في لحظةٍ تأمليةٍ أنظرُ إلى شريط العمر وهو يمرّ، أرى كيف أن عشر سنوات من عمري مضت وعيني لم تفارق الكتب وجهاز الكمبيوتر الخاص بي ، والأبحاث والتقارير والسهر والتلخيصات والمراجعة والتدقيق والبحث والاستقصاء، عشر سنوات متواصلة لم أحصل بها على فرصة استرخاء طويلة من كل تلك الدوامة، منهيةً البكالوريوس ثم الماجستير في اللغة العربية وآدابها ثم أقف الآن على باب مناقشة رسالتي في الدكتوراه وأتساءل ، هل ما فعلته كان جيداً ؟ أم أنني استنزفتُ طاقتي وخسرتُ ربما شيئاً
هل امتلكتَ مكتبةً خاصّةً في صغرك؟
للمكتبة عطرٌ فريدٌ في حياتي، أتذكرُ أنّه كان في بيتنا مكتبةٌ لكتب الهندسة والفيزياء وهو مجال دراسة والدي، كانت مكتبةً وحيدة، وكنتُ أحبّ الشعر والأدب، فما فتئتُ أزاحم مكتبته بكتبي الخاصّة، حتى نظر لي يوماً وقال لي:آلاء : أفرغي المكتبة من كتب الهندسة وضعي كتب الأدب بدلاً عنها تلك اللحظة كانت فارقاً كبيراً في حياتي، علمتُ كيف يغدو الأب هبة الله عز وجل لنا وهو يحقق أحلامنا حين يشدّ على يد ابنته لتمضي قدماً . ذلك الأمر جعل للكتب في
الطالب الموهوب ، هل يحتاجُ معلّماً ؟
يبدو السؤالُ غريباً للوهلة الأولى، لكن هنالك من ينظرون إلى الطالب العبقريّ، بأنّ عبقريته ذاتية وبالتالي فإنّه لا يحتاجُ معلماً بدايةً إنّ تعريف المعلم هو تعريف قاصر، فالمعلم المتخصص ليس موجوداً في المدرسة من أجل تعليم مادته الدراسية فحسب، إنّه في المدرسة من أجل رفع مستوى الخُلق والتربية وتقويم السلوك للطالب وتعزيزه وإحتوائه أتذكر بأنّني دَرّست طالبة اسمها سجى كانت بمنتهى العبقرية، حتّى أنني أتذكر خطها كان فائقاً، وبصراحة حتّى كان يبدو أجمل من خطّي وأنا معلمتها ، لكنها كانت
الواجبات المنزلية لا تساعد الطلبة على التعلم!
تبدو الواجبات المنزلية كشبحٍ يختبئ في حقيبة كلّ طالبٍ عائدٍ إلى المنزل، لكنّ السؤال، لماذا يُحسّها الطلاب كذلك ؟ كمعلمة أفهم طبيعة طريقة تفكير طلابي، إنّهم إذ يغادرون المدرسة ويغلقون الحقيبة، يريدون أن ينتهي امتداد البيئة التدريسية عند جرسِ نهاية الدوام وإعلان المغادرة! برأيي إنّ الواجبات المدرسية ليست أشغالاً شاقة يلقي بها المعلم على كاهل الطالب كما تمّ صياغة هذا الأمر فكرياً وتوارثه المجتمع جيلاً بعد جيل، وهل إنْ تمّ استثناؤها سيكون الأمر أفضل؟ ولماذا لا نستطيع فعلَ ذلك ؟