مرحبًا, يُنسب للأديب المصري عبّاس محمود العقاد أنه قال " يقولون لك إقرأ ما ينفعك، ولكنّي أقول... بل انتفع بما تقرأ" وهذا،برأيي، صحيح الى حدٍّ بعيـد، إذ يمكن أن نستـشفّ ما يُفيدنا مما قرأنا، سمعنا ورأينا، وأكيد لا تخلُ الروايات من منافع، فأدنى ما يمكن أن نستفيد منها هو الرصيد اللغوي الذي فيها، إلى جانب كونها سبيلاً للترفيه ومبداعبة الخيال، لكن الإشكال، هو أن يصبح كل ما نقرأه مقتصرًا على الروايات، فهي في النهاية لن ترويَ ظمأنا في المعرفة، وإنما
1
كل تلك التساؤلات توضح أن الموت وما بعده حقيقة مطلقة ولكنها ترتبط بثقافة الشخص وتفكيره، وأن الحقيقة المطلقة الفعلية ستكون بناء على التجربة الشخصية للأمر. صحيح، فنظرة كل من المتدين واللاديني والملحد للموت وما بعده تختلف، وعليه يختلف بالضرورة المشاعر تُجاه الموت. كانت هذه بداية وسوسة الشيطان للإنسان ولم يكن حلم الخلود متأصل لدى سيدنا آدم عليه السلام، وإنما أغواه إبليس بكذبه، ولعلها أهم بداية لنعرف أننا إن عصينا الله يمكننا التوبة عامل فعلنا والعودة إليه في كل الأوقات. هنا
صدقتِ، الموت هي الحقيقة المطلقة التي يجمع عليها البشر باختلاف خلفياتهم ومشاربهم، هي فناء الوعي قبل الجسد والمحطة التي لا رجعة منها، بيْد أني اختلف معك في قولك أن التصالح مع الموت هي المبلغ الذي سنصل إليه جميعًا، فظاهرة إنكار الموت تبدو لنا جليًّا ـ باختلاف تجليات هذا الإنكار ـ لو احطنا بتاريخ التناطح بين الوجود الانساني والموت،إذ إن الانسان منذ الأزل سعى إلى إيجاد "إكسير الحياة" الذي يهب الخلود الأبدي للبشر، وحتى في النصوص الدينية نجد ذلك، مثلاً ،
في اعتقادي لا يوجد وقت مستقطع أو بدل ضائع أو اي شيء على هذا النحو. بل يجب أن ينظر إلى ما داخل تلك القطعة الزمنية المعينة من نشاط أو اعمال، بالتأسيس على مبدأ أن ماهية الإنسان تقتضي له أن يخلق مشروع حياته يلازمها و تلازمه، و تكن مسعاه و غايته - ليس من الوجود بل غايته من الحياة على الأقل-. و لو أسسنا نظرتنا على هذه الشاكلة، ستتغير النظرة جذريا إلى الوقت و ما يحمله من ظروف أو مشاكل -