عيوبها دون أن يسأل وبعتها بالسعر الذي كنت أنا لترتضيه لنفسك لو كنت مكان المشتري إذن لازدادت الحياة جمالاً على جمال. انت تكون أسهمت بأن يشعر أحدهم وهو المشتري بأن الحياة ما زالت بخير فتجمًل الدنيا بعينه فيقول: الدنيا ما زالت بخير....لقد دلني على كل العيوب واشتريتها بسعر مناسب....هنا انا قد اكون مثالياً متطرفاً ولكن صدقني أنا أحب ان يتعامل الناس معي هكذا.
كما قال الأصدقاء انت تعرف الجواب مسبقاً ولكن أريد أن أضيف شيئاً.
هل تابعت وتتابع حضرتك السوق عن كثب؟ هل ترى أنّ الأغلبية في نشراتها مثلاً على الفيسبوك لقطع تريد بيعها تنشر عن السلبيات؟ هل هذه هي الأغلبية العظمى تقوم بذلك وتنشر عن سلبيات ما تبيع ليُقال لي أنني أعرف الإجابة مسبقاً؟ لا بكل تأكيد. هل الدعايات تقوم بذلك على الإعلام؟ لا أحد أرى أنّهُ يقوم بذلك، إذاً كيف أعرف الجواب مسبقاً وتعرفه مسبقاً ويعرفونه مسبقاً بدون أي تنفيذ حقيقي عملي؟ أنا أطرح القضيّة لنناقشها، لنعرف ما الطريقة المثلى للتصرّف بظل مجتمع كامل بحسب كلامك مُخطئ أخلاقياً، أنا أبحث عن الطريقة الأمثل (التي أبيع فيها) وليس المثالية التي تعطيني شعور جميل بدون أي مال.
لا لست مطالبا .. كونها ستظهر عند الفحص
ولكن الأعطال الكبيرة في المحرك أو الجير .. او اي شي خفي .. فأنت ملزم نعم أخلاقيا
هذا الجواب يُعزّيني فعلاً، ليس لإنني مقتنع به ولكنّه يبدو أن يتخلّص من مثاليات الإجابة وينزل بنا إلى الواقع فعلاً، إلى حيث يجب أن نعيش، ولكن بمنظور مختلف للأمر أسأل: بعد أن يكتشف المشتري الأمر السلبي في السيارة (الذي ليس عطلاً رئيسياً) ويقول أريد إرجاع السيارة لكم، لم تعجبني للأسباب التالية، هل تقوم بذلك؟ هل تقوم بإرجاع السيارة وإعادة الأموال؟
عليك إبراز العيوب ولكن بعد التحدث عن مميزات سيارتك .. فلا يجوز لك أن تخدع العميل أو أن تخبيء عنه عيوب قد تؤرقه بعد شراء سيارتك، ولذا فعليك التحدث عن مميزات سيارتك؛ مثلًا : لم تتعرض لحادث مسبقًا .. موفرة في البنزين.. خفيفة في القيادة .. وبذلك تصنع له انطباعًا أوليًا جيدًا عن سيارتك
ومن بعدها تخبره بالعيوب الموجودة بالسيارة وتخبره إن كنت عملت على إصلاحها وكيف كنت تتعامل مع تلك المشاكل .. فيعرف إذا ما كانت المشاكل مؤثرة ومرهقة أم لا .. وبذلك يشتري سيارتك وهو غير مخدوع وعلى إطلاع بكل جوانب الصفقة.
اظن انك تعرف الجواب مسبقا، اذا كنت لا تحب ان يعاملك الناس بالطريقة التي تعاملهم بها فبالتأكيد انت لا تعاملهم بشكل جيد :) ما أعنيه هنا وبعيدا عن المثاليات إلا انك بالفعل ملزم اخلاقيات ودينيا ان تتجنب الغبن في التعامل مع الآخرين واخفاء عيب ما عن قصد يعتبر غُبن. ماذا سوف يكون موقفك اذا ما اخفى عنك شخص ما عيوب سيارة وكان هذا العيب او هذه العيوب عامل مؤثر على سلامة ركاب السيارة؟
انا افهم ان السبب الذي قد يدفعك إلى عدم اخباره، هو ان هذه بنظرك سلبيات تافهة لا تؤثر على جودة السيارة ومتانتها. او أن المشتري قد يتخلى عن قرار شراءها أو انه قد يبدأ مفاوضتك على تخفيض السعر. وهذين الأمرين لا بأس بهما. فهو من حقه التخلي عن شراء سيارة تحتوي على عيوب او مشاكل. اما في حالة انه يود تخفيض السعر، فإنك لن تود بيعها بسعر اقل من الذي تراه انه يستحقها فقط كن صريح ولا تتنازل عن السعر الذي طلبته خصوصا اذا كان فيه إجحاف او بخس. اعرض السيارة بكل مشاكلها وهو يقرر اذا ما كان السعر مناسب.
اما عن قولك انك تعطيه خيار الإطلاع الكامل وحرية الفحص فهذا من المسلمات واظن انه حق له وليس خيار يحق لك حرمانه منه. فهو بعد ان تقوم بإطلاعه على كل شي يحق له ان يثق بكلامك او ان يمضي قدما ويتأكد بنفسه ان هذه كل الإشكالات. فللأسف لم يعد هناك مكان للثقة في زماننا وأظن انك سوف تفعل نفس الأمر لو كنت المشتري. أليس كذلك ؟
اذا ما فعلت هذا فإنك ستخرج من المنطقة الرمادية منطقة الشبهات إلى منطقة بيضاء لا غبار عليها. رزقك الله من حيث تعلم ومن حيث لا تعلم.
تحيتي لك...
ماذا سوف يكون موقفك اذا ما اخفى عنك شخص ما عيوب سيارة وكان هذا العيب او هذه العيوب عامل مؤثر على سلامة ركاب السيارة؟
لا أعرف الجواب، في مقدّمة التعليق افترضت حضرتك أنّني أعرف الجواب مسبقاً وأنا لا أعرفه، لا يوجد شخص يطرح الأسئلة وهو يعرف إجابتها، وفي إجابتي عن هذه التفصيلة أعلاه أنا كتبت بأنّها ليست أعطال رئيسية مؤثّرة، بل سلبيات تؤثّر على سعادة وتجربة المستخدم فقط.
اما عن قولك انك تعطيه خيار الإطلاع الكامل وحرية الفحص فهذا من المسلمات واظن انه حق له وليس خيار يحق لك حرمانه منه.
ما معنى الفحص بوجود الصدق؟ ما هي الغاية منه؟ التأكّد من صحّة كلام البائع؟ إذا كان سيفحص بكل الأحوال السيارة ما معنى أن أقول له ما لن يصدّقه؟
لا أعرف الجواب، في مقدّمة التعليق افترضت حضرتك أنّني أعرف الجواب مسبقاً وأنا لا أعرفه،
حسنا، ظننت انك تعرف الجواب.
لا يوجد شخص يطرح الأسئلة وهو يعرف إجابتها
ولكن يوجد الكثير والكثير الذين يعرفون الجواب على اسئلتهم وافتراضك انه لا يوجد لا يقل عن افتراضي عن انك تعرف الإجابة مسبقا. :)
ما معنى أن أقول له ما لن يصدّقه؟
على اي حال بالتأكيد من حقه ان يصدق او لا يصدق كلامك، لماذا تنتظر ان يصدّق جميع الناس كلامك بدون اي تحفظ؟ خصوصا اذا ما كان المشتري شخص غريب لا يعرفك وانا اتكلم بشكل عام وواقعي فواقعنا يحتم على الناس التحقق انطلاقا من مبدأ "قس مرتين وقص مرة واحدة". عدا هذا بعد ان تخبره بكل الأشياء السلبية في السيارة بشكل صحيح قد يقوم بفحصها وتظهر له اشياء أخرى لم تكن على علم بها فالأمر لا يقتصر على فحصه للسيارة لانه لا يصدقك وإنما ايضا للتأكد من خلوها من المشاكل التي لا علم لك بها.
على سبيل المثال انت تعطي لشخص ما المال وتقول له هذا المبلغ كامل وهو ليس كامل لأنك أخطأت في عدّه وليس لانك تعمدت ذلك (وهو امر وارد جدا) هو من حقه ان يقوم بعدّه امامك، شخصيا لن اشعر بالإهانة إن فعلها شخص معي هذا فأنا لست ماكينة عد للنقود وقد أخطئ وهو افضل من ان يتصل بي فيما بعد ويخبرني ان المبلغ غير مكتمل فلن أتاكد حينها انه كان غير مكتمل بالفعل او لا وسيبقى الأمر محل شك فالنفس امارة بالسوء.
أتمنّى أيضاً أن نصل إلى المرحلة التي يصبح فيها الناس فيها أقرب للمعاملة التي كان يعيش فيها جدّي ويتمثّلها، حيث كان يُحكى عنه أنّهُ مرّة دخل ليشتري منزل فقال لهُ البائع أنّ سعره كذا وكذا، قال جدّي: أريد أن أتفحّص البيت جيداً أولاً. تركه صاحب البيت نصف ساعة لوحده في المنزل، ثمّ خرج جدي لعند صديقه واستشاره عن المنطقة وأخذ يفكّر ثمّ قال للبائع كلمة صدمت الجميع حرفياً، حيث قال: يسوى أكثر! - واشترى المنزل بسعر أغلى من المطلوب. ما أحبه في هذه القصّة في أنّها توازن وتعطي حالة مثالية للتعامل سواء بطرح حضرتك أو بالطرح المعاكس، أي سواء من بائع لمشتري أو من مشتري لبائع.
لو كانت أعطالا فإن الواجب الأخلاقي يحتم على البائع أن يضع المشتري بالصورة . ولكن بما أنها مجرد سلبيات فليس واجبا عليكم أن تقوموا بذلك. فقبل شرائكم للسيارة نفسها ألم تجروا بحثا عنها وكنتم على اطلاع على إيجابياتها وسلبياتها؟ فإذا فإن هذا واجب المشتري نفسه لا البائع أن يطرح هذه الفكرة. فجميع المنتجات في كافة المجالات لها Limitationsمعينة وإلا لما كنا رأينا تحديثات مستمرة وعمل على تطويرها. علينا أن نبقي في بالنا دائما: يستحيل أن نجد منتجا مثاليا. فعندما اشتريت تلفوني منذ بضعة شهور مثلا علمت أن إحدى عيوبه أن صوته منخفض ولكنني رغم ذلك قمت بشرائه إذ أن له ميزات مهمة مثل السعة وجودة الصورة الخاصة بالكاميرا وغيره. وهنا وجدت أن السلبية لا قيمة لها أمام المغريات الأخرى التي تهمني أكثر من أي أمر آخر. كل ما يحتاجه الأمر البحث جيدا ومعرفة ما تريده كعميل من منتجك لتختار ما يناسبك.
لكنك كنت على علم بالسلبيات واشتريتِ الهاتف على بينة.
ثم ما هو تعريف السلبيات في سيارة؟ وهل ما نعتبره نحن سلبيات يمكن التغاضي عنها سيعتبرها الآخرون كذلك؟ لاحظي أنه قال سوف تشكل هذه السلبيات تجربة غير سعيدة!
أليس الأولى أن نخبر من أمامنا عن هذه السلبيات وله حق الخيار؟
ما أتحدث عنه Product description أو وصف المنتج. فلكل منتج مجموعة من الميزات والسلبيات. لا يوجد منتج خارق أو مثالي. كل ما في الأمر أنه يتقدم عن سابقاته وإلا لما كانت البشرية في رحلة تطور دائم. أنا أصرح عن أمور حدثت خلال امتلاكي للغرض مثل وقوع الهاتف وانكسار شاشته فهنا عندي مطلب أخلاقي أن أصرح عن هذا الامر. وأما عن وصف المنتج فهذه وظيفة غوغل قبل اتخاذ خطوة الشراء حتى أختار الانسب لي.
لكنه لم يقل أن السلبيات في سيارته متعلقة بإصدار السيارة، ومن المتوقع جدًا أنه يتحدث عن سلبيات ناتجة عن الاستخدام ومن الممكن إصلاحها.
وبرأيي في كل الأحوال هو يجب أن يوضح كل ما يتعلق بسيارته من سلبٍ وإيجاب.
دعينا نتخيل هذا السيناريو:
أنا لدي هاتف من سلبيات تصنيعه ضعف الصوت وعرضته عليكِ واحترت هل أخبرك بالسلبية أم لا، هنا ما سبب حيرتي؟ السبب أنني أخشى ألا تتم الصفقة، صحيح؟
وهذا أدعى أن أخبرك، لأنه إذا كان هناك احتمال 1% أن ينزعج المشتري من اكتشاف عيب لم يكن على علم به، فهذا يوجب على البائع إخباره.
أحب الكلام الواقعي فعلاً الذي ينزل بنا إلى الحياة الواقعية ومشاكلها فعلاً ولكن افترض هُنا أنّك اشتريتي سيارة مثلاً بدون أية أعطال ولكن اكتشفت أنّ الزمّور مثلاً معطّل وزر فتح الباكاج الخلفي لا يعمل بكفاءة عالية، هل ستشعرين بالغضب من البائع أم أنّك ستلومين نفسك على هذا الأمر؟ (أسأل هذا السؤال لإنّ على أساسه برأيي يتحدد الأمر أخلاقياً ويمكننا أن نقرره).
التعليقات