لأول مرة منذ أن شرعت بالكتابة أشعر بعجز مرير عن التعبير عن كلما أشعر به,وجل ما اكتشفته –ربما متأخرة-,أن ثمة أشياء لا يمكن للمرء أن يصفها كما هي,وهذه هي المرة الأولى التي أشعر بها أن كل ما قد أكتبه قد يكون تقليلًا من حجم الألم والمأساة.

أحدّق بالورقة وأتساءل:عمّ أكتب؟وكيف أبدأ أصلا في سرد معاناة أجيال عاصرت وتعاصر مغتصب وحشيّ همجيّ,والأهم,لمن أوجّه خطابي هذا؟للفلسطينيّ المكلوم مثلي؟أم للعربي المسكين الذي لم يقدر على تحريك ضمير حكومته من خلال مسيراته السلميّة التي لم تؤذ أحداً وقوبلت بالقمع؟أأوجّهه لحضرات الحكّام العرب الذين تحركهم أمريكا كقطع الشطرنج؟وكيف ألومكم أساساً وأنتم أعظم إنجاز قذر قد حققتموه هو قتل شعوبكم البريئة وسفك دمائها ونهب خيراتها واغتصاب نسائها وسجن رجالها الذين كشفوا حقيقتكم النتنة وأقنعتكم المزيّفة وضمائركم الميتة ؟! العتاب يا سادة لم يعد يجدي نفعاً,مئة يوماً –عدا عن العقود الماضية من المجازر- لم تؤثر بكم,فهل تؤثر بكم كلمات مواطنة في مقتبل العشرينات من عمرها "لا سمح الله"؟!

بالمناسبة:من لم تحرّكه "لا سمح الله",لن تؤثر به كلّ نداءات العالم,لأنه تجرّع الذّل من أعداء الإسلام مسبقاً.

لن أتحدث عن أعداد الشهداء ولا المصابين,ولا عن دموع الأمهات وصرخات الاباء التي لم تحرّك مسلماً واحداً حرّ,لن أذكر عدد المجازر –التي اعتادها المعظم طبعاً- لأنه سيكون من السخافة أن تخاطب شخصاً أصمّ,لن أتطرّق إلى الأطفال المخطوفين الذين لا تُعرف مصائرهم ولا إلى البيوت التي هُدمت مع ذكرياتها فوق رؤوس أهلها,وطبعاً من السذاجة أن أتكلم عن المستشفيات والعيادات الصحية –المحمية بموجب القانون الدولي الأبله- الخارجة عن الخدمة منذ بداية الحرب,أو سيارات الإسعاف التي قصفت بمن فيها من مصابين وجرحى.

أكثر من ثلاثة شهور يوماً,وكلَ شخص في هذا العالم الرديء يعرف حق المعرفة ما حلّ بغزة الحبيبة وشعبها العظيم ولم يحرّك ساكناً,وعند الله تجتمع الخصوم.

مقاومتنا الباسلة,يا من أعدتِ للأمة هيبتها وكرامتها,يا من رفعتِ راية الإسلام ودافعتِ عن مسرى الرسول الحبيب-صلّى الله عليه وسلّم-,لا نقبل بغيركِ ممثلاً لنا ولا نرضى إلّا بكِ مدافعةً عن شعبنا بكلّ ما أوتيتِ من إيمانٍ وشجاعة.

مجاهدونا,جند الله وأهل الجنّة –بإذن الله-,أخرستم العالم بقوّتكم,وحققتم الإنجازات بإيمانكم ويقينكم,وبذلتم الدماء والأموال والبيوت والبنين في سبيل إعلاء كلمة الحقّ ورفع الظلم عن شعبنا المقهور,حاربتم بأبسط الأسلحة أسلحتهم الثقيلة النازيّة المدعومة,وجاهدتم بأعدادكم البسيطة جيوشهم التي ترتعد رعباً من تغريدات رصاصكم,محقّقين قوله تعالى"كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله".

يا فخر أمتنا وتاج رؤوسنا,تؤثرون المقاومة على المساومة,تعلّموننا العودة الى ديننا الحنيف بعقيدتكم السّليمة,تلقّنوننا دروساً تعجز أي مدرسةٍ عن تعليمها,تحملون أرواحكم على أكفّكم الطاهرة هاتفين "حيّ على الجهاد",ترمونهم صادحين مهلّلين مؤكّدين نصر الله لكم "ما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى".

أنتم بوصلتنا الوحيدة,الملجأ والحضن الذي يحتضن شعباً بجراحه وأوجاعه وصرخاته,الكتف الذي يحمل همّ كلّ فلسطينيٍّ مضطهد.

يا أبناء القسّام,طبتم أحياء وشهداء,من عاش منكم عاش عظيماً ومن مات منكم نال مسك الختام,لن نوفيكم حقّكم لو خاطبناكم قرون مديدة,فأنتم الجمرة المشتعلة في قلب الشعب الفلسطيني والعالم الإسلاميّ والتي لن تنطفئ بإذن الله .

اقترب النصر ان شاءالله,وسيكون التحرير على أيديكم فاتحين القدس مكبّرين في ساحات الأقصى,تزفّون شهداءنا وتكرّمون قادتنا وجنودنا الأشاوس بإذن الله.

اضربوا بيدٍ من حديد يا رجال الأمة,فأنتم منا ونحن منكم,وإنها لدنيا فانية والمستقرّ بجوار ربّ العالمين.

سيذكركم التاريخ يا أبناء شعبنا,يا أحفاد الياسين والعيّاش والرنتيسي وكلّ مقاوم حر أبى أن يحيد عن الطريق وسلّم الراية لشجعان مثلكم,كما سيلعن التاريخ أعداءكم,أعداء الله والإسلام الذين لم يتزحزحوا لنصرة دين الله,قال تعالى"وفضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً".

حماكم الله وثبّت أقدامكم وأيّدكم ونصركم وأدامكم شوكةً في حلوقهم وجعلكم قلب الأمة الحيّ النابض وسدّد رميكم وربط على قلوبكم.

بتول نزّال .

11يناير 2024.