في أغسطس 2025 أعلنت السعودية عن إطلاق HUMAIN Chat، وهو أول تطبيق ذكاء اصطناعي محادثي يعتمد على نموذج اللغة العربي الضخم ALLAM 34B، ليكون بمثابة خطوة فارقة في تمكين أكثر من 400 مليون متحدث بالعربية من استخدام أداة صُممت خصيصًا لفهم فصحاهم ولهجاتهم المحلية مثل المصرية والسعودية واللبنانية. الذي يجعل هذه التجربة أعمق من مجرد إنجاز تقني هو أن البشر أعادوا تشكيل الذكاء الاصطناعي ليعكس منظومة قيم وهوية ثقافية ترتبط بالتراث واللغة والدين، فيتحول من آلة محايدة إلى كيان معرفي يشارك في صياغة المستقبل العربي معرفيًا واقتصاديًا. فأي مسارات جديدة يمكن أن تفتحها هذه التجربة لبناء نماذج ذكاء اصطناعي تعكس هوية وثقافة الشعوب الأخرى؟
كيف يُعيد البشر تشكيل الذكاء الاصطناعي؟
أعتقد أن هذا موجود منذ بداية سباق الذكاء الاصطناعي، فكل نموذج يعكس ثقافة ومعتقدات مطوريه، لأنهم بشكل أو بآخر يعكسون معتقداتهم على النموذج، وقد ظهر ذلك جليا في deepseek الذي كان يرفض الاعتراف بتايوان كدولة (وهذا معتقد صيني مشهور)، وبالتالي من المفترض ان يعكس النموذج معتقداتنا العربية
أعتقد أن هذا موجود منذ بداية سباق الذكاء الاصطناعي، فكل نموذج يعكس ثقافة ومعتقدات مطوريه،
الأحرى بنا أن نقول أن الداتا التي تدرب عليها هي التي تعكس توجهاته؛ فديب سيك مثلا لم يدربوه قصدا على أن تايوان هي جزء من الصين وإنما هذه هي الداتا التي تدرب عليها.
ولكن السؤال هنا: ماذا لو صححنا نحن هذه المعتقدات للنموذج بما أنه دائم التعلم فهل تظن أنه سيتأثر؟
أتوقع أن إطلاق HUMAIN Chat سيلفت انتباه مطوري الذكاء الاصطناعي حول العالم إلى أهمية "المحلية" في تصميم النماذج، لا من باب الترجمة فقط، بل من باب الفهم العميق للسياق الثقافي والاجتماعي واللغوي.
مثلاً قد تبدأ موجة جديدة من "التخصيص الجزئي" داخل النماذج الكبرى، حيث تبدأ الشركات العالمية بدمج طبقات محلية في نماذجها لتلبي احتياجات أسواق معينة دون الحاجة لبناء نموذج من الصفر، بل أنها ستفرض على الشركات الكبرى إعادة التفكير في الطريقة التي "يفهم" بها الذكاء الاصطناعي العالم، ليس كقرية واحدة بل كمجموعة هويات متداخلة تستحق أن تُفهم كما هي لا كما تُترجم.
موضوع مهم رغم أن الموقع لم يتم إطلاقه رسمياً بعض لأنني كنت من أول المسارعين لاستخدام النموذج بمجرد سماعي للخبر، ولكن برغم ذلك أجد أن النتائح واعدة مما أسمعه من أخبار فتخيل لو قدرنا نصبغ الذكاء الاصطناعي بلون ثقافتا وهويتنا العربية، مع نموذج السعودية الخاص HUMAIN Chat ونموذج ALLAM 34B! لأن الموضوع ده مش بس إنك تخلي آلة تتكلم لغتك – سواء فصحى أو لهجة مصرية بتاعت "إزيك" أو سعودية بـ"كيف الحال" – ده عن إنك تعطي الذكاء الاصطناعي روح المجتمع، قيمه، ونكهته الخاصة. التجربة السعودية دي هتكون ملهمة جداً للعرب والمسلمين ، لأنك من خلاله بتقول إن الذكاء الاصطناعي ممكن يكون أكتر من مجرد كود وخوارزميات؛ ممكن يكون مرآة للهوية، بيحكي قصصنا ويحترم تراثنا ودي أهم نقطة في النموذج بغض النظر عن مقارنته بالنماذج الكبيرة .
ممكن يكون مرآة للهوية، بيحكي قصصنا ويحترم تراثنا
لكن يا صديقي حمادة ماذا لو أصبحت الشركة المالكة للنموذج قابلة للاستحواذ؟ هل أيضا سيعود النموذج ويكمل وظيفته أم سيصبح مثلا مثل شركة كريم التي اشترتها أوبر لتخرجها من السوق بالتدريج؟
للأسف إن حدث هذا السيناريو سيتغير كل شيء ، وسنتحول مجدداً لنموذج للدراسة وسرقة البيانات ، ولكن بوجهة نظري المتواضعة لا أظن أن السعودية تقوم ببذل كل هذا الجهد لإطلاق نموذجها الخاص وبناء البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي حتى تبيع هذا النموذج وتسمح لشركة أخرى بالاستحواذ عليه ، هذا ليس منطقياً .
بوجهة نظري المتواضعة لا أظن أن السعودية تقوم ببذل كل هذا الجهد لإطلاق نموذجها الخاص وبناء البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي حتى تبيع هذا النموذج وتسمح لشركة أخرى بالاستحواذ عليه ، هذا ليس منطقياً .
السوق عرض وطلب يا صديقي؛ خصوصا في التقنية فماذا لو جاء عرض قوي لا يُرفض؟ في النهاية هذا استثمار ولا يُدار بالعاطفة أبدا وإنما بالأرقام.
أعتقدها تجربة مميزة إن نجحت، لكنني لا أراها ستغيد تشكيل تجربة الذكاء الاصطناعي كلياً
أعادوا تشكيل الذكاء الاصطناعي ليعكس منظومة قيم وهوية ثقافية ترتبط بالتراث واللغة والدين
ليس لتلك الدرجة، المشكلة حاليًا في المجتمع نفسه، هل ما زال متمسكًا بالهوية والثقافة والدين واقعيًا، حتى يسعى لبرمجة تلك الأداة لتعبر عن ذلك؟
لا أعتقد، بل ستكون بها بعض الأفكار السطحية المموهة وليست العميقة، بما يتماشي ولو قليلًا مع الأفكار العالمية، خاصة وأن الكثير من هويتنا العربية الحقيقية تختلف تمامًا عن المعتقدات الغربية والتي تملك ما يكفي لتهيمن ليس فقط على التقفنية وإنما الأفكار والهويات.
ما اراه هو أن ذلك النموذج قد يندمج في باقي النماذج من الناحية التطبيقية مع بعض الإضافات التي تعبر عن الصور الظاهرية للبيئة العربية.
ما اراه هو أن ذلك النموذج قد يندمج في باقي النماذج من الناحية التطبيقية مع بعض الإضافات التي تعبر عن الصور الظاهرية للبيئة العربية.
أولا: حمدا لله على السلامة يا ميادا غيبتك طالت.
ثانيا: ماذا تعني بعبارة أنه سيندمج؟ هل تقصدين الاقتباس أو حتى الاستحواذ أم أنّ ما ترمين إليه يتعدى ذلك بكثير؟
أيضا ما الذي يمنع أن نرسخ فيه هويتنا ألسنا في الأساس نعلم النماذج وطالما هذا النموذج كله عربي فإن تعليمه بالطبع سيكون أسهل.
سلمك الله، يا حسين، جزاكم الله خيرًا للترحيب.
ماذا تعني بعبارة أنه سيندمج؟ هل تقصدين الاقتباس أو حتى الاستحواذ أم أنّ ما ترمين إليه يتعدى ذلك بكثير؟
لا أعتقد أن هناك حاجة للاقتباس فمعظم النماذج المتاحة حاليًا متشابهة تقريبًا عدا بعض الميزات القليلة تبعًا للتطبيقات. ولا أقصد أيضًا الاستحواذ، فلا اعتقد أنه سيملك الميزات الكبرى للفت أنظار باقي الشركات، الطفرة كانت في البداية وانتهي الأمر.
ما الذي يمنع أن نرسخ فيه هويتنا ألسنا في الأساس نعلم النماذج وطالما هذا النموذج كله عربي فإن تعليمه بالطبع سيكون أسهل
لا يوجد ما يمنع إذا كنا كعرب مسلمين ما زلنا محتفظين أصلًا بهويتنا الفريدة كما هي،. أصيلة، لكن الواقع والأفكار الموجودة مليئة بالشوائب من ثقافات أخرى غريبة، والحقيقة أنه لا يوجد من ما زال يريد التمسك بالأصل أو تطبيقه كما هو، لأن ذلك لن يجعله إلا بدائيًا رافضًا للعولمة.
التعليقات