هذا الطفل هو أنا،وحيداً في الغرفة،مستلقياً على بطني أمام كراس الرسم، تلتمع أعيني ببياض الصفحة التي أعزم أن أرسم عليها، أرسم مجدداً اللوحة التجريدية ذاتها، جبالاً كحروف M متلاحمة طيوراً على شكل رقم ٤، و شمساً ذات أشواك، شجرةً لها جذع مستطيل يعلوه مثلث، ثم نهراً يتعرج، بعد أن أنتهي من أشكالي الهندسية تأتي المرحلة المفضلة لدي و هي تلوينها بالألوان الشمعية المتناثرة بفوضوية أمامي، كمثل العديد من أبناء المدن لم أحظَ بزيارة لأي جبل أو نهر، بل حسبي من
قوة الإلحاح
أمام الواجهة الزجاجية يتوقف طفلك و يطلب منك أن تشتري له هذه الدراجة الهوائية، ترفض بدورك هذا الطلب و تشد يده لمواصلة السير، إلا أنه يعود ليطلب منك للمرة الثانية، و ترفض من جديد، بعد قطع مسافة بعيدة عن دكان الألعاب ذاك ترجو أن ينسى طفلك سؤاله و يتشتت بما يراه من بهرجة و زخرف الأسواق، إلا أنه يعود و يطلب منك للمرة الثالثة و الرابعة و الخامسة، و تواصل أنت رفضك اللطيف تارة و الحازم تارة أخرى، إنك متعب
ما هو عُذرك المفضّل لتأخرك عن الرد؟
_ لا تؤاخذني كنت مشغولاً _ لا تؤاخذني نسيت الرد، فرغ جوالي من الشحن، لا تصلني الإشعارات اللعينة، زوجة خالي مريضة، وقعت في بالوعة زمكانية،... إلخ. و في أغلب الأحيان لن يعذب مخيلته في ابتكار أي عذر،سوف يكمل معك المحادثة بكل أريحية ضمير، " تمام تمام و الحمدالله كيف حالك أنت"، تهم بالرد و أنت تنظر إلى السطر السابق، سؤالك المخمر منذ أسبوع أو أكثر، حتى أنه لكأن إشارة الصحين المزدوجين قد استحال لونها الأزرق إلى الأخضر من هذه الهوة
لن تكون المرأة صديقة للرجل
حسناً رغم أنني أكتب الٱن مختلجاً بأوتار درامية عاطفية إلا أن ذلك لا يستلزم أن يخرج كلامي بالمطلق عن دائرة الحكمة و العقل، نعم قد أكون مندفعاً في حكمي هذا من أثر تجربة شخصية محدودة لا تخولني لأطلق حكماً عاماً كهذا، و قد كان من الممكن على الأقل أن أضع مقولتي هذه في قالبٍ عقلي رصين ليستغيثه أهل القياس و المنطق، أو ربما ابتدأت ببعض الفزلكات الفلسفية أو الاقتباسات المشهورة مما يضفي بعضاً من المهابة الثقافي على وجه هذا البوح
ذلك الحزن البهيم
"اركض، اركض و إياك التوقف!" يأمرني الصوت اللاهث في رأسي، لا أدري كم مضي من الوقت و أنا أركض في هذا الوادي، التفت خلفي فلا أجد من الرفاق أحد، استمر بالركض وحيداً تحت شمس القيظ في هذه البقعة النائية، أوتار ساقي الملتهبة و براعم صدري اليابس تناقش مع إرادتي الواهنة فكرة التوقف و الاستسلام، ثم تأتي رصاصة نارية من فوق رأسي لتعزز الفكرة، "قف عندك!!" أقف، أرفع يدي عالياً، أخضع للصوت القادم من الأعلى، يستكين قلبي لطعم النهاية، أخيراً انتهت