أثناء قراءاتي، صادفتني هذه القصة الرائعة للمبدع هاروكي موراكامي (ترجمة مريم ناجي)، و المعنونة ''كريمة''، هي ربما القصة الوحيدة التي تمنيت أن لا تنتهي. و أحب بالطبع مشاركتم إياها، و لما لا مناقشة أهم ما بها من معاني.

طيب، أنا أحكي لصديقٍ شاب عن حادثة غريبة جرت عندما كنتُ في الثامنة عشرة. لا أتذكر بالضبط لماذا تطرقت لها، صادف فقط أن أتت سيرتها بينما نتحدث. أعني، إنها شيءٌ حدث منذ فترة طويلة. بمثابة تاريخ قديم. بالإضافة لهذا، لم أتمكن أبدًا من الوصول إلى أي عِبرة منها.
شرحتُ له: «كنت وقتها قد تخرجت من المدرسة الثانوية، لكن لم ألتحق بالكلية بعد. كُنت ما يُدعى (رونين أكاديمي)، أي الطالبٌ الذي فشل في امتحان القبول في الجامعة وينتظر أن يحاول مُجددًا. الأشياء لم تكن مستقرة نوعًا ما». استرسلتُ: «لكن لم يزعجني هذا كثيرًا. علمتُ أنه باستطاعتي دخول كلية خاصة محترمة إلى حد ما لو أردتُ ذلك. لكن والديَّ أصرا على أن أحاول الالتحاق بجامعةٍ حكومية. لذا خضتُ الامتحان، مدركًا من البداية أنه سينتهي بالفشل المبين».
كان امتحان القبول في الجامعة الحكومية يومها يحتوي على جزء رياضيات إجباري، ولم يكن لديَّ أدنى اهتمام بالتفاضل والتكامل. قضيت السنة التالية في تزجية الوقت وحسب، كما لو أني أخلقُ حجة غياب. فبدلًا من الحضور في المدرسة التحضيرية أو الاستعداد لخوض الامتحان مجددًا، تجوَّلت في المكتبة المحليّة شاقًّا طريقي وسط الرواياتٍ الدسمة. تحتم على والديَّ أن يفترضا أني كنت أدرسُ هناك. لكن، مهلًا، هذه هي الحياة. وجدت الأمر أكثر إمتاعًا أن أقرأ كل ما خط بلزاك عن أن أتعمق في مبادئ التفاضل والتكامل.
في بداية أكتوبر من تلك السنة، تلقيّت دعوةً لحفل بيانو من فتاة كنت أسبقها بعامٍ في المدرسة، وتلقينا دروس بيانو مع نفس المعلم. ذات مرة، عزف كلانا مقطوعة ثنائية قصيرة لموتسارت. ومع ذلك، عندما أكملت السادسة عشر توقفت عن حضور الدروس، وتوقفت عن رؤيتها بعدها. لذا لم أستطع معرفة لماذا أرسلت لي هذه الدعوة. هل أثرتُ اهتمامها؟ كانت جذابة بالتأكيد، رغم أنها -بالحديث عن المظاهر- لم تكن نوعي المفضل، كانت تلبس على الموضة وتذهب إلى مدرسة خاصة للفتيات. ليست من النوع الذي يسقط في حب صبيٍ عادي ومملٍ مثلي.
عندما عزفنا المقطوعة سويًا، رمقتني بنظرةٍ فجة كلما أصبت نوتةً خاطئة. كانت عازفة بيانو أمهر مني، وأنا أتوتر بشدة في العادة، لذا عندما جلسنا متجاورين وعزفنا، لم أتقن نغماتٍ كثيرة. وارتطم مرفقي بمرفقها عدة مراتٍ أيضًا. لم تكن مقطوعة صعبة، زد على ذلك أني حظيت بالجزء الأسهل. كلما أفسدته، اكتسى وجهها بتعبير «أنهها أرجوك!». كانت تطقطق بلسانها، ليس بصوتٍ عال، لكنه عالٍ كفاية لأتمكن من سماعه. ما زال بإمكاني سماع هذا الصوت، حتى الآن. ربما ساعدني هذا الصوت في قراري بأن أتوقف عن تعلم البيانو.
على أي حال، تمثلت علاقتي بها ببساطة في أنه صادف ودرسنا في مدرسة البيانو نفسها. كنا سنتبادل التحية إن تقابلنا هناك. لكن لا أتذكر أننا تشاركنا أي شيءٍ شخصي. لذا، فجأةً، أتلقى دعوةً لعزفها للبيانو (لم يكن عزفًا منفردًا بل عزف جماعي مع ثلاثة عازفين) فاجأني هذا كُليًا، في الواقع، أربكني. لكن الشيء الوحيد الذي امتلكته بغزارة تلك السنة كان الوقت، لذا أرسلت ردي في بطاقةً بريدية تقول إني سأحضر. فعلت ذلك لسببٍ واحد، كنت فضوليًا لأعرف ما يكمن وراء الدعوة، لو كان هناك دافعٌ فعلًا. لماذا، بعد كل هذا الوقت، تُرسل لي دعوةً غير متوقعة؟ ربما أَصْبَحت أكثر مهارةً في عزف البيانو وأرادت أن تُطلعني على هذا. أو ربما هناك شيءٌ ما شخصي تمنت أن تبلغني إياه. بكلماتٍ أخرى، كنت ما أزال استكشف الطريقة المُثلى لاستخدم حسي الفضولي، ورأسي تعُج بكل أنواع الاحتمالات، بلا جدوى، خلال ذلك.
كانت قاعة الحفل على قمة أحد الجبال في مدينة «كوبه». أخذت خط قطار هانكيو إلى أقرب ما يُمكن ثم استقللت حافلة كان طريقها متعرجًا وعلى منحدر. نزلت عند نقطة توقف بالقرب من القمة، وبعد تمشية قصيرة وصلت إلى مكان الحفل متواضع المساحة الذي امتلكه وأدارهُ تكتلٌ تُجاري ضخم. لم أعرف بوجود قاعة حفلاتٍ هنا، في مثل هذه البقعة غير الملائمة، على قمة جبل، في حيٍ سكني هادئ وراقي. كما يمكنك أن تتخيل، يوجد العديد من الأشياء في العالم التي لم أعرف عنها.
شعرت أنه من الواجب إحضار شيءٍ لأُظهر تقديري لأني دُعِيت. هكذا اخترت من عند بائع زهور بالقرب من محطة القطار مجموعة من الزهور بدت أنها تناسب هذا الموقف وأخذتها ملفوفة في باقة ثم وصلتْ الحافلة وقفزتُ على متنها. كان عصر يوم أحدٍ بارد، السماء مغطاة بسحب رمادية كثيفة وبدا أن مطرًا باردًا على وشك الهطول في أية لحظة. رغم ذلك، لم تكن هناك رياح. ارتديت قميصًا خفيفًا تحت معطف رمادي متعرج مع لمسة زرقاء اللون، وحقيبة قماشية معلقة على كتفي. كان المعطف جديدًا للغاية، والحقيبة قديمة جدًا وبالية. وفي يدي، كانت الباقة المزدانة بالورد الأحمر ملفوفةً في السيلوفان. عندما صعدتُ على الحافلة مُزينًا بهذا الشكل، ظل الركاب الآخرون يرمقوني بنظراتٍ سريعة، أو ربما بدا كما لو أنهم فعلوا. استطعت الشعور بخديَّ وهما يتلونان بالأحمر، وفي ذلك الوقت، كنت أتوّرد خجلًا جراء أقل إثارة، واستغرق الاحمرار وقتًا طويلًا لينجلي.
«لماذا بحق السماء أنا هنا؟» سألتُ نفسي بينما أجلس محدودب الظهر على كرسيَّ، أُبَرِّد وجنتيَّ المتقدتين براحتيّ يديَّ. لم أرغب بالتحديد في رؤية هذه الفتاة، أو سماع عزف البيانو. لذا، لماذا أنفقت كل مصروفي على باقة ولماذا قطعتُ كل هذه المسافة إلى قمة جبل في عصر يوم أحدٍ كئيب في نوفمبر؟ حتمًا، شيءٌ ما لم يكن مضبوطًا فيَّ عندما وضعت الكارت للرد في صندوق البريد.
كلما صعدنا لأعلى في الجبل، قل عدد الرُكاب في الحافلة، وعندما وصلنا عند محطتي، لم يبق سواي أنا والسائق. نزلت من الحافلة وتبعت الاتجاهات المذكورة في الدعوة نحو شارع محدود الانحدار. كلما أخذت منعطفًا، يظهر الميناء لمدة قصيرة في المشهد ويختفي مجددًا. السماء الملبدة بالغيوم كان لونها باهتًا، كما لو كانت مُغطاةً بالرصاص. هناك وِنشات ضخمة عند الميناء، بارزةً في الهواء مثل قرون الاستشعار لبعض مخلوقات غريبة زحفت خارجةً من المحيط.
كانت المنازل بقرب قمة المنحدر كبيرة وفاخرة، ذات جدران حجرية ضخمة وبوابات أمامية مُبهرة وجراجات لسيارتين، وأسيجة شجيرات الأزالية مشذبة بعناية. سمعتُ ما يشبه نباح كلب ضخم في مكانٍ ما. نبح ثلاث مراتٍ بصخب، وبعدها -كما لو أن أحدًا ما وبخه بشدة- توقف بغتةً وغدت كل الأرجاء هادئة.
بينما أتبع الخريطة البسيطة في الدعوة، انتابني هاجسٌ غامض ومربك. شيٌ ما لم يكن مضبوطًا. أولًا، غياب الناس في الشارع. فمنذ نزولي من الحافلة، لم أر مارًا واحدًا. مرت سيارتان، لكن كانتا في طريقهما لأسفل المنحدر، وليس لأعلى. لو كان حفلًا على وشك البدء هنا، من المتوقع أن أرى أناسًا أكثر. لكن الحيّ بأكمله كان ساكنًا وصامتًا، كما لو أن السحب الكثيفة في الأعلى قد ابتلعت كل صوت.
هل أسأتُ الفهم؟
أخرجتُ الدعوة من جيب المعطف لأعيد التحقق من المعلومات، ربما أخطأت قراءتها. راجعتُها بحرص لكن لم أجد أي شيءٍ خاطئ. أنا في الشارع الصحيح، في المحطة الصحيحة، في التاريخ والميعاد الصحيحين. أخذتُ نفسًا عميقًا لأهدئ نفسي، وانطلقتُ مجددًا. الشيء الوحيد الذي استطعتُ فعله هو أن أصل لقاعة الحفل وأرى.
عندما وصلتُ للمبنى أخيرًا، كانت البوابة الحديدية الكبيرة مُغلقة بإحكام. سلسلة غليظة ملفوفة حول البوابة، ومعقودة بقفلٍ ثقيل. لم يوجد أحدٌ آخر في الأرجاء. تمكنت من رؤية موقف للسيارات متوسط الحجم خلال فتحة ضيقة في البوابة، لكن ولا سيارة واحدة مركونة هناك. أعشابٌ صغيرة نمت بين الأحجار المرصوفة، وبدا الموقَف كما لو أنه لم يُستخدم لوقتٍ طويل. رغم ذلك كله، أخبرتني اللافتة الكبيرة على المدخل أن تلك بالفعل هي قاعة الحفل التي كنت أبحث عنها.
ضغطت على الزر في الإنتركوم بجانب المدخل لكن لم يرد أحد. انتظرت قليلًا ثم ضغطتُ الزر مُجددًا لكن لا إجابة. نظرتُ لساعتي، كان من المفترض أن يبدأ الحفل في غضون خمسة عشر دقيقة. لكن لا علامة على أن البوابة كانت ستُفتح. تقشر طلاؤها في شكل بُقع، وبدأت تصدأ. لم أتمكن من التفكير في أي شيءٍ آخر لفعله، لذا ضغطتُ على زر الإنتركوم مرةً أخرى، مُبقيًا عليه فترةً أطول، لكن النتيجة كانت كسابقتها، صمتٌ عميق.
دون أدنى فكرة عما يجب فعله، اتكأت على البوابة ووقفت هناك لعشر دقائق. كان لدي أملٌ ضعيف أنه ربما يظهر شخصٌ آخر قبل فوات الأوان. لكن لم يأت أحد. ولا علامة لأي حركة، سواءً داخل أو خارج البوابة. لم تكن هناك رياح، ولا زقزقةُ عصافير، ولا نباح كلاب. وكما من قبل، غطاءٌ ممتد من السحب الرمادية منبسطٌ في الأعلى.
استسلمت أخيرًا -ماذا يمكن أن أفعل؟- وبخطواتٍ ثقيلة بدأت أسير للأسفل باتجاه محطة الأتوبيس، بجهلٍ تام بما يجري. الشيء الوحيد الواضح حول الموقِف بأكمله كان أنه لم يوجد حفل بيانو هنا ولا أي حدثٍ آخر يُقام اليوم. كل ما أمكنني فعله هو العودة للمنزل، بباقة من الورد الأحمر في يدي. ستسأل أمي بلا شك «لماذا الورد؟» ويجب أن أقول إجابة وجيهة. أردتُ أن ألقيها في صندوق النفايات في المحطة، لكنها كانت -بالنسبة لي على الأقل- باهظة السعر بعض الشيء على أن أرميها هكذا.
أسفل التل، على بُعد مسافةٍ قصيرة، كان هناك متنزه مريح وصغير، بحجم منزل تقريبًا. في الجانب البعيد من المتنزه، بعيدًا عن الشارع، يوجد جدار حجري ذو زاويةٍ طبيعية. بالكاد كان متنزهًا، لم توجد نافورة مياه أو معداتٌ للعب. كل ما كان هناك تعريشة مغروسة في المنتصف. كانت حوائط التعريشة شبكية ومائلة ومُغطاة باللبلاب. حولها شُجيراتً وبلاط مربع ومسطح للمشي على الأرض. من الصعب تبين غرض المتنزه لكن شخصًا ما يهتم به بانتظام؛ شُذِبت الشجر والشجيرات بأناقة، ولا أعشاب أو نفايات في الأرجاء. في الطريق لأعلى التل، مشيت بجوار المتنزه دون ملاحظته.
ذهبت للمتنزه لأجمع أفكاري وجلست على مقعد بجانب التعريشة. شعرت بوجوب الانتظار في المنطقة وقتًا أطول لأرى كيف ستتطور الأشياء (بالنسبة لكل ما أعرفه، قد يظهر الناس فجأةً)، وبمجرد أن جلست، أدركت كم كنتُ مُنهَكًا. كان نوعًا غريبًا من الإنهاك، كما لو كنت متعبًا منذ فترةً طويلة لكن لم ألحظ ذلك، والآن فقط ارتطم بي كل التعب. كان هناك منظر بانورامي للميناء من التعريشة. رسى على رصيف الميناء عددٌ من سفن الحاويات الكبيرة. من على قمة الجبل، لم تشبه الحاويات المعدنية الملأى أكثر من العُلب الصغيرة التي تحتفظ بها على مكتبك لحفظ النقود المعدنية أو قصاصات الورق.
بعد فترة، سمعت صوت رجل من بعيد. ليس صوتًا طبيعيًا بل صوت مُضخم بمكبرٍ صوت. لم أتمكن من التقاط ما يُقال، لكن كان هناك توقفٌ واضح بين كل جملة. تكلم الصوت بانضباط، دون أثرٍ لعاطفة، كما لو كان يُحاول أن يُوصل شيئًا بالغ الأهمية بموضوعية قدر المُستطاع. خطر في بالي أنه ربما كان ذلك رسالةً شخصية مُوجهةً إليَّ، لي وحدي. كأن شخصًا ما أخذ على عاتقه مهمة إخباري أين أخطأت، ما الذي غفلت عنه. ليس شيئًا كنتُ سأفكر فيه عادةً، لكن لسببٍ ما، داهمني الأمر بتلك الطريقة. استمعتُ بحرص. أصبح الصوت أعلى وأسهل للفهم بشكلٍ مطرد. حتمًا كان يأتي من مكبرٍ للصوت على سقف سيارة تمضي ببطء في طريقها لأعلى المنحدر، وعلى ما يبدو دون عجلةٍ مطلقًا. أخيرًا، أدركتُ ماهية الأمر: سيارة تُذيع رسالةً مسيحية.
«الجميع سيموت»، قال الصوت برتابةٍ هادئة. «كلُ شخصٍ سيلقى حتفه في النهاية. لا أحد يمكنه الفرار من الموت أو الحساب الذي يأتي فيما بعد. بعد الموت سيُحاسب كل امرءٍ بشدةٍ على خطاياه».
جلستُ على المقعد مُستمعًا إلى تلك الرسالة. وجدت الأمر غريبًا أن يقوم أي شخص بإرسالية تبشيرية وصولًا إلى هذه المنطقة السكنية المهجورة فوق قمة جبل. الناس الذين يعيشون هنا كلهم يمتلكون عدة سيارات ومترفو العيش. أشك في أنهم يسعون للخلاص من الخطيئة. أو ربما يسعون؟ قد لا يكون للدخل والمكانة علاقةٌ بالخطيئة والخلاص.
«لكن كل أولئك الذين يسعون للخلاص في المسيح ويتوبون عن خطاياهم، كل خطاياهم سيُكفرّ الرب عنها. سيفّرون من نيران الجحيم. آمنوا بالله، فقط أولئك الذين يؤمنون به سيَصِلون للخلاص بعد الموت وسيحظون بالحياة الأبدية».
كنت أنتظر ظهور سيارة التبشير المسيحي أمامي في الشارع لتقول المزيد عن الحساب بعد الموت. أعتقد بالتأكيد أنّي كنت آمل أن أسمع كلماتٍ تُقال بصوتٍ مطمئن وحازم، بغض النظر عن الكلام نفسه. لكن السيارة لم تظهر أبدًا. بل عند نقطةٍ معينة، بدأ الصوت يزداد هدوءًا ويقل تمييزًا، ولم يمض وقتٍ طويل حتى لم يعد بإمكاني سماع أي شيء مطلقًا. انعطفت السيارة في اتجاهٍ آخر بالتأكيد، بعيدًا عن مكاني. عندما اختفت السيارة، شعرتُ كما لو أني نُبِذتُ من العالم.
باغتتني فكرةٌ مفاجئة. ربما كان الأمر كله خدعةً اختلقتها الفتاة. هذه الفكرة -أو هذا الشعور إن صح القول- أتى من اللامكان. لسببٍ لم أستطع فهمه، أعطتني معلومةً خاطئة عمدًا وأتت بي على قمة جبل ناءٍ في مساء يوم أحد. ربما فعلتُ شيئًا تسبب في جعلها تحمل ضغينةً شخصية ضدي. أو ربما، بلا داعٍ، وجدتَني بغيضًا جدًا بطريقةٍ لم تستطع تحملها، فأرسلت لي دعوة لحفل غير موجود، وهي الآن تشمت -ضاحكةً بملء شدقيها- وتتصور (أو بالأحرى تتخيل) كيف خدعتني وكيف أبدو مثيرًا للشفقة والسخرية.
حسنٌ. لكن أيُمكن لشخصٍ أن يتكبد عناء اختلاق حبكةٍ معقدة كهذه من أجل مضايقة شخصٍ ما، بدافع الغضب فقط؟ حتى أن طباعة البطاقة البريدية تكلَّف بعض العناء بالتأكيد. هل يمكن لشخصٍ أن يكون منحطًا لهذه الدرجة؟ لم أستطع تذكر شيءٍ فعلتهُ ليجعلها تكرهني لهذا الحد. لكن أحيانًا، دون إدراك ذلك حتى، نسحق مشاعر الناس، نجرح كبرياءهم، نُشعرهم بالسوء. تأملت في احتمالية تلك الضغينة التي لا تُصدق، الالتباسات في الفهم التي ربما حدثت، لكن لم أجد شيئًا مُقنعًا، وبينما أنا أهيم عبثًا في متاهة العواطف تلك، شعرتُ أن عقلي يفقد سبيله. وكنت أواجه صعوبةً في التنفس قبل أن أدرك حتى ذلك.
كان هذا عاديًا أن يحدث لي مرةً أو مرتين في العام. أعتقد حتمًا أنه بسبب الإجهاد جراء سرعة التنفس. شيءٌ يربكني؛ ينسد حَلقي ولا أعود قادرًا على الحصول على هواءٍ كاف لرئتيَّ. هلعت، كما لو كنت أُسحق من قِبل تيارٍ مُندفع وعلى وشك الغرق، وجسمي سيتجمد. كل ما يمكنني فعله في تلك الأوقات هو أن أربض لأسفل وأغلق عينيَّ وأنتظر جسدي بصبرٍ ليعود لإيقاعه الطبيعي. عندما كبرت، توقفت عن المرور بتلك الأعراض (عند مرحلة معينة، توقفت عن الاحمرار خجلًا بسهولة أيضًا)، لكن في مراهقتي كنت مضطربًا بسبب تلك المشاكل.
على المقعد بجانب التعريشة، عصرت عينيَّ وأنا أغلقهما بإحكام، انحنيتُ للأمام، وانتظرت أن أتحرر من هذا الانسداد. ربما كانوا خمسة دقائق، ربما خمسة عشر. لا أعلم كم استغرق الأمر. طوال الفترة، رأيت أشكالًاغريبة تظهر وتتلاشى في الظلام، وأحصيتها ببطء، باذلًا كل جهدي كي أستعيد أنفاسي. خفق قلبي بإيقاعٍ غير منتظم في قفصي الصدري، كما لو كان فأرًا مذعورًا يعدو في الداخل.
كنت مُستغرقًا جدًا في العدّ لدرجة أنه مضى وقتٌ لأدرك حضور شخصٍ آخر. بدا الأمر كما لو أن شخصًا ما أمامي، يراقبني. بحذر، وببطءٍ أكثر، فتحتُ عيني ورفعت رأسي درجة. كان قلبي ما يزال يخفق بقوة.
دون أن أنتبه، جلس رجلٌ عجوزٌ على المقعد الموجود أمامي من الناحية الأخرى، وينظر مُباشرةً إليَّ. ليس سهلًا لشابٍ أن يحكم على عمر شخصٍ أكبر. بالنسبة لي، كلهم مُسنون. ستون، سبعون- ما الفرق؟ لم يعودوا شبابًا بعد الآن، هذا كل ما في الأمر. كان هذا الرجل يرتدي سترةً صوفية ذات لون رمادي مائل للزرقة وبنطال مخملي بني وحذاء رياضي كحلي. كأنه مر وقتٌ طويل منذ أن كانت أي من هذه الأشياء جديدة. لكنه لم يبد رثًّا أو أي شيء. شعره الرمادي كان كثيفًا وقاسيًا، ونبتت خصلات فوق أذنيه مثل أجنحة الطيور عندما تستحم ولم يرتد نظارات. لم أعلم كم من الوقت مضى وهو هناك، لكن خالجني شعورٌ أنه كان يراقبني منذ فترةٍ وجيزة.
كنت متأكدًا من أنه سيقول «هل أنت بخير؟» أو شيئًا كهذا، بما أني كنتُ أبدو وكأني متورط في مشكلة (وكنت بالفعل متورطًا). كان هذا أول شيءٍ خطر في ذهني عندما رأيت العجوز. لكنه لم ينبس ببنت شفة، لم يسأل عن أي شيء، فقط أحكم قبضته على شمسية سوداء مطوية بإحكام والتي كان يحملها كعكاز. كانت المظلة ذات مقبضٍ خشبي بلون العنبر وبدت متينة بما يكفي لتكون سلاحًا إذا لزم الأمر. افترضت أنه يعيش في الحي إذ لم يصطحب شيئًا معه .
جلستُ هناك مُحاولًا أن أهدئ تنفسي، والعجوز يُراقب في صمت. لم يجفل للحظةً واحدة. أشعرني هذا بعدم الارتياح -كما لو أني كنتُ أتجول في باحة شخصٍ دون إذن- وأردت أن أنهض من المقعد وأتوجه إلى محطة الأتوبيس بأسرع ما أستطيع. لكن، لسببٍ ما، لم أستطع الوقوف على قدمي. مر الوقت، ثم فجأةً نطق العجوز.
«دائرةٌ متعددة المراكز».
نظرت له، وتلاقت أعيُننا. كنت جبهته عريضةً جدًا، وأنفه مُدبب، حادٌ مثل منقار طائر. لم أقو على قول شيء، لذا كرر العجوز الكلمات: «دائرةٌ متعددة المراكز».
طبعًا لم تكن لدي أيةُ فكرة حول ما كان يُحاول قوله. خطرت لي فكرة؛ أن هذا هو الرجل الذي كان يقود سيارة مكبر الصوت المسيحي. ربما ركن السيارة على مقربةٍ من هنا ويأخذ استراحة؟ لا، هذا غير ممكن. صوته مختلفٌ عن الصوت الذي سمعته. صوت المُكبر كان صوت رجلٍ أكثر شبابًا. أو ربما قد كان ذلك تسجيلًا.
«دوائر، أقلت هذا؟» سألتُ على مضض. كان أكبر مني، واقتضى الأدب أن أجيب.
«يوجد دوائر عدة -لا، أحيانًا عددٌ لا نهائي- وهي دائرةٌ بلا مُحيط». عبس الرجل وهو يقول هذا، والتجاعيد على جبهته غدت أعمق. «هل تستطيع أن تتصوَّر هذا النوع من الدوائر في عقلك؟»
كان عقلي ما يزال غير جاهز، لكنّي فكرت في الأمر. دائرةٌ متعددة المراكز ودون محيط. لكن، بقدر ما فكرت، لم أستطع تخيلها.
قلت: «لم أفهمها».
حدق العجوز بصمتٍ فيَّ، وكأنه ينتظر إجابةً أفضل.
«لا أعتقد أنهم درَّسونا هذا النوع من الدوائر في فصل الرياضيات». أضفتُ بوهن.
هز العجوز رأسه ببطء، «بالطبع لا. هذا مُتوقع. لأنهم لا يدرّسونك هذا النوع من الأشياء في المدرسة. كما تعرف جيدًا».
كما أعرف جيدًا؟ لماذا يفترض العجوز هذا؟
«هل هذا النوع من الدوائر موجود فعلًا؟»
«بالتأكيد موجود»، قال الرجل العجوز ممايلًا رأسه عدة مرات. «هذه الدائرة موجودة بالفعل، لكن لا يستطيع الجميع رؤيتها».
«أبإمكانك رؤيتها؟»
لم يرد العجوز. تعلق سؤالي في الهواء على نحوٍ مربك للحظة، ثم غدا ضبابيًا واختفى.
تكلم الرجل العجوز مجددًا: «استمع، يجب عليك أن تتخيلها بقوتك العقلية الخاصة. استخدم كل الحكمة التي لديك وتصوّرها. دائرةٌ متعددة المراكز لكن بلا محيط. لو بذلت جهدًا جبارًا كأنك تتعرق دمًا، هذا عندما -بالتدريج- تتضح ماهية الدائرة».
قلتُ: «يبدو صعبًا».
«بالتأكيد صعب». قال العجوز وبدا كما لو كان يلفظُ شيئًا قاسيًا. «لا شيء يستحق الفهم في هذا العالم ويمكنك فهمه بسهولة»، وكما لو أنه يبدأ فقرة جديدة، نظَّف حَلقه لبرهة، «لكن عندما تكرس وقتًا ومجهودًا كثيرًا، إن حققت ذلك الشيء الصعب، سيغدو كِريمة حياتك».
«كريمة؟»
«في الفرنسية، لديهم تعبير يقول crème de la crème، هل تعرفه؟»
«لا أعرفه»، قلت. لا أتكلم الفرنسية.
«كريمة الكريمة. هذا يعني أفضل الأفضل. بيت القصيد الأكثر أهميةً في الحياة. هذه هي crème de la crème. فهمت؟ المتبقي ممل وعديم القيمة».
لم أفهم فعلًا ما كان يُشير له العجوز. Crème de la crème؟
قال العجوز: «فكر فيها. أغلق عينيك مجددًا وفكر جيدًا في الأمر. دائرةٌ متعددة المراكز لكن بلا مُحيط. عقلك مصنوعٌ لتفكر في أشياء صعبة. ليساعدك في الوصول إلى نقطةٍ حيث تفهم شيئًا ما لم تفهمه في البداية. لا يُمكنك أن تكون كسولًا أو مُقصرًا. الآن هو وقتٌ حاسم. لأنه هذه هي الفترة التي يتشكَّل فيها عقلك وقلبك».
أغمضتُ عيني مجددًا وحاولت تخيّل تلك الدائرة. لم أرغب أن أكون كسولًا أو مُقصرًا. لكن -بغض النظر عن مدى جدية تفكيري فيما قاله العجوز- كان مستحيلًا عليَّ في ذلك الوقت أن أفهم معناها. الدوائر التي عرفتها لديها مركزٌ واحد، ومحيط مُتقوس يوصل بين نقاط متساوية في البعد عنه. ذلك الشكل البسيط الذي يمكنك رسمه بفرجار. ألم يكن نوع الدوائر الذي يتحدث العجوز عنه هو النقيض للدائرة؟
لم يخطر ببالي أن العجوز كان مختلًا عقليًا، ولم أفكر في أنه كان يُضايقني. أراد أن يُبلغ عن شيء مهم. لذا حاولت مجددًا أن أفهم لكن دار عقلي ودار، لكن بلا جدوى. كيف يُمكن لدائرة ذات عدة مراكز (أو ربما عدد لا نهائي) أن تتواجد كدائرة؟ أكان هذا مجازًا فلسفيًا متقدمًا؟ استسلمت وفتحت عيني، احتجت إشاراتٍ أكثر.
لكن العجوز لم يعد هناك. نظرت في الأرجاء لكن لم توجد إشارة لأي أحدٍ في الحديقة. كان كما لو أنه لم يوجد أبدًا. هل أتخيل أشياء؟ لا، قطعًا هذا لم يكن خيالًا. لقد كان هناك أمامي بالضبط، قابضًا على شمسيته بشدة، ويتحدث بهدوء، طارحًا سؤالًا غريبًا، وفجأةً غادر.
أدركت أن تنفسي عاد طبيعيًا، هادئًا ومستقر. اختفى التيار المندفع. بدأت تظهر فجواتٌ في الطبقة الكثيفة من السُحب فوق الميناء هنا وهناك. شعاعٌ من الضوء مر عبرها، مُنيرًا غطاء الألومِنيوم على سقف وِنش، كما لو قد كان قاصدًا بدقة تلك البقعة بالتحديد. حدقتُ لوقتٍ طويل، متحجرًا بتأثر هذا المشهد شِبه الأسطوري.
كانت بجانبي رائحة باقة الورد الأحمر ملفوفًا في السيلوفان، كنوع من الإثبات لكل الأشياء الغريبة التي حدثت لي. فكرتُ ماذا أفعل به، وانتهى المطاف بتركها على المقعد بجانب التعريشة. بالنسبة إليَّ، كان هذا الاختيار الأفضل. وقفتُ وتوجهت نحو محطة الأوتوبيس حيثما نزلت في البداية. بدأت الرياح تَهب، مُبعثرةً السحب الراكدة في الأعلى.
بعد أن انتهيت من حكي هذه القصة، حل الصمت، ثم قال صديقي الشاب: «صدقًا لم أفهمها، ماذا حدث فعليًا آنذاك؟ أكانت هناك نيةٌ أو جوهرٌ للعمل؟»
تلك الظروف العجيبة التي مررت بها على قمة ذاك الجبل في «كوبه» مساء يوم أحد في أواخر الخريف، تابعًا للاتجاهات المكتوبة في الدعوة إلى حيثما كان من المفترض أن يقام الحفل، فقط لأكتشف أن المبنى مهجور. ما معنى هذا؟ ولماذا حدث؟ كان هذا ما يسأل عنه صديقي. أسئلةٌ منطقيةً بامتياز، خصوصًا أن القصة التي كنت أقصها عليه لم تصل إلى خاتمة.
اعترفت قائلًا: «أنا نفسي لا أفهمها حتى الآن».
ظلت دون حلٍ للأبد، مثل أحجيةٍ قديمة. ما حدث ذلك اليوم كان غامضًا ويتعذر تفسيره، وتركني الأمر في الثامنة عشر مُتحيرًا ومرتبكًا. لدرجة أنّي -للحظات- فقدت سبيلي تقريبًا.
قلت: «لكني فهمت الشعور. تلك النية أو ذلك الجوهر لم يكن في الواقع هو القضية».
بدا صديقي مشوشًا: «هل تقول إنه لا حاجة لأعرف عما كان كل هذا؟»
أومأت.
قال: «لكن لو كنتُ مكانك، كنت سأنزعج من اللانهاية. كنت سأوّد أن أعرف الحقيقة، لماذا حدث شيءٌ مثل هذا. إن كنت مكانك، هذا فقط».
«نعم بالتأكيد. أزعجني الأمر وقتها أيضًا. أزعجني بشدة. جرحني أيضًا. لكن التفكير في الأمر لاحقًا، من على بُعد، بعدما مر الوقت، انتهى الأمر بالشعور بأنه عديم الأهمية، لا يستحق الانزعاج بخصوصه. شعرتُ كما لو أن الأمر لم يكن له أيّة علاقةٍ بكِريمة الحياة».
كرر: «كِريمة الحياة».
أخبرته: "تحدثُ أشياءٌ مثل هذه أحيانًا. أحداثٌ غير منطقية ومُبهمة ومع ذلك فهي مُربكة للغاية. أظن أننا نحتاج ألا نُفكر فيها، فقط نُغمض أعيننا ونتجاوزها. كما لو أننا نُمر تحت موجةٍ هائلة».
كان صديقي هادئًا لبعض الوقت، يفكر في الموجة الهائلة. فهو راكب أمواجٍ مُتمرس وهناك أشياء كثيرة، أشياء جدية، اضطر ليُفكر بها عندما أتى الأمر إلى الأمواج. وتحدث أخيرًا، «لكن أن تفكر في لا شيء ربما يكون صعبًا للغايةً أيضًا».
«أنت مُحق. ربما يكون صعبًا فعلًا».
لا شيء يستحق الفهم في هذا العالم ويمكنك فهمه بسهولة، قال العجوز هذا، باقتناعٍ راسخ، مثل فيثاغورس وهو يشرح نظريته.
سأل صديقي: «بخصوص الدائرة متعددة المراكز لكن بلا مُحيط، أوجدت إجابة؟»
قلت: «سؤالٌ جيد». وببطء هززت رأسي. أوجدتها؟
عندما يحدث أي شيء غير منطقي ومبهم ومُربك في حياتي (لا أقول إنه يحدث عادةً، لكن يحدث مراتٍ قليلة)، أعود دائمًا إلى تلك الدائرة، الدائرة مُتعددة المراكز لكن بلا مُحيط. ثم، كما فعلت عندما كنت في الثامنة عشر، على مقعد التعريشة، أغمض عيني وأنصت لنبض قلبي.
أشعر أحيانًا أنه بإمكاني القبض على ماهية تلك الدائرة، لكن فهمًا أعمق يتملصُ مني. تلك الدائرة، على الأغلب، ليست دائرة ذات شكلٍ محدد وحقيقي، لكنها، نوعًا ما، تلك الدائرةٌ التي تتواجد فقط داخل عقولنا. عندما نُحب أحدًا بشدة، أو نشعر بعاطفةٍ عميقة، أو نحظى بحسٍ مثالي عما يجب أن يكون عليه العالم، أو عندما نعثر على الإيمان (أو شيء قريبٌ من الإيمان)، هذا عندما نفهم الدائرة كما هي ونستسيغها بقلوبنا. رغم ذلك -في الحقيقة- هذا ليس أكثر من محاولتي الغامضة لتسويغها.
عقلكُ مصنوعٌ ليُفكر في أشياء صعبة. ليساعدك إلى الوصول إلى نقطةٍ حيث تفهم شيئًا لم تفهمه في البداية. ويصبح هذا كِريمة حياتك. المتبقي ممل وعديم القيمة. هذا ما أخبرني به العجوز ذو الشعر الرمادي. في مساء يوم أحدٍ غائم آواخر الخريف، على قمة جبلٍ في كوبه، بينما أنا أمسك باقة من الورد الأحمر بإحكام. وحتى الآن، متى ما حدث شيءٍ مزعجٌ لي، أفكر مليًّا في تلك الدائرة الاستثنائية، وفي الممل وعديم القيمة. والكِريمة الفريدة التي هي حتمًا هنا، في أعماقي.

أزعجني في البداية كمية اللامنطقية في الأحداث، و ما أزعجني أكثر أنه ما من خاتمة. لكنها رغم ذلك قصة جميلة و أعجبتني، و أعجبتني أكثر عندما فهمت أن ما حدث للبطل و هو في الثامنة عشر ليس القصة الأهم، و تبين لي أن الخاتمة ليست حقا مهمة هنا، هكذا.

ما فهمته، أنّ الأحداث التافهة و اللامنطقية التي نمر بها أحيانا لا تستحق منا فعليا كل ذاك التفكير و محاولة التحليل، هناك شيء مركزي، قيمة عظمى عندما نصل لها، تصبح باقي الأحداث بلا قيمة. برأيي، دائما يجب أن ننظر للصورة الأكبر لحياتنا، أن نراها من بعيد، و وقتها التفاصيل الصغيرة التي تؤثر، سيتبين حقا أنّه لا يجب أن نوليها أكبر من حجمها.

ماذا عنك؟ ما رأيك بالقصة و ماذا فهمت منها؟ ما هي برأيك تلك الدائرة متعددة المراكز (أزعجني السؤال بالشدة، وجدته يضربني في عمق المنطق و كل ما درسته في الرياضيات، لكنني فكرت فيه جديا دون حل)؟ هل تملك أمثلة من حياتك أو حياة شخصية في رواية قرأتها مرة؟