جرت عادة كُتاب سير الناجحين والعظماء أن يجعلوا الصفحة الأخيرة لكتابة الإنجازات والنجاحات التي تحققت، فعند قراءة هذه الصفحة من سيرة أحد الناجحين أو العظماء، ربما تقول هذه شخصية كانت غير عادية؛ وتقول هذه الشخصية قد توفرت لها إمكانيات كبيرة، وكان لديه وقت كبير، وتهيئت لها ظروف جيدة؛ بالجملة هذه شخصية غير عادية، لذلك حققت كل هذا النجاح.

وهذه الفكرة يؤكدها أيضًا دراويش التنمية البشرية؛ الذين يغذون فيك فكرة أنك شخص غير عادي!، ولديك إمكانيات خارقة!، ويضخمون فيك ذاتك!، حتى تقتنع أنك لا أحد مثلك، إذن لابد أن تحقق نجاحات مثل العظماء بهذه الإمكانيات الخارقة الغير موجودة!!

لكن عندما تتعامل مع الواقع فتجد إمكانياتك عادية، وذاتك عادية، حينها تشعر باليأس، وأنك لن تستطيع أن تحقق أي نجاح يذكر؛ لأنك قد اكتشفت أن إمكانيات ليست خارقة، فهم أرادوا أن يساعدوك فأوبقوك، وأقعدوك.

الحقيقة أن الناجحين كانوا عادين في أغلب أمورهم، إمكانياتهم عادية، وشخصيتهم عادية جدًا.

إنما نجحوا فقط لأن لديهم صفتين:

الاولى: الاستمرارية

فكانوا يستمرّون فيما بين أيديهم من عمل مهما كان قليلاً، كانوا يحافظون على العمل وشعارهم خير العمل أدومه وإن قلّ.

الثانية: تخطي الصعاب

فكل نجاح سبقه صعوبات وصعوبات، وكل ناجح أصر أن يتجاوز هذه الصعوبات فنجح، ولم يستسلم لها.

فلم يكن أحد من الناجحين خارق في إمكانياته، ولا أوقاتهم غير عادية، ولا ظروفهم مؤائمة، أبدًا كانوا عاديين جدًا، لكنهم استمروا وتخطوا الصعوبات.

لا أنكر أن البعض كانت إمكانياته خارقة ولكن هذا خلاف القاعدة، بل القاعدة أن أغلبهم كانوا أشخاص عاديين، والاستثناء نادر، والنادر لا حكم له.

فإن أردت أن تحقق نجاحًا مثل الناجحين، فلا تأخذه من الصفحة الأخيرة؛ فالصفحة الأخيرة سبقها أمور كثيرة.