بالتأكيد قرأنا كتاب معين في فترة من حياتنا، وانتابنا الندم على قراءتنا له واضاعة وقتنا عليه. الكتاب أو الرواية التي قمنا باختيارها ربما كانت بناءً على توصية من صديق ما أو موقع GoodReads وغيره.
فضلًا هل لك أن تُشاركنا بهذا الكتاب أو هذه الرواية؟
ما زلتُ مصرًّا على رأيي كلما سألني أحد عن أسوأ كتابٍ قرأته، حيث أنني لا أرى أي وازع يدفعني إلى التعبير عن مدى سوء كتاب مهما كان قليل الجودة، وسوف أذكر ما أذكره في كل مرة حول فكرة الكاتب الراحل عباس محمود العقاد، حيث يتبنى الكاتب رأيًا خاصًا بأن القراءة دائمًا تفين، حتى وإن كان المحتوى تافهًا فهي في هذه الحالة تعلمنا كيف يكون المحتوى تافهًا وكيف يفكر أصحابه. لا يوجد كتاب سيء، حيث أن الكتاب هو مرآة للأشخاص ولرؤيتهم للعالم، ورؤية الأشخاص للحياة من حولهم لا يمكن اعتبارها سيئة، يمكن فقط اعتبارها غير محببة لنا.
تماما كما أرى الموضوع من وجهة نظري يا علي، يحدث معي أحيانا أنّ المحتوى لا يضيف لي شيء ربما لأنني أكثر اطلاعا على الموضوع من الكاتب، لكنني قد أحب لغته وأسلوبه، وأحترم شجاعته لأنه تجرّأ وكتب وبالتأكيد سيصل إلى المستوى المطلوب يوما ما.
أتذكّر في عام 2017 قرأت رواية كن خائنًا تكن أجمل، وقتها كان أول كتاب أقرأه مع صديقة لي بهدف تشجيعها على القراءة، وأعود إلى القراءة خارج تخصصي الجامعي وأسترجع شغفي بالقراءة، وبعد فترة بدأت تظهر لي منشورات أن الرواية سيئة ولا تستحق كل تلك الضجة، وحتى صديقاتي الاخريات سألوني كيف تحملتي انهاءها، لكن أنا لم أرها سيئة أبدا ولا من أي زاوية على العكس تماما، كنا نقرأ بالدور وبصوت مرتفع وكانت تجربة ممتعة جدا خضناها مع شخوص الرواية.
لذلك لا أرى أن لأحد الحق في تصنيف الكتب إلى جيد ورديء، لأن القارئ ستكون له تجربة مختلفة مع كل كتاب، ما يعني أن جمال الكتب أمر نسبي، ما قد يسكنني أنا بحروفه وكلماته، قد تهرب أنت منه من الصفحة الأولى.
وأشجع كل شخص أن يكتب، يكفيك يا صديقي أنك التزمت وانهيت صفحات الكتاب وهذا وحده انجاز يستحق الاحتفال.
لا أعتقد أنني قرأت كتاباً سيئاً من قبل -عدا كتب الرياضيات- ، فأنا لست ممن يقتنون كتاباً لمجرد أن العنوان جاذب ، بل أقوم بتفحصه ، قراءة الفهرس ، المقدمة ، وصف الكتاب و مراجعاته ، كما أنني أفتح صفحة عشوائية به حتى أرى الأسلوب ، و لذلك لا أقرأ كتاباً إلا عندما أتأكد أنه سيضيف إلي فائدة ، و بشكل عام .. الكتب لا بد أن تضيف لك شيئاً بعيداً عن مدى سوء الكتاب ، و لكن لا بد أنه قد خرجت بفائدة إن لم تكن معلومة جديدة ، ربما سيضيف لك الكتاب فائدة لغوية ، فتتعلم مصطلحات جديدة ، و يتحسن أسلوب كتابتك كون أن أغلب الكتب تمر بمرحلة التدقيق اللغوي قبل نشرها .
و لكن أستطيع القول أن هناك بعض الأمور المستحدثة في الروايات الآن و التي أتضايق منها بشدة و أجدها تقلل من قيمة الكتاب ، مثل إضافة بعض الكلمات و الجمل باللغة الإنجليزية إلى الحوارات عندما تكون الشخصيات المتحدثة عربية و لغة الكتاب أيضاً ، و حيث أنني أعارض و بشدة خلط العربية بالإنجليزية أثناء الكلام كدلالة على العصرية ، يضايقني بشدة تواجدها في الكتب التي ينبغي لها أن تمثل ثقافتنا الخاصة بالإضافة طبعاً إلى تكرار اللهجة العامية للكاتب بشكل كبير و مزعج للقارئ الذي ربما لا يتقن لهجة الكاتب ، فالقليل منها يفي بالغرض .
لا أعتقد أنّ هناك كتبا تضيع وقت قارئها، لأنه سيستفيد في كل الأحوال فالكتاب الجيد يثري عقله ولغته، والكتاب الرديء يعلمه إن كان كاتبًا كيف تكون الكتب الرديئة، وإن كان قارئا سيعلمه كيف يميز ويختار الكتب التي تنفعه وتكون له إضافة جميلة في محصّلته المعرفية.
أنا شخصيًا حتى وإن قرأت كتابا وشعرت أنه غير مناسب أشكر نفسي على قراءته، وأرى أن التزامي بالقراءة وحده اضافة لي، ولا أذكر يومًا أنني ندمت لأنني أترك الكتاب إن لم أجد راحتي بين حروفه، ولست ممن يشجعون على إنهاء الكتب حتى جلدتها، أنا أرى أننا أحيانا قد ننتفع من مقدمة الكتاب وأحيانا من أحد فصوله، في تلك المرحلة وأحيانا حتى العنوان قد يكون ملهما ويفتّح مداركنا على أمور أخرى، وفي النهاية الكتب وجدت لتكون لنا خير جليس والجليس الطيب لا يلزم جليسه بالمكوث إن لم يكن مرتاحًا.
التعليقات