آمنت أن الكتابة ستأكل الأوهام التي تسكنني!

لكن حين قالت المُعالجة دوّني، فعلت الأمر مُستثقلة...

كنت أكتب بروتينية وملل كواجبٍ يؤديه طالبٌ بليد، مع الوقت لاحظت ما لها من تأثيرٍ مُخفف للدوشة العقلية التي تقسمني كل ليلة فتذرني قاعًا صفصفَا !

بعض الكلمات أقتنصها، وبعضها يقنصني، أهرب منها، قالت لي اكتبي عما يوجعك " متخافيش" وكنت قد بدأت ذلك فعلًا، فعل الكتابة يُجرؤنا على أوجاعنا ! " عندما نلمس جراحنا القديمة بقلم"

أستعيد موقف علي فأكتبه، أذكر حادثتي فأخربش كلمات من بعيد، تتحرش الذاكرة بي لكنّ كتابتها يعني التسليم بها وأنا .. لا أُريد ذلك.

قال لي طبيب سابق: "وهي كل واحدة هتتعاكس هتضرب عن الجواز بقى"، ضحك ، مكنش بقى فيه بنات اجوزوا هاها "

لم أُضرب، كُنت أُحب، أنا أُحب لكنه لولا الـ....

فقدت صوتي في المرتين، حين لمسني من أحب، وحين ......،

ظللت صامتة لأيامٍ، حتى استعدت صوتي دون كرامتي!

حين قرّب علي وجهه من فيّ تلاحقت أنفاسي، وحين تسللت يده لصدري انتفضت، عرفت نوبة الهلع للمرة الأولى، عرفت بعدها أن لمسة الحب أوقدت اللمسة السابقة الكارهة - التي لا أراها إلا كارهة- ، كيف يبعث الحب مواطن الألم من مراقدها، وهو المُسكن لأنصال الحياة!

كنت صغيرةٍ، لكنه لم يكترث حشر جسدي الضئيل في زاوية السُلم وأخذ يمرر عضوه في مفاتني، يثنيني ويفردني كما وسادة، فرك ثديي في كفيه، ومرر عضوه عليه ومضى!

وقفت مكاني وقتًا لا أذكره، وصمتُّ لأيامٍ، قالت ماما أنه حسد! أعدت تلبينة ومضت تزغطني بها، على الأغلب عُدت للكلام هربًا من تلك الوصفة!

قالت المعالجة، نتعافى حين يمككنا الحديث عن ما يؤلمنا دون مشاعر، كأنا نحكي مشهد شخص آخر، وقال علي: لابد أن تتجاوزي، لا يمكن أن أتزوج إمرأة تبغض شهوتي، لا تُشاركني الإشتعال!

اليوم حين كتبت عنه عرفت معنى ما قالته المعالجة: دون مشاعر، لن أعود إليه، لأنه.. لأنني..

كتبت المشهدين بمشاعرهما وقتها، تركت الدفتر مفتوحًا والقلم، في الصباحِ كانت الورقة خالية، ومداد القلم جافًا، أغلقت الدفتر ومضيت..