في قرية صغيرة تحيط بها الغابات الكثيفة، كان يعيش شاب يُدعى دانيال. منذ طفولته، كان يخاف الغابات المظلمة، خصوصًا في الليل. كان يسمع من الكبار حكايات عن ظلٍ غامض يظهر بين الأشجار ويأخذ من يجرؤ على الاقتراب.
رغم خوفه، جاء يوم اضطر فيه دانيال لدخول الغابة. فقد اختفت بقرة العائلة، وكان الجميع يشتبه بأنها دخلت الغابة. قلبه ينبض بسرعة وهو يسير بين الأشجار، كل صوت صغير يُشعره بأن شيئًا يراقبه. كل خطوة كان يصدر عنها صوتًا يزداد توتره، وفجأة سمع حفيفًا خلفه. التفت بسرعة، ولم يرَ سوى الظلال تتحرك بين الأشجار.
حاول تهدئة نفسه قائلاً: "ربما مجرد حيوانات صغيرة." لكنه لم يصدق نفسه. استمر في البحث، وكلما تعمق، زاد الظلام وسكن الصمت الغابة، وكأنها تراقبه بصمت شديد. وفجأة، ظهر له ظل ضخم بين الأشجار، طويل وغامض، يتحرك ببطء نحوه. تجمد مكانه، خوفه جعله عاجزًا عن الحركة.
في اللحظة الأخيرة، تذكر نصيحة جده: "عندما يخيفك شيء، واجهه ولا تهرب." جمع شجاعته وصرخ: "من هناك؟!" فجأة، توقف الظل، واختفى الصوت، وعندما اقترب، اكتشف دانيال أن الظل كان مجرد شجرة كبيرة غير معتادة الشكل، وحولها ضباب خفيف خلق صورة مخيفة.
أخذ نفسًا عميقًا، وفجأة سمع صوت البقرة! ركض نحو الصوت، ووجدها عالقة بين جذور شجرة كبيرة. أنقذها وعاد إلى القرية، وقد تغير شيء داخله. لم يعد الخوف يسيطر عليه كما كان، فقد تعلم أن معظم مخاوفه كانت تصنعها مخيلته، وأن مواجهة الخوف بشجاعة تجعله صغيرًا أمام قدرته على التغلب عليه.
ومن يومها، أصبح دانيال يعرف أن الخوف الحقيقي ليس ما نراه أمامنا دائمًا، بل ما نصنعه في عقولنا.
التعليقات