وإنّا والله تعبنا من كثرة الوقوف،ألم يأتِ وقت الراحة؟! تعبنا من الحرب،فمتى ستأتي الهدنة؟ لحظة..نحن في حروبٍ عظيمةٍ منذ فجر التاريخ ،فكيف لحربٍ صغيرةٍ أن تضعفنا؟! قاومنا كثيراً،لساعاتٍ لأيامٍ لشهورٍ،صامدين بقينا،فمن وقف سنةً كاملة لن تتعب قدمه من شهرٍ واحد،ومن قاوم لشهورٍ لن تنفد ذخيرته عند الرمق الأخير. ولا يكلّف الله نفساً إلّا وسعها،فاللله -تعالى- خلقنا مسخّرين في الأرض لكلٍّ منّا طاقته وقدرته،وسبحانه على علمٍ بقوانا،فوالله ما خلق لنا طريقاً إلا وسخّر لنا السبل لقطعه،وما خلق حرباً،إلّا وهيّأ الذخائر لخوضها.
هي المعركة،وأنت قائدها..
لكلٍّ منّا حلم،ولكلٍّ منّا سبيل ،لكلٍّ منّا طريق يسير به وحده دون رفيق،مهما تشابهت الأحلام،إلا أنّ الطرق تتعدّد وتختلف. تسير في بداية طريقك باسماً،تمشي وتمشي وتمشي...إلأى أن تواجهك العقبة الأولى ،تتخطّاها بكامل قوّتك،تتابع مسيرك وتزداد الطريق وعورةً،ويثقلك الطريق بصعوبته..العقبة الثانية ؟ تتجاوزها بما بقي من فتات روحك من قوة،حتى لو اعترضتك العقبة الثالثة والرابعة وحتى العاشرة،ستبقَ قويّاً لأنّ هدفك يشعّ بريقاً ،يناديك فتسمع صوته؛لتلبّي النداء. ثمة شيء يدفعك للنهوض بعد كل سقوط،الجبروت بعد كل ضعف. يشعل الشغف بداخلك بعد محاولات
ما بين قيدٍ ونفق...
ليلة سوداويّة ،مأساوية مع رتبة شرف... تخيّل أن تُسلب حرّيتك لمجرّد أنك لرافض للذل والخنوع،أنك تقف ضد البيع والمساومة،أنك تدافع عن حقك،عن شرفك،عن كلّ أملاكك! أن تُلقى يإهمالٍ في حجرةٍ حالكة السواد دون أنيسٍ أو خليلٍ سوى عدد وفيرٍ من الحشرات ترافقك المكان، أن تُحرم حتى من ضوء الشمس الذي لا يُقيَّد،إلا عند أبناء شعبنا،وما الجريمة؟ حب الوطن. كنت أحلم بوطنٍ ،بشوارع بلا حواجز،بلا نقاط تفتيش،بأرض زيتونٍ عذراء،حلمت بقدسٍ تطيب لنا زيارتها متى أردنا،فبأي حقًّ تُسلب أمٌّ من أطفالها ؟!
أيّها العالم..وطني يأنّ!
حبيبتي فلسطين... دموعكِ ملحٌ في جروحي الملتهبة،صراخكِ مزّق شراييني وأربك نبض قلبي،عيناكِ الذابلتانِ سلبتا النوم من عيوني،من أين تستحملين الضرب؟من الاحتلال أم الخونة أم العرب المتصهينين؟! مات صلاح يا قدسي،فمن أين لنا بصلاحٍ آخر؟! أحاول النوم فأسمع أنّاتها ،هي لا تدري أتبكي القدس أم غزّة! كيف لأرضها الطّاهرة أن تُدنّس بأرذل وأنجس وأجبن خلق الله؟! هي أرض الطهارة للطاهرين،أرض العزّة لا تحتضن الأذلّاء،أرض السلام التي لم ترى يوماً سلاماً -كما قال درويش-. اتّكأت عليها بكامل ضعفي،كانت قويّة رغم هزلها، عنيدة
لا شيء سوى (غزّة).
لأول مرة منذ أن شرعت بالكتابة أشعر بعجز مرير عن التعبير عن كلما أشعر به,وجل ما اكتشفته –ربما متأخرة-,أن ثمة أشياء لا يمكن للمرء أن يصفها كما هي,وهذه هي المرة الأولى التي أشعر بها أن كل ما قد أكتبه قد يكون تقليلًا من حجم الألم والمأساة. أحدّق بالورقة وأتساءل:عمّ أكتب؟وكيف أبدأ أصلا في سرد معاناة أجيال عاصرت وتعاصر مغتصب وحشيّ همجيّ,والأهم,لمن أوجّه خطابي هذا؟للفلسطينيّ المكلوم مثلي؟أم للعربي المسكين الذي لم يقدر على تحريك ضمير حكومته من خلال مسيراته السلميّة التي